علي الزبيدي يكتب: في الصميم .. إلى أجمل الجميلات في يومها
هي الروح حين تزهو بالعشق محبوبة عند كل من تنفس هواءها وشرب من ماء دجلتها هي عيون المها بين الرصافة والجسر
بغداد مدينة السلام ودار العز والحضارة والتمدن والرقي في كل شيء بغداد حاضرة الدنيا التي قادت العالم عقودا من الزمن حتى قال هارون الرشيد مخاطبا غيمة مرت من فوق رأسه بقولته المشهورة (سيري فاين ما تمطرين فخراجك عائد الي)
(هي أجمل من كل جميلة ) وهي التي كانت قبلة الناس ومحط رحالهم وموطن الصيد الاشاوس وملهمة الشعراء بكل ما حوته هذه المدينة الشامخة بتاريخها العريق أنها قلب العراق والأمة العربية والشرق قديما وحديثا.
هي بلد الرشيد و قلعة الاسود والشعراء والصور ودع ذكر روما
وبغداد ما اشتبكت عليك الاعصر هي في صوت ام كلثوم وفيروز وكاظم الساهر .
لقد ظلمت بغداد واول من ظلمها هم اهلها الذين سمحوا للفاسدين ان يخربوا كل شيء جميل فيها وإلا أيعقل ان يمر مرور الكرام يوم تأسيس وبناء بغداد في الخامس عشر من الشهر الجاري هذه المدينة الراقية في كل تفاصيلها والتي تغنى بها المتنبي وعلي بن الجهم والجواهري ونزار قباني ومحمود حسن إسماعيل وابو العلاء المعري ومحمد رضا الشبيبي واحمد شوقي وعبد المحسن الكاظمي ومصطفى جمال الدين وعبد الرزاق عبد الواحد وراضي مهدي السعيد ونازك الملائكة و لميعة عباس عمارة وعاتكة الخزرجي ومئات اخرون من الشعراء العرب والعراقيين
نعم أنها بغداد التي شغلت الدنيا هي التبغدد عنوانها واللهجة المحببة صفتها والرقي في طبيعة الحياة اليومية للبغداديين .أين حدائق بغداد الغناء والشوارع النظيفة أين العمارة البغدادية لقد تشوه كل شيء حتى شارع الرشيد لم يسلم من التخريب فلم يعد قلب بغداد النابض بالحركة الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية.
اناجي بغداد اسأل اين شطآن دجلة وسمارها وأين على شواطي دجلة مر وكت العصر.؟
وأين أصوات التلاوات القرآنية بالطريقة البغدادية أين بيت المقام العراقي وعراقته أين العباءة العراقية التي كانت تضفي على حياء المرأة حياءا اخر؟
أين الزي البغدادي التقليدي الجميل أين طيبة البغادة ومفردات لهجتهم المحببة لم نعد نسمع (تدلل عيوني وتسلم يا ورد) ولم نعد نشم عطر الرازقي والشبوي والقداح والجوري من الحدائق العامة وحدائق البيوت وحتى غابت عنا تلك المناداة الجميلة المحببة التي كانت ملازمة لباعة الفواكه في الأسواق كيف كانت مفرداتها راقية ومهذبة . فيا لبؤسنا اليوم ونحن نستمع إلى مفردات غريبة وعجيبة لم تألفها اسماعنا ولن تتعود عليها لانها مفردات لا تمت لتراث بغداد وحضارة اهلها بصلة.
أناجي بغداد والأسى يملأ قلبي على كل شيء جميل غاب عن بغدادنا في زمن ابسط ما يصلح ان يطلق عليه إنه زمن الفساد.
وأخيرا أردد ما قاله الشاعر مصطفى جمال الدين
(بغداد ما أشتبكت عليك الاعصر إلا ذوت ووريق عمرك اخضر).