في ذكرى الاستقلال الـ79.. لبنان يواجه أزمة اقتصادية وفراغ سياسي
يحتفل لبنان، اليوم الثلاثاء، بذكرى استقلاله الـ79 هذا العام، في ظل فراغ رئاسي مستمر منذ نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ووسط استمرار أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ البلاد، وسط تكهنات بفشل الاحتفال السنوي بسبب ذلك.
ويحتفل اللبنانيون في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام بعيد الاستقلال، الذي أنهى سنة 1943 مرحلة الانتداب الفرنسي.
وتبدأ الاحتفالات الرسمية عادة في لبنان، بمراسيم وضع أكاليل على أضرحة رجالات الاستقلال، وإقامة عرض عسكري في وزارة الدفاع الوطني، بحضور الرؤساء الثلاثة، الجمهورية والحكومة والبرلمان.
إلغاء الاحتفال
إلا أن الاحتفال المركزي يلغى عادة في لبنان في حالة الشغور الرئاسي، وتعد هذة ليست المرة الأولي الذي يلغى فيه الاحتفال حيث تعد هذه هي رابع مرة.
وتعد المرة الأولى التي سجل فيها لبنان إلغاء احتفال الذكرى السنوية للاستقلال بسبب الفراع الرئاسي، بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل عام 1988.
وألغي الاحتفال كذلك في 2014 و2015، بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.
وعلى الرئيس اللبناني، أن يرأس الحفلات الرسمية، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلا أنه بعد انتهاء ولاية ميشال عون في 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فإن البلاد تبقى دون رئيس للبلاد، لا سيما أن مغادرة عون جاءت في ظل حكومة مؤقتة، لا يمكن من خلالها دستوريا أن يقوم رئيس الحكومة المؤقتة بالقيام بمهام الرئيس كما قضت العادة في حال الفراغ الرئاسي.
وعلى الرغم من ذلك، فقد طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، من وزرائه، وضع أكاليل من الزهور على أضرحة رجالات الاستقلال باسم الجمهورية اللبنانية، رغم إلغاء الاحتفال المركزي بالذكرى.
من جانبه، قال رئيس البرلمان نبيه بري: "الاستقلال بدأ قبل 79 عاما من الآن برئاسة وحكومة، أين نحن اليوم؟".
كما أعلن الجيش اللبناني عن شعاره الرسمي لعيد الاستقلال الـ 79 لهذا العام بعنوان: "الوطن... مسؤولية"، وذلك من وحي التطورات التي يشهدها لبنان.
فراغ رئاسي
ويأتي الفراغ الرئاسي هذه المرة وسط انهيار اقتصادي في لبنان، صنفه البنك الدولي بأنه “الأكثر حدة وقساوة في العالم”، وصنفه ضمن أصعب ثلاث أزمات سجلت في التاريخ منذ أواسط القرن التاسع عشر.
منذ نحو 3 سنوات، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار، وشح في الوقود والأدوية وهبوط حادّ بالقدرة الشرائية لدى المواطنين.
استقلال ناقص
ويُجمع اللبنانيون على أن عيد الاستقلال ناقص في ظل غياب القرار الوطني الجامع لبناء الوطن، وبالوقت نفسه يملكون الأمل بأن الأمور ستصطلح يوماً ما.
لا رئيس قريبا
ويواجه لبنان حاليا أزمة حكم غير مسبوقة مع عدم وجود رئيس للبلاد وفي ظل حكومة تصريف أعمال برئاسة نجيب ميقاتي محدودة السلطات وبرلمان منقسم على خيارات عدة، فلا تملك جهة قوة أن تفرض رئيسا بالانتخاب الحر كما ينص الدستور.
وضمن التوافقات، يتولى رئاسة البلاد مسيحي ماروني ورئاسة الحكومة سُني ورئاسة البرلمان شيعي.
ووفق الدستور اللبناني فإن مجلس النواب ينتخب الرئيس بالاقتراع السري، وهذا المجلس يتألف من 128 مقعدا يتم تقسيمها بالتساوي بين الطوائف الإسلامية والمسيحية.
ومنذ انتهاء ولاية عون فشل البرلمان اللبناني 6 مرات في انتخاب رئيس للبلاد، على أن تكون الجلسة السابعة في 24 نوفمبر الجاري، وسط غياب أي أمل بتوافق على انتخاب رئيس.
وكانت الانتخابات النيابية التي حصلت في مايو الماضي، أفرزت مجلسا منقسما للغاية بحيث لا يستطيع أي فريق تشكيل أكثرية لوحده لبسط قراراته، وذلك بعدما كانت الأكثرية المطلقة بيد “حزب الله” وحلفائه في برلمان عام 2018.
ويشير أبو زيد، إلى أن نتائج الانتخابات النيابية “أفرزت مجموعة كتل لا تستطيع أن تشكل أكثرية لوحدها”.
ويرى أن كل الدلائل تشير إلى أنه “لا احتمال للاتفاق على رئيس للبلاد قريبا”.
ويعتبر أبو زيد، أن “الكل بانتظار التدخل الخارجي لتركيب أكثرية جديدة لكن هذا قد يزيد من الانقسامات الداخلية”.
أزمة اقتصادية مستمرة
وفي أغسطس/ آب 2021، أعلنت الأمم المتحدة أن الفقر أصبح يطال 74 بالمئة من اللبنانيين، بعد أن سجل 55 بالمئة من السكان بالعام السابق، و28 بالمئة في 2019.
وفي أكتوبر الماضي، حذر رئيس مجلس النواب نبيه بري من أن لبنان “قد يستطيع أن يتحمل أسابيع، لكنه لا يستطيع أن يتحمل أكثر من ذلك، ولا يمكن أن يتحمل اللبنانيون مزيدا من التدهور”.
بالمحصلة، يترنّح اللبنانيون بين مشاعر الإحباط والأمل في ذكرى الاستقلال الـ79، مترقبين أي بصيص أمل ينتشلهم من الأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد.