الإمارات ومصر... 50 عامًا من العلاقات المتينة والروابط التاريخية
![الأمصار](/Upload/files/0/4/37.jpg)
علاقات تاريخية ممتدة لأكثر من 50عاماً بين الإمارات ومصر، أرسى دعائمها الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إيماناً منه بمكانتها.
وتحتفل الإمارات ومصر بمرور 50 عاما من العلاقات المتينة والروابط التاريخية، عبر تنظيم احتفالية كبرى تحت شعار "مصر والإمارات قلب واحد"، تتضمن أجندة متنوعة من الفعاليات خلال الفترة ما بين 26 ولغاية 28 أكتوبر، تشرين الأول الجاري، تستضيفها القاهرة، بحضور وزراء من حكومتي البلدين، وأكثر من 1800 شخصية من كبار المسؤولين ورجال الأعمال والمستثمرين والمثقفين والمبدعين والإعلاميين.
![](/Upload/libfiles/11/6/384.jpg)
استعدادات ضخمة بالقاهرة
تشهد القاهرة استعدادات مكثفة، وفعاليات مواكبة لانطلاق فعاليات الاحتفال بمرور 50 عاماً على تأسيس العلاقات الرسمية الإماراتية المصرية.
وتلك الاحتفالية تنظمها حكومة دولة الإمارات، بالتعاون مع الحكومة المصرية خلال الفترة من 26 إلى 28 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري في القاهرة.
وتواكب تلك الاستعدادات تغطيات شاملة ومتنوعة في وسائل الإعلام المصرية، بما فيها الصحف والمواقع الإخبارية، التي خصصت مساحات واسعة لإلقاء الضوء على خصوصية العلاقات الثنائية التي تجمع بين البلدين الشقيقين، وتاريخها، وأبرز محطاتها.
ونقلت وسائل إعلام مصرية تصريحات عديدة لوزراء ومسؤولين مصريين في هذا الصدد، وتابعت تفاصيل انطلاق مهرجان رياضي ضخم احتفالًا بمرور 50 عاماً على تأسيس العلاقات المصرية الإماراتية تحت شعار "مصر والإمارات قلب واحد"، تنظمه الإدارة المركزية للتنمية الرياضية بوزارة الشباب والرياضة المصرية"، بالتزامن مع انطلاق سباق للدراجات الهوائية بجميع المحافظات المصرية.
وقالت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة المصرية، إن العلاقات التي تربط بين مصر ودولة الإمارات، "هي علاقات أخوة نموذجية يحتذى بها، وهي مثال للعلاقات الثنائية الناجحة والمميزة"، وأن هناك: "فعاليات ثقافية عديدة سيتم تنظيمها بمناسبة مرور 50 عاماً على تأسيس العلاقات بين البلدين".
ووفق وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، أكدت الوزيرة المصرية، أن الاحتفال بمرور نصف قرن على العلاقات بين البلدين يُبرز طبيعة قوة ومتانة تلك العلاقات الممتدة على مدار خمسة عقود من التعاون في مختلف المجالات، مضيفة: "نُبارك لأنفسنا والشعب الإماراتي كله بهذه المناسبة"، واصفة الاحتفالية بأنها مناسبة للاحتفال "بمرور 50 عاماً من الأخوة والصداقة والسند والدعم".
وأضافت: "نحن نحتفل بتاريخ طويل من العلاقات المميزة.. كانت دولة الإمارات حريصة على تقديم الدعم والمساندة لمصر في كثير من المحطات".
وأوضحت وزيرة الثقافة المصرية، أن العلاقات بين البلدين حكومة وشعباً هي "علاقات نموذجية للعلاقات العربية-العربية، وأن التاريخ يشهد على عديد من المحطات البارزة لوقوف الإمارات إلى جانب في مصر في مواقف كثيرة".
وقالت: "تشارك في الاحتفالية التي تُقام في مصر العام الجاري بهذه المناسبة العديد من الوزارات المختلفة، وتُبرز جانباً من حجم تلك العلاقات وتنوعها، كما تشارك وزارة الثقافة بعدد من الفعاليات المختلفة، وتنظم بعض المعارض والملتقيات، من بينها معارض للحرف التراثية وملتقيات لبعض الأنشطة الخاصة، والتي تأتي تعبيراً عن روح المودة والأخوة بين البلدين".
كما أطلق الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة بمصر، عبر الفيديو كونفرانس، مهرجانا رياضيا احتفالًا بمرور 50 عاما على تأسيس العلاقات المصرية الإماراتية تحت شعار "مصر والإمارات قلب واحد"، والذي تنظمه الإدارة المركزية للتنمية الرياضية بوزارة الشباب والرياضة المصرية.
![](/Upload/libfiles/11/6/386.jpg)
وأوضح صبحي أن إقامة الاحتفالية تعكس عمق العلاقات بين مصر ودولة الإمارات والحرص على تعميق هذه العلاقات القوية المتينة على المستوى الحكومي والشعبي، وتأكيدا على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والذي يدل على وجود امتداد شعبي إلى جانب التعاون الحكومي وتوافق الرؤى بين قيادتي البلدين.
وأشار إلى أن إقامة المهرجانات الرياضية في جميع المحافظات المصرية يتم بالتزامن مع مهرجان مقام أيضاً في العاصمة الإدارية الجديدة، وذلك احتفالاً بمرور 50 عاما على تأسيس العلاقات المصرية الإماراتية.
وانطلق المهرجان تزامنا مع انطلاق سباق للدراجات الهوائية بجميع المحافظات المصرية، بمشاركة 500 شاب وفتاة من كل محافظة على مستوى مصر، وسبقه عدد من العروض الاستعراضية الفنية والرياضية بمشاركة فرق الجوالة في عدد من المحافظات المصرية.
وأبرزت التغطيات الإعلامية المختلفة صوراً معبرة لانطلاق المهرجان، والسباق، لا سيما في العاصمة الإدارية، والقاهرة، ومحافظة بورسعيد يترافق فيها العلمان الإماراتي والمصري، ابتهاجاً وتفاعلاً مع قرب انطلاق فعاليات الاحتفال بمرور 50 عاماً على تأسيس العلاقات الرسمية الإماراتية المصرية.
حجم التبادل التجاري بين البلدين
بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات ومصر خلال الـ22 عاما الماضية أكثر من 247.68 مليار درهم بنهاية العام الماضي 2021.
وتعد دولة الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لمصر على المستوى العربي، فيما تعد مصر خامس أكبر شريك تجاري عربي لدولة الإمارات في التجارة البينية غير النفطية، وتستحوذ على 7% من إجمالي تجارتها غير النفطية مع الدول العربية فيما تعد دولة الإمارات أكبر مستثمر في مصر على الصعيد العالمي برصيد استثمارات تراكمي يزيد عن 55 مليار درهم.
وبلغ إجمالي قيمة التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات ومصر في الـ22 عاما الماضية بالفترة من عام 2000 حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري 2022، أكثر من 247.68 مليار درهم بنسبة نمو بنهاية العام الماضي 2021 تصل إلى 3635%، بحسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء.
وارتفع حجم التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات ومصر من 744 مليون درهم في عام 2000 إلى أكثر من 27.79 مليار درهم في عام 2022.
فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال النصف الأول من العام الجاري أكثر من 14.1 مليار درهم، مقارنة مع 13.2 مليار درهم في الفترة ذاتها من العام الماضي بنمو 6.4%.
وتوزعت التجارة بين البلدين خلال الفترة من عام 2000 حتى نهاية النصف الأول من العام 2022، بين واردات بقيمة 83.3 مليار درهم وصادرات بقيمة 61.3 مليار درهم وإعادة تصدير بقيمة 102.9 مليار درهم، في حين أظهرت الأرقام معدلات النمو المطرد في حجم التجارة بين البلدين خلال تلك الفترة والتي بلغت في عام 2012 أكثر من 10.45 مليار درهم وقفزت إلى 20.14 مليار درهم في عام 2018.
وتضمنت قائمة أبرز 3 سلع واردات للتبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2021، ذهب خام بقيمة 1.39 مليار درهم وطوابع بريدية ومالية وما يماثلها بقيمة 1.23 مليار درهم وشاشات عرض بقيمة 1.01 مليار درهم.
فيما تضمنت قائمة أبرز 3 سلع تم تصديرها إلى مصر، ذهب خام بقيمة 2.83 مليار درهم و بوليمرات الإيثلين بقيمة 1.2 مليار درهم وبوليمرات البروبلين بقيمة 822 مليون درهم.
