مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

د. رائد العزاوي يكتب: لماذا العراق دولة فاشلة؟ 20 خطوة نحو الحل

نشر
الأمصار

يشهد العالم في شهر كانون الأول من كل عام، ذكرى مناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، والتي تكون من خلال إجراءات تحمي الإنسان من خطر نفسه، وتغيير ثقافة المجتمع تجاه الفساد والفسدة.
لم يسلم العراق الذي يعتمد في موازناته العامة على 94% من مبيعات النفط، حيث عانى من المشاريع الوهمية بعد الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003، التي سببت خسائر بمليارات الدولارات، نتيجة الاستيلاء على أموال المشاريع، بعد صرف الأموال وعدم اكتمال تلك المشاريع، زيد على ذلك تغول السياسيين في المشهد الاقتصادي وشكلت أحزاب السلطة لجان اقتصادية تابعة لتلك الأحزاب، نخرت أجسام الوزارت التي هي أيضا بيعت حقائبها وبالمزاد العلني، وظهرت طبقة جديدة في من أصحاب رؤوس الاموال لم يكن يعرفهم أحد، كما شكلت قوى مسلحة ومليشيات مسلحة بأموال الشعب العراقي، قوى خارج نطاق القانون، أصبح سلاحها فوق سلطة الدولة، وارتفعت ارقام صلات القمار ومحالات الدعارة وبحسب آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية، فإن العراق هو البلد الأول في منطقة الشرق الأوسط في غسيل الاموال عبر صالات القمار، كما إن البلد عانى ولا زال من طرد رؤس الاموال الاستثمارية، بسبب الإتاوات و"الكومشنات".
لم يرى العراق خلال نحو 20 عام وزارة اقتصادية، بمعنى وزارة لديها مشروع اقتصادي تستطيع من خلال انتشار حال البلد، ولا نهوض بواقع شعبه الذي يعاني من بطالة ومرض وفقر، بينما لجأت كل الحكومات إلى سياسة التعين في سلك الدولة إضافة الى زيادة عديد أفراد القوات المسلحة بشكل انفجاري.
كل ما قراءة لا يعني شيء فأغلبنا يعرفه والحكومة والسياسين والمعارضين يتفقون عليه لكن يبقى السؤال الأهم، لماذا العراق دولة فاشلة؟ 
باع العراق منذ اكتشاف النفط 1927 والى عام 2003 بما قيمته تقريبا 230 مليار دولار بينما باع خلال الفترة من 2003 ولغاية شهر تشرين أول 2022 بما قيمته تقريبا 1300 مليار دولار ، وطبعًا لم يحظ المواطن العراقي بأي ارتفاع في مستوى معيشته خلال عشرين عام مضت. 
وعلى الرغم من أن العراق يصنف ضمن الدول الأكثر فسادًا بعد احتلاله المرتبة 157 عالميًا، وفقًا لمؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية، إلا أنه يحاول بكامل جهده وطاقته محاربة الفساد بشتى أنواعه وأشكاله.

