رحيل الشاعر اليمني عبدالعزيز المقالح
رحل الشاعر الكبير اليمني عبدالعزيز المقالح، «1937 2022-» فى بلاده التى أحبها ومنحها شعره وحياته، يرحل فى المكان الذى «لا بد منه وإن طال السفر» كل من عرفه.. عرف من لحظات قليلة معه تواضعه ونبله، ومواقفه الإنسانية وذاكرته التى تحتفظ بالكثير من الأسماء.. أسماء الشعراء والأصدقاء والدواوين والأحداث.. عبد العزيز المقالح كان قبلة الشعراء والمثقفين من كل الجهات.. يجدون فيه وطناً آخر.. وحلمًا يتجاوز الزمان والمكان.
فهو المقالح الذى ظلَّ جديداً دائما، كأننا نقرأ شاعراً آخر فى كل مرة، متمردا حتى على قصيدته فى كل تجربة ديوانه الأول، «لا بد من صنعاء» الصورة الداخلية لأعماق الإنسان والفنان معاً وفى «مأرب يتكلم» الديوان الذى يقرأ المتحولات آنذاك، ويقدم رؤية وأسئلة الشاعر ثم فى بقية أعماله الشعرية.. صوت الشعر المخلص، والحنين، والحلم بالتغيير.
كتاباته الأدبية
وفى كل مرة كان المقالح جديداً، مواكباً، ومختلفاً فى كل مرة من أوائل من قرأت.. وممن غيروا تفكيرى عن الشعر والكتابة، برؤيته المختلفة والجديدة عن الإبداع منذ وقت مبكر، قرأته لأتعرف من خلاله على الشعر الجديد، على مفاهيم جديدة للكتابة، على أفق مختلف وملتزم، فاتحاً بذلك فضاءً جديدا ومواكبا لحداثة الشعر، التى كانت قد بدأت فى كثير من البلدان العربية، قرأته معبرًا عن هواجسه الأولى فى بداياته، هواجس الشعر والرغبة فى الكتابة برؤية مختلفة، لشاعر مثقف يعى أهمية التجديد.. ثم مع هواجس عربية كبرى آنذاك فى أزمنة وتحولات صعبة، مرت على الوجدان العربى وشكل مع آخرين موقفهم وانكسارهم.
عبر عن ذلك فى أولى دواوينه وكذلك فى رسالة إلى سيف بن ذى يزن فى السبعينيات وما بعده.. قرأته صوفيًا عاشقًا، ومتمردًا ومتألمًا وحزيناً، وصديقاً فى «أبجدية الروح» و«كتاب الأصدقاء» و«الخروج من دوائر الساعة السليمانيّة» وقرأته ناقداً وشاهداً على الزمن والحياة والموت فى مرايا النخل والصحراء، وأزمة القصيدة الجديدة قرأته لأعرف كذلك الكثير من الشعراء المهمشين فى عالمنا العربى، من خلال مقالاته النقدية فى الكثير من الصحف بملاحقها الثقافية والمجلات العربية الأدبية.