وشملت قائمة أبرز 3 سلع تم إعادة تصديرها إلى مصر "أجهزة اتصالات بقيمة 4.03 مليار درهم وآلات للمعالجة الذاتية للمعلومات وحدها بقيمة 1.96 مليار درهم وزيوت نفط وزيوت متحصل عليها من موارد معدنية قارية غير الزيوت الخام بقيمة 450 مليون درهم.
![](/Upload/libfiles/11/1/693.jpg)
وتقدر قيمة الاستثمارات الصادرة من دولة الإمارات إلى مصر خلال الفترة من عام 2003 وحتى عام 2019 بحوالي 110 مليارات درهم، فيما تتصدر دولة الإمارات المركز الأول عالمياً في عدد الشركات العاملة في مصر بنحو 1250 شركة برؤوس أموال قدرها 17 مليار دولار.
وتعد دولة الإمارات أكبر مستثمر في مصر على الصعيد العالمي، برصيد استثمارات تراكمي يزيد عن 55 مليار درهم وتعمل أكثر من 1250 شركة إماراتية في مصر في مشاريع واستثمارات تشمل مختلف قطاعات الجملة والتجزئة، والنقل والتخزين والخدمات اللوجستية، والقطاع المالي وأنشطة التأمين، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والعقارات والبناء، والسياحة، والزراعة والأمن الغذائي، وغيرها.
وتستثمر الشركات المصرية أكثر من 4 مليارات درهم في دولة الإمارات أبرزها في القطاع العقاري والمالي والإنشاءات وتجارة الجملة والتجزئة.
وتم الإعلان في مايو/أيار 2022 عن الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة تجمع الدولتين، بالإضافة إلى المملكة الأردنية الهاشمية، وتخصيص صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار، للاستثمار في المشاريع المنبثقة عنها.
وشهد عام 2019 إطلاق منصة استثمارية استراتيجية مشتركة بين دولة الإمارات ومصر، بقيمة 20 مليار دولار لتنفيذ مشاريع حيوية في مجالات اقتصادية واجتماعية، فيما أعلن عدد من الشركات الإماراتية خلال الفترة الماضية عن مشاريع استثمارية كبيرة في مصر.
وأعلنت شركة سكاي أبوظبي عام 2021 سعيها لاستثمار 15 مليار جنيه في مشاريع عقارية في مصر خلال عامين.
كما أكدت شركة موانئ دبي العالمية في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 نيتها استثمار ما بين 25 و35 مليون دولار في ميناء العين السخنة خلال العامين إلى الثلاثة أعوام المقبلة ليصبح مجموع استثمارات موانئ دبي في مصر 1.6 مليار دولار.
وأعلنت مجموعة الفطيم في يونيو/حزيران 2022 عن نيتها ضخ استثمارات قيمتها 700 مليون إلى مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وشملت استثمارات لشركة أبوظبي القابضة ADQ في مصر حصصا في البنك التجاري الدولي "CIB" أحد أكبر البنوك المصرية، ومنصة "فوري" الرائدة في التحوّل الرقمي والمدفوعات الإلكترونية في مصر، وشركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وشركتي "مصر لإنتاج الأسمدة" "موبكو" و"أبوقير للأسمدة والصناعات الكيماوية".
محطات بارزة بين البلدين
في عام 1971، كانت مصر من أوائل الدول التي دعمت قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وسارعت إلى الاعتراف بها.
وبعد هذا الاعتراف، قامت مصر بتبادل العلاقات على مستوى السفارات، هذا إلى جانب العديد من المحطات البارزة العديدة في العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين في مختلف المجالات.
وفي سنوات السبعينيات الأولى قامت القاهرة بدور كبير في دعم دولة الإمارات دوليًا وإقليمًيا باعتبارها ركيزة للأمن والاستقرار وإضافة جديدة لقوة العرب.
وتقديرا لدوره في مساندة قيام الاتحاد، أهدى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات في زيارته له سنة 1971، وشاح آل نهيان.
