في الذكرى الـ59 لاستقلالها.. كيف تحتفل كينيا بعيد الاستقلال؟
حصلت كينيا على استقلالها عن بريطانيا في اليوم الثاني عشر من شهر ديسمبر من عام 1963 حيث تم اعتبار هذا اليوم عيد استقلال وطني واعترفت كافة الدول بالكيان الرسمي التابع للدولة واعتبارها جمهورية قائمة بحد ذاتها لها كافة أركان الدولة المستقلة.
بداية الاستعمار البريطاني
بدأ النفوذ البريطاني مسستتراً خلف شركة شرق أفريقيا البريطانية وتوجت أعمال الشركة البريطانية بمعاهدة مع سلطان زنجبار صاحب السلطة الشرعية على شرقي أفريقيا، وقعت تلك المعاهدة في سنة 1304هـ - 1887 م وبمقتضاها ندفع الشركة 20%.
وحددت مناطق النفوذ بين الاستعمار الألماني والبريطاني وامتد الخط الفاصل بينهما من شمالي بنجاني على ساحل المحيط الهندى إلى بلدة شيراني على بحيرة فيكتوريا، ثم تنازلت الشركة للحكومة البريطانية عن حقها، وهكذا كانت البداية الاستعمارية شركة ومن خلفها نفوذ بريطاني.
وفي عام 1887م، قام أحد اتحادات الأعمال الخاصة البريطانية باستئجار جزء من ساحل كينيا يخضع لسيطرة سلطان زنزبار، وحصل في عام 1888م من الحكومة البريطانية على امتياز باسم الشركة الإمبراطورية البريطانية لشرق إفريقيا، ولكن الاتحاد لم يكن يملك الأموال الكافية لاستغلال المنطقة.
وفي عام 1895م، استولت الحكومة البريطانية على المنطقة، وسرعان ما بسطت سيطرتها على بقية البلاد، حيث أصبحت كينيا تعرف باسم شرق إفريقيا البريطانية.
وفي عام 1901م، أكملت بريطانيا خط السكك الحديدية بين ممبسا وبحيرة فكتوريا. وشجعت المواطنين البريطانيين وغيرهم من الأوروبيين على الاستيطان في كينيا.
ولم يمض وقت طويل حتى أسس كثير من الأوروبيين مزارع كبيرة في البلاد واستأجروا الأفارقة للعمل فيها. وكانت بريطانيا تحكم كينيا من خلال الموظفين البريطانيين، ولم يكن للسكان الأفارقة أي كلمة في شؤون الحكم. وفي مجال التربية والتعليم، أنشأ البريطانيون في كينيا مدارس على نمط المدارس القائمة في بلادهم.
معارضة البريطانيين
بدأ الكينيون يعارضون الحكم البريطاني خلال الأربعينيات من القرن العشرين، وقد تركزت المعارضة في قبائل الكيكويو، الذين يقطنون في وسط كينيا.
وكان كثير منهم يعيشون في فقر خلال فترة الحكم البريطاني. وفي عام 1944م أنشأ الكيكويو وغيرهم من الكينيـين، حزبـًا سـياسيـًا سـمي الاتحاد الأفريقي الكيني (كاو)؛ لتنظيم المعارضة ضد البريطانيين. وأصبح جومو كنياتا الذي ينتمي إلى قبائل الكيكويو زعيما للحزب عام 1947م.
وفي أواخر الأربعينيات من القرن العشرين نشأت حركة سرية بين أعضاء (كاو) من الكيكويو أطلق عليها الأوروبيون وبعض الأفارقة اسم ماو ماو وكانت تسعى إلى تدعيم الاتحاد بين سكان كينيا من الأفارقة، مع مطالبة السلطات بتطبيق سياسات جديدة، تهدف إلى تحسين حياة الأفارقة.
وفي عام 1952م بدأت الحكومة البريطانية في تطبيق إجراءات عسكرية ضد الحركة، بعد أن بدأ بعض أعضائها الذين يسمون الوطنيين بارتكاب أعمال إرهابية، وسجنت الآلاف من أعضائها، في معسكرات للاعتقال. وما لبث القتال أن اندلع على نطاق واسع بين الحكومة والوطنيين.
وفي عام 1953م، اتهم كينياتا بتهمة قيادة الحركة، وسجن في منطقة نائية في كينيا. واستمر القتال في كينيا حتى عام 1956م، ووفقـًا لما ورد في الإحصاءات الرسمية، فقد قُتل في هذه المواجهات 11,500 شخص من الوطنيين و95 أوروبيـًا و29 آسيويـًا و2000 من الأفارقة الآخرين الذين كانوا يؤيدون الحكومة، وخلال أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، بدأت كل المجموعات العرقية في كينيا بالمطالبة بالحكم للأفارقة، وما لبثت الحكومة البريطانية أن وافقت على هذا المطلب.
الاستقلال
حصلت كينيا على الاستقلال من إنجلترا في 12 ديسمبر عام 1963م، ونص الدستور الجديد على قيام ملكية دستورية. وفي الانتخابات التي أجريت بعد الاستقلال، فاز حزب كانو وأصبح كينياتا رئيسـًا للوزراء. وفي عام 1964م، تحولت كينيا إلى جمهورية وأصبح كينياتا رئيسًا للجمهورية.
وفي فبراير عام 1961م، أجريت انتخابات لاختيار أعضاء للبرلمان، فاز فيها حزب كينياتا (كاو) وهو الاتحاد الإفريقي الوطني لكينيا (كانو)، ولكن الحزب رفض تسلم السلطة إلا بعد الإفراج عن جومو كينياتا، ولكن البريطانيين لم يفرجوا عنه إلا في أغسطس عام 1961م. ونتيجة لذلك شكّل الحزب المنافس للاتحاد الإفريقي الديمقراطي لكينيا (كادو) الحكومة.
