مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

في يوم بغداد.. أهم الفترات التي مرت بها مدينة السلام بعد الغزو الأمريكي

نشر
الأمصار

تعيش مدينة السلام بغداد ذكرى تأسيسها في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني، وهي تخط التاريخ العتيق بين أقدم المدن العربية والإسلامية بعد أن اختارها الخليفة أبو جعفر المنصور قبل نحو 1259 عاما، عاصمة للخلافة العباسية.

وتمتلك العاصمة العتيقة تاريخاً يمتد لما يقارب 1300 عاماً، حفظ في أسفاره حكايات وروايات توزعت بين المجد والتفرد في التطور وبين الغزوات وطمع الحاسدين

وشهد العراق في الأعوام الأخيرة فترات صعبة نتيجة الأحداث السياسية التي شهدها العراق.

بغداد آخر 20 عامًا

بغداد لم تمر بفترة صعبة كتلك التي مرت بها خلال الـ 19 عاما الماضية، خاصة بعد غزو العراق 2003، وسقوط نظام صدام حسين، الذي كان له عاملا كبيرا في تدهور بغداد وتراجع دورها قبل أن تعود خلال الأيام الأخيرة وتسترد عافيتها.

ففى 9 أبريل عام 2003، أعلن الجيش الأمريكى السيطرة على العاصمة العراقية بغداد، فى معارك دارت مع القوات العراقية، حيث بدأت القوات الأمريكية بالتحرك باتجاه بغداد، عندما كان جورج بوش (الابن) رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، واليوم السبت تمر الذكرى الـ 19 على سقوط بغداد.

غزو العراق


وبدأت الحرب بحملة قصف عنيفة أطلق عليها "الصدمة والترويع"، حيث تلقت بغداد وحدها ألف غارة جوية في ليلة واحدة.

وقتل الآلاف من القوات المسلحة العراقية وعدد قليل من القوات الأمريكية، كما قُتل العديد من المقاتلين الذين وفدوا إلى العراق قُبيل عملية الغزو، وقتل العديد منهم، وتحديدًا في منطقة الأعظمية في بغداد، كما نقل عن شهود عيان أن هؤلاء المقاتلين حاربوا بشدة وبأسلحة خفيفة ومتوسطة ضد آليات ومشات الجيش الأمريكى، كما شهدت مستشفى اليرموك في بغداد، وفود 100 قتيل في الساعة أثناء تلك المعركة .

وبعد انتهاء المعركة دخلت القوات الأمريكية مدينة كركوك شمال العراق بتاريخ 10 أبريل 2003 ومدينة تكريت مسقط رأس الرئيس العراقى السابق صدام حسين بتاريخ 15 ابريل - 2003.

تاريخ بغداد

تأسست مدينة بغداد عام 762 ميلادية من قبل الخليفة الثاني للدولة العباسية أبو جعفر المنصور لبناء عاصمته، فتم بناء مدينته "مدينة السلام" داخل أسوار دائرية وسميت "المدينة المستديرة".

وكانت بغداد لدى بنائها مجمعا حكوميا أكثر من كونها مدينة سكنية، وكان قطرها حوالي 2700 متر ولها ثلاثة أسوار، وكانت تأوي حاشية الخليفة، وقد ربطت أربع 4 طرق رئيسية بين قصر الخليفة والمسجد الكبير في المركز ومختلف أنحاء الإمبراطورية.

وأدى الحجم المحدود لهذه المدينة إلى توسع سريع خارج أسوارها حيث قام التجار ببناء المتاجر والمنازل حول البوابة الجنوبية و شكلوا منطقة الكرخ، ومن البوابة الشمالية الشرقية، تم ربط طريق خراسان بـ جسر من القوارب إلى الضفة الشرقية لنهر دجلة.

وقد تم تأسيس مقر الخلافة بالكامل على الضفة الشرقية عام 946، ونمت الرصافة لـ تنافس المدينة المستديرة، وتقول دائرة المعارف البريطانية إن بغداد وصلت إلى أوج ازدهارها الاقتصادي والفكري في القرنين الثامن وأوائل القرن التاسع تحت حكم المهدي الذي حكم بين عامي 775 و 785 الميلاديين وخليفته هارون الرشيد (786-809).

وفي ذلك الوقت اعتبرت مدينة بغداد أغنى مدينة في العالم، وكانت مكتظة سفن قادمة من الصين والهند وشرق إفريقيا، غير أن الحرب الأهلية التي اندلعت بين نجلي هارون الرشيد (الأمين والمأمون) أدت إلى تدمير جزء كبير من المدينة المستديرة.

وبعد توليه، شجع الخليفة المأمون  ترجمة الأعمال اليونانية القديمة إلى العربية، وأسس المستشفيات والمرصد، وجذب الشعراء والحرفيين إلى عاصمته، ومنذ منتصف القرن التاسع وما بعده، ضعفت الخلافة العباسية تدريجيا بسبب الصراع الداخلي، والفشل الزراعي الناجم عن إهمال نظام الري.