ففي هذه المرحلة المبكرة من العلاقات الثنائية، قدمت مصر دعماً كبيراً لدولة لإمارات، خصوصاً مع بعثات المدرسين والمهندسين والأطباء التي استقبلتها الإمارات، فضلاً عن فتح مصر ذراعيها لاستقبال الطلاب الإماراتيين بحفاوة وترحاب.
وبعد ثورة 30 يونيو/حزيران بمصر عام 2013، دعا الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 سبتمبر/أيلول من نفس العام، إلى تقديم الدعم للحكومة المصرية وللاقتصاد المصري بما يعزز مسيرتها نحو التقدم والازدهار.
ونفس العام، شهد زيارة مهمة قام بها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى مصر.
وبادرت دولة الإمارات في مساعدة الجانب المصري فضلاً عن الاشتراك في استثمارات كبرى لدعم الدولة، ولن ينسى التاريخ مقولة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خلال المؤتمر الاقتصادي المصري في مارس/آذار 2015.
إذ قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم "إن وقوفنا مع مصر في هذه الظروف ليس كرهاً في أحد ولكن حباً في شعبها، وليس منّةً على أحد بل واجب في حقها" وتأكيد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على أن "دولة الإمارات ستبقى دائماً مع مصر".
![](/Upload/libfiles/11/6/387.jpg)
"أمن الخليج من أمن مصر"
دائماً ما يكرر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مقولة: "أمن الخليج من أمن مصر" وهي مقولة صارت منهجاً لدى الدولة المصرية في الفترة الأخيرة، وذلك تقديراً للدور الخليجي، لا سيما الإماراتي، في مساندة مصر وشعبها، بعد فترة عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي التي شهدتها ما بين عامي 2011 و2013.
وقد انضمت مصر لعملية "عاصفة الحزم" التي بدأت عام 2015، وشاركت في مواجهة تهديد الملاحة العالمية في مضيق "باب المندب"، والتي تعد تهديدا للأمن القومي الخليجي، والأمن القومي العربي بأكمله.
وفي نوفمبر/تشرين ثاني 2019، قلد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حينما كان آنذاك ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الرئيس المصري، وسام زايد، وهو أعلى وسام تقدمه دولة الإمارات لملوك الدول ورؤسائها وقادتها، وذلك تقديراً لدوره البارز في دعم العلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة.
ويحظى الأزهر الشريف بتقدير كبير من جانب المسؤولين والمواطنين الإماراتيين، باعتباره واحداً من أهم وأقدم المراجع الدينية المعتدلة في العالم الإسلامي، فضلاً عن وجود تعاون بين الأزهر وجامعته ووزارتي الأوقاف في كلا البلدين لإصدار الكتب الدينية والمطبوعات للأزهر الشريف بدعم من الجانب الإماراتي.
وفي عام 2011، احتفل الأزهر بإنجاز مشروع محمد بن راشد آل مكتوم لحفظ مخطوطات الأزهر ونشرها على الإنترنت، وتسلمت مشيخة الأزهر المشروع الذي يتضمن توثيق وحفظ مخطوطات الأزهر البالغة 50 ألف مخطوطة تضم أكثر من 8 ملايين صفحة تغطي 63 فرعاً، وتخزين أكثر من 125 ألف مرجع وإنشاء شبكة اتصالات داخلية للربط بين المعاهد الأزهرية الرئيسة.
ويتولى الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئاسة مجلس حكماء المسلمين ومقره أبوظبي والذي يضم نخبة من علماء العالم الإسلامي، ويقوم بدور عالمي رائد في نشر التسامح والاعتدال ومواجهة الفكر المتطرف.
كما اشترك الطيب كذلك في إطلاق وثيقة الأخوة الإنسانية مع البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، وقد استضافت الإمارات هذا الحدث العالمي الكبير في فبراير/شباط 2019 فيما قام الأزهر الشريف بافتتاح فرع جامعة الأزهر.
و في الإمارات، التي احتضنت أول فرع للجامعة في العالم خارج مصر. وقد بدأت الجامعة عملها في مدينة العين، في العام الدراسي 2016، بثلاثة تخصصات هي: الدعوة والإعلام، والتربية الإسلامية، والدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية. كما قامت مؤسسة زايد للأعمال الخيرية بإقامة مركز ثقافي إسلامي في مصر تحت اسم “مركز زايد للثقافة والتكنولوجيا” تابع لجامعة الأزهر الشريف.