واستقلت كينيا في سنة 1383 هـ - 1963م ،وأعلنت بها الجمهورية في السنة التالية لاستقلالها، احتلتها بريطانيا عقب توقيع معاهدة مع ألمانيا لاقتسام شرق أفريقيا في سنة 1305هـ - 1888م ، وقام هذا الاحتلال على أنقاض تمزيق ( آل بو سعيد ) الإسلامية، فأخذت ألمانيا القسم الجنوبي أىتنجانيقا (حالياً جزء من تنزانيا ) وأخذت بريطانيا كنيا والقسم الأكبر من الصومال.
دولة جديدة
بعد الاستقلال، تحركت كينيا بسرعة نحو استبدال النظم الاقتصادية والثقافية، التي كان يطبقها الاستعمار البريطاني، ثم استولت الحكومة على كثير من المزارع ومؤسسات الأعمال الحرة، المملوكة لغير الإفريقيين، وباعتها أو أجرتها للأفارقة، أما غير الأفارقة الذين وافقوا على أن يصبحوا مواطنين كينيـِّـين، فقد سمح لهم بالاحتفاظ بممتلكاتهم.
وفي مجال التربية والتعليم، أجرت الحكومة توسعـًا سريعـًا في نظام المدارس الحكومية، كما قامت مجموعات كثيرة من المواطنين بإنشاء مدارس خاصة.
ومن الناحية السياسية، أصبحت كينيا دولة حزب واحد في عام 1964م، عندما حل أعضاء حزب كادو حزبهم، وانضموا إلى حزب كانو.
وفي عام 1966م، تم تكوين حزب باسم اتحاد الشعب الكيني (كبو) ولكن الرئيس كينياتا قام بحله في عام 1969م بعد أن اتهم كثيرًا من أعضائه بالقيام بأنشطة مناوئة للحكومة. وللمرة الثانية، أصبحت كينيا دولة حزب واحد، ولكن لم يمنع هذا من قيام تنافس شديد بين أعضاء حزب كانو، تركزت حول من يخلف كينياتا في رئاسة القطر والحزب.
وبعد الاستقلال بقليل، نشأ خلاف على الحدود بين كينيا وجارتها الصومال، تسبب في نشوب قتال بينهما، ولكن القتال توقف بين الطرفين عام 1967م.
وفي العام نفسه، كونت كينيا وتنزانيا وأوغندا تجمع شرق إفريقيا. وقد تم إنشاء هذه المنظمة لتطوير التجارة بين الأقطار الثلاثة، وكانت تتضمن ترتيبات للإدارة المشتركة لبعض المرافق كالسكك الحديدية والمطارات، غير أن توتر العلاقات بين الدول الأعضاء أدى إلى إنهاء أعمال المنظمة عام 1977م.
اقتصاد كينيا
استطاعت كينيا تحقيق زيادة كبيرة في قطاعي الصناعة والسياحة للتقليل من اعتمادها على الزراعة، وقد حصلت كينيا على بعض رأس المال اللازم لتمويل الصناعات الجديدة من المستثمرين الأجانب، ولكن بعض الكينيين يعترضون على الاستثمار الأجنبي.
جمهورية كينيا في القرن الحادي والعشرين
أعلن مواي كيباكي في عام 2002 ترشّحه للرئاسة مرة أخرى، بالإضافة إلى ترشّح أوهورو كينياتا نجل جومو كينياتا ليكون المرشح الرئاسي لـ KANU (الاتحاد الوطني الأفريقي الكيني)، أما كيباكي الذي تحالف مع الجماعات المعارضة NARC (تحالف قوس قزح الوطني)، وهُزم كينياتا في هذه الانتخابات الرئاسية، ولكنه عاد في عام 2013 وفاز بالانتخابات الرئاسية، فانتخب رئيسًا واستمرّ متوليًا هذا المنصب إلى يومنا هذا.
وعلى الرغم من تعهد كيباكي بمحاربة الفساد الذي أصاب كينيا تحت حكم كانو، إلا أنه في عام 2005 تورطت إدارته في فضيحة فساد، وفي وقت لاحق من ذلك العام هُزمت مسودة دستور جديد دافع عنها كيباكي في استفتاء وطني، وصار يُنظَر إلى الهزيمة إلى حد كبير على أنها احتجاج على إدارة كيباكي، مما أدى إلى الجدل حول الدستور، وإلى نشأة تحالف جديد قوي من الأحزاب السياسية الحركة الديمقراطية لأورينغو (ODM)، والتي تضمن KANU، وفي عام 2007 تسبب الخلاف في شقاق داخل الحركة الديمقراطية لأورينغو، مما أدى إلى تشكيل مجموعة ائتلافية إضافية، وهي الحركة الديمقراطية لأورينغو - كينيا (ODM-K).
مظاهر الاحتفالية التي تصنعها الحكومة في جمهورية كينيا مع حلول يوم الاستقلال الوطني:
في كل عام وبشكل دوري ومتكرر ومنذ عهد الاستقلال عمدت الدولة إلى أن تصنع عيد وطني في ذلك اليوم، حيث يتم إقامة مجموعة من المظاهر الاحتفالية وهذا تعبيراً عن الولاء والانتماء للقيادة والدولة على حدٍ سواء، ومن أبرز تلك المظاهر هي رفع سارية العلم خفاقة في أعالي البلاد، إضافة إلى رفع العديد من اليافطات التي تتضمن عبارات حب الوطن والانتماء إليه، إطلاق الألعاب النارية وارتداء الزي الشعبي التاريخي المتوارث وهناك روض فنية وعسكرية.