وبين عامي 836 و 892 هجر الخلفاء بغداد إلى سامراء في الشمال، واستولى على المدينة الأتراك المشاغبون الذين تم جلبهم كحراس شخصيين، وعندما عاد الخلفاء إلى بغداد جعلوا عاصمتهم على الضفة الشرقية.

وقد أدت الغزوات والحكم من قبل العناصر الغريبة السلالة البويهية وسلالة السلاجقة التركية بين  إلى تحول أجزاء من المدينة إلى خراب.

معاناة مدينة بغداد

كان هذا الانحدار الطويل والبطئ مجرد مقدمة للهجمات المدمرة التي لم تتعافى منها بغداد حتى القرن العشرين، فقد استمرت الخلافة العباسية نحو خمسة قرون، قبل أن تنتهي نهاية مروعة على أيدي المغول، فقد اجتاح هولاكو، حفيد الفاتح المغولي جنكيز خان، في عام 1258 ميلادية بلاد ما بين النهرين ونهب بغداد وقتل مئات الآلاف من السكان، كما دمر العديد من السدود مما جعل استعادة نظام الري شبه مستحيل، وبالتالي تدمير إمكانات بغداد للازدهار في المستقبل.

أما عن المستعصم بالله آخر الخلفاء العباسيين فقد قام المغول بلفه في سجادة، وداسوه بحوافر خيولهم حتى الموت، لكن رغم ذلك بقيت مؤسسة الخلافة، ومنح المماليك، وهم القوة الرئيسية للمسلمين السنة في ذلك الوقت، لقب الخليفة لبعض أفراد الأسرة العباسية بشكل شرفي.

وفي مطلع القرن السادس عشر انتقل هذا اللقب إلى السلاطين العثمانيين، الذين حكموا إمبراطورية إسلامية جديدة لنحو أربعة قرون ، وفي عام 1924، ألغيت الخلافة الإسلامية على أيدي مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس دولة تركيا الحديثة.

الحكم العثماني

بعد سقوطها في يد المغول، باتت بغداد عاصمة إقليمية، أو الأباطرة المغول في إيران من سلالة الخانيد (1258-1339)، ثم أتباعهم الجلايريين (1339-1410)، وفي عام 1401 تعرضت المدينة لعملية نهب من قبل تيمورلنك، وبعد ذلك سقطت تحت سيطرة سلالتين تركمانيين متتاليتين هما أك كويونلو وكارا كويونلو (1410-1508) ، وكلاهما لم يفعل الكثير لاستعادة مكانتها، ثم وفي عام 1508 أدمجت بغداد مؤقتا في الإمبراطورية الفارسية الجديدة التي أنشأها الشاه إسماعيل الأول من سلالة الصفويين، وفي عام 1534، استولت الإمبراطورية العثمانية السنية في عهد السلطان سليمان الأول على المدينة.

استعادة الازدهار 

ورغم الهجمات الفارسية المتكررة، ظلت بغداد تحت الحكم العثماني حتى الحرب العالمية الأولى باستثناء فترة وجيزة (1623-1638) عندما احتلها الفرس مرة أخرى، وقد نما النفوذ الأوروبي في بغداد في القرن التاسع عشر مع إنشاء الرهبانيات الفرنسية وزيادة التجارة الأوروبية.

وفي عام 1798، تم إنشاء بعثة دبلوماسية بريطانية دائمة هناك، وسرعان ما اكتسب المقيمون البريطانيون سلطة ومكانة في المرتبة الثانية بعد الحاكم، وبدأت بغداد تستعيد الازدهار مع انطلاق الرحلات البخارية على نهر دجلة في ستينيات القرن التاسع عشر، ثم بعد ذلك قام العديد من الحكام العثمانيين الإصلاحيين النشطين بتحسين أوضاع المدينة، وخاصة مدحت باشا.

وخلال فترة ولاية مدحت باشا (1869-1872) دمر أسوار المدينة وأصلح الإدارة وأنشأ صحيفة وأنشأ مطبعة حديثة، كما تم إنشاء التلغراف والمصانع العسكرية والمستشفيات والمدارس الحديثة إلى جانب مجلس بلدي.

أهم المعلومات عن بغداد

تقع مدينة بغداد وسط العراق على نهر دجلة، عند خط العرض 33 وخط الطول 44، وتتوسط مدن العراق الرئيسة شمالا وجنوبا، وتبلغ مساحتها نحو 660 كيلومترا مربعا، ويقسمها نهر دجلة إلى جزأين: "الكرخ" في الجزء الغربي و"الرصافة" في الجزء الشرقي.

ولبغداد القديمة أسماء عدة منها "الزوراء"، و"المدينة المدورة"، وسبب تسميتها بـ"المدورة" هو حرص المنصور على بنائها على شكل دائري، وهو اتجاه جديد في بناء المدن الإسلامية، لأن معظم المدن الإسلامية في ذلك الوقت كانت إما مستطيلة كالفسطاط، أو مربعة كالقاهرة، أو بيضوية كصنعاء.