ذكرى قيام الجمهورية العراقية.. خطط التحضير وحركة تموز والساعة صفر
تحل علينا ذكرى 14 يوليو/ تموز 1958، ذكرى قيام الجمهورية والعيد الوطني العراقي والذي تحول فيه نظام الحكم في العراق من الملكي إلى الجمهوري.
الشرارة بدأت عندما وقع العدوان الثلاثي على مصر، سنة 1956 من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بسبب تأميم مصر لقناة السويس.
وشجبت الحكومة العراقية العدوان، ومع قيام الاتحاد العربي – الجمهورية العربية المتحدة بدأ الشعور القومي لدى فئة من العراقيين بالظهور، وفي 14 فبراير 1958 تم إعلان الاتحاد العربي الهاشمي بين العراق والأردن.
العوامل المباشرة للحركة
وكانت العوامل المباشرة للحركة، رد فعل الجماهير الغاضبة على احتلال بريطانيا للعراق بعد إسقاط ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 وإعدام الضباط الأحرار والوطنيين من الضباط المشاركين في الثورة.
هزيمة الحكومات العربية في حرب فلسطين
وكان العامل الثاني، هزيمة الحكومات العربية في حرب فلسطين إبَّان حرب 1948، علاوة على جملة من العوامل الداخلية الأخرى كتردي الأحوال المعيشية والإجتماعية.
اجتماع عاجل للتنظيم
وفي مطلع تموز من عام 1958، وعند صدور الأوامر بتحرك القطعات للمفرق بالأردن مروراً ببغداد دعا عبد الكريم قاسم، وعبد السلام عارف، لعقد اجتماع عاجل للتنظيم حيث أبلغا التنظيم الذي تلكأ كثيرا بالقيام بالثورة بأنهما سيقودا عدداً من ضباط التنظيم لاستغلال هذه الفرصة للإطاحة بالنظام الملكي.
اتفق عارف مع قاسم بإعطاء التنظيم فرصة أخيرة للتحرك من خلال ضم الفرق الأربعة العسكرية الموزعة في المحافظات العراقية الأخرى لمساندة تحرك قطعات المنصورية، والذي كان يشغل منصب أمر المعسكر حينها الرئيس الأول إبراهيم الشيخ علي آل غصيبه، وهو أحد أعضاء تنظيم الضباط الأحرار منذ عام 1955.
وذهب عارف وحده قائلًا: “أنا والزعيم نخبركم لآخر مرة بأنه في حالة عدم الاشتراك معنا فنقول لكم هذا حدنه وياكم”.
خطط التحضير والقيام بالحركة
وضع الرجلان خطط التحضير والقيام بحركة تموز 1958، وأعطيت لخلية التنظيم من الضباط ممن تقرر إشراكهم في تنفيذ الحركة بعد أن توجس قاسم من تصرفات الحكومة وأي عملية ثورة مضادة فاتفق مع العقيد عارف بإنشاء غرفة عمليات سرية يديرها قاسم من مقرة في معسكر المنصورية برفقة آمر المعسكر الرئيس الأول إبراهيم الشيخ علي ال غصيبه وبعض الضباط الآخرين من التنظيم، وأوكلت لبقية الضباط تنفيذ العمليات داخل وخارج بغداد مستغلين فرصة قيام الاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن وتحرك القطعات العراقية لإسناد الأردن ضد التهديدات الإسرائيلية لقيام الاتحاد.
كما اتفق التنظيم على عدم إخبار القوات الزاحفة من غير أعضاء التنظيم، بما ستقوم به في بغداد من إعلان للثورة خشية من تسرّب أخبار ذلك إلى الحكومة وقيادة الجيش، وإصدار التعليمات للضباط أعضاء التنظيم، الذين سيقومون بمهام تنفيذ الحركة بعدم أخبار أي ضباط آخرين للمحافظة على السرية والمباغتة، ومنعاً لتسرب أخبار الثورة.
الساعة صفر
تولّى القيادة الرئيسية للعمليات منذ ذلك الحين، رجلان مع دعم ضباط أعضاء التنظيم، هما عبد الكريم قاسم آمر اللواء التاسع عشر، وعبد السلام عارف آمر اللواء العشرين.
وقد أخفيا الموعد المحدد لقيام الحركة، لضمان عدم تسرب الأخبار، وفي يوم 13 تموز، قام كلاهما بزيارة بغداد وتحديد مسار الحركة ومهام التنفيذ.
وفي 10 تموز، وبعد عطلة عيد الأضحى مباشرة، صدرت الأوامر العسكرية من القيادة العامة للجيش بتحرك اللواء العشرين في 14 تموز إلى الأردن، وكان اللواء العشرين أحد تشكيلات الفرقة الثالثة التي يقودها الفريق غازي الداغستاني في معسكر المنصورية، للوقوف في وجه التهديدات الإسرائيلية على الأردن.
وكان قائد الجحفل أو القطعات المنتخبة من معسكرات مختلفة والمتجهة إلى الأردن، هو اللواء أحمد حقي، وعند ذلك اعتبر قادة الحركة بأن الفرصة مناسبة لتنفيذ حركتهم أو ثورتهم ضد الحكم الملكي.
من هو عبد الكريم قاسم ؟
ولد عبد الكريم قاسم في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1914 في محلة المهدية بجانب الرصافة من بغداد من أبوين عراقيين في ظل عائلة كانت تعاني الفقر وشظف العيش، كان والده نجارا بسيطا.
ورغم المعاناة، استطاع قاسم إكمال تعليمه والتخرج من المدرسة الثانوية المركزية ببغداد عام 1931 في الفرع الأدبي ليعمل بعد ذلك معلما لمدة عام تقريبا.
وتخرج قاسم عام 1934 برتبة ملازم ثان، وفي غضون سنوات تدرج في الرتب العسكرية حتى رقّي إلى عميد ركن وبات يشغل مواقع عسكرية هامة.
إعلان الجمهورية العراقية
وأعلنت الجمهورية العراقية ولأول مرة، وعند الشروع بالحركة بادر عبد السلام عارف بصفته أحد قادة التنظيم وعضوا في اللجنة العليا، بأن يتبنى صياغة البيان نظرا لاتقانه اللغة العربية، وتمتعه بصوت خطابة جهوري.
ونظرا لأنه قام بمهمة تنفيذ “الثورة”، فقد قرر من جانبه وضع البيان وإذاعته عند نجاحه بالسيطرة على مبنى دار الإذاعة العراقية.
وبعد نجاحه في السيطرة على بغداد، أذاع عبد السلام عارف بنفسه البيان الأول، وأصبح اسم العراق الجمهورية العراقية، وتولى العميد الركن عبد الكريم قاسم منصب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة.
كما تولى العقيد الركن عبد السلام عارف، نائب رئيس الوزراء، ونائب القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية.
وتم توزيع الحقائب الوزارية والمسؤوليات حسب أدوار الضباط من أعضاء تنظيم الضباط الوطنيين وإسهامهم في الحركة.