مكافحة الفساد في العراق
ومن الأمور التي تبرهن على المحاولات الحثيثة لمكافحة الفساد في العراق، ما أعلنته هيئة النزاهة العراقية منذ فترة قليلة عن تشكيل هيئة عليا للتحقيق بقضايا الفساد في البلادوما شهدته الأيام الماضية من إقالة واعتقال للمسؤولين الكبار الذين ثبت تورطهم بتهم فساد.
وباشرت السلطات العراقية أيضًا التحقيق في سرقة 2,5 مليار دولار من أموال الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين الحكومي، وصدرت مذكرات أعتقال بحق المتورطين فيها.
كل هذه الاجراءات تعد ترقيعية ولا تفي بمتطالبات مواجهة ومكافحة الفساد، في بلد لازال يقع في خانة صراعات السياسية والتجاذبات الاقليمية.
لذا يحتاج العراق الى وصفة للخروج من آفة الفسادة تتضمن خطوات واضحة  بالعمل المشترك مع الحكومة وبين مراكز البحوث والجامعات والقطاع الخاص، بغرض " أتمتة " كل قطاعات الحياة وأدخل الحاسب الآلي، وتوفير شبكة الإنترنت في أغلب المدارس، وأنشأ مدارس صناعية وتجارية وزراعية  ذكية متخصصة في شبكات الاتصال والتصنيع والانتاج، فتصبح الدولة قادرة على المنافسة بآلاف المشاريع الصناعية والزراعية، واستقطاب الاستثمارات في مجالات الزراعة والصناعة وخصوصا الصناعات الثقيلة التي تستقطب الاف الايادي العاملة . 
وهنا كان لزاما ونحن نواجه الافساد إلى قراءة الخطوات التالية والتي من شانها واجهة الفساد
١- تطبيق نظام إدارة المعلومات المالية المتكامل – IFMIS وبهذا يستطيع البنك المركزي مراقبة ادارة حركة الاصول المالية.
2- تطبيق نظام الخزينة الموحد ( النظام الشامل ) وهنا تظهر جمع أرصدة الحسابات البنكية لإظهار صافي حركة الإيرادات والمصروفات وبالتالي ينعكس ذلك تلقائيا على حساب الخزينة الموحد مما يتيح رقابة صارمة ..
٣- تطبيق مبدأ اللانقد في التعاملات اليومية وعلى مستوى العام والخاص.
٤- تطبيق الرقم  الموحد واعتماده بدل الاسم الثلاثي لكل عراقي ومقيم.
٥- منع الاحتفاظ بالأموال في المنازل أو حملها في جيوب المواطنين و إيداعها في البنوك العامة والخاصة. 
٦- تعديل وتحديث نظام الضرائب وأساليب جبايتها. 
٧- رسم سياسة جديدة للاقتصاد الكلي مبنية على ثلاثة سياسات أساسية (سياسة التجارة الخارجية والداخلية، سياسة الإدارة المالية، السياسة النقدية). 
8 – وقف منح الرخص إلى شركات الصرافة والبنوك، وإعادة تقيم لكافة البنوك الحالية مو وضع تصنيفات لها من قبل البنك المركزي، ووضع آلية لمزاد العملة أكثر شفافية بحجز جزء من مبلغ إجازة الاستيراد حتى يتم تقديم كافة ما يثبت ان الموال صرفت بالفعل لاستيراد البضائع. 
9- دعم المدراس الصناعية والتجارية والزراعية (الأعدادية) وخلق فرص للاستثمار المشترك بين تلك المدارس والقطاع الخاص.
10 – إعادة صياغة قانون الاستثمار بما يضمن شفافية الاجراءات، وحماية واضحة لرأس المال المستثمر وعدم تعرضه إلى أي ابتزاز، وبما يضمن تشغيل نسبة 10 الى 1 من العاملة المحلية في المشاريع الاستثمارية.
11 – إقرار قانون النفط والغاز بما يتماشى ومصلحة العراقين جميعا وبما يضمن الاستخدام الأمثل للعائدات، ويوقف عملية تهريب النفط. 
12- وقف التعيانات في الدولة لمدة 5 سنوات.
13 – إقرار قانون الضمان الاجتماعي للقطاع الخاص بنفس امتيازات القطاع العام.  
14 – غلق كافة المنافذ الحدودية غير الرسمية، وربط كل المنافذ بادارة واحدة مع إقرار قانون كمركي موحد وواضح. 
15 – إقرار قانون الاحزاب والذي بموجبه يقدم كل حزب كشف حساب سنوي بالمصروفات والايرادات إلى الجهات المختصة. 
16- وقف استيراد بعض السلع من الخارج والتي يتواجد مثيلها في الداخل ويعني دعم المنتج المحلي ووقف استيراد السلع الكمالية وغير الضرورية . 
17 -  وقف منح القروض للمشاريع الصغيرة ، والعمل على دمج المشاريع الصغيرة ضمن منظومة ادارة مشاريع كبرى. 
18 – تفعيل قانون من أين لك هذا، وإعادة هيكلة هيئة النزاهة واقرار قانون الذمة المالية الذي يستوجب، على شغالي المناصب الخاصة والوزراء والنواب اقرار الذمة المالية لهم ولاسرهم حتى الدرجة الثالثة، مع قانون تقاعد منصف لا يقبل بان يحصل المواطن على اكثر من راتب تقاعدي واحد فقط. 
19 -  إجراء تغيرات مستمر في كل مفاصل الدولة، وعدم بقاء أي مسوؤل في منصبه اكثر من 5 سنوات، مع منع اي نائب في البرلمان من الترشيح لدورتين فقط وعدم حصوله على أي راتب تقاعدي.
20 - العمل على تفعيل اتفاقيات مع دول العالم، بهدف استعادة الاموال المهربة على ان تتضمن ملاحقة مواطني تلك الدول ومزدوجي الجنسية.
وربما ما تقدم لا يصل الى حل حقيقي لأزمة الفساد، وهناك أفكار افضل لكنها عن تجارب قدمتها دول مثل ماليزيا والبرازيل وتنزانيا ، ويبقى وبلا أدنى شك القيم والاخلاق والشرف والدين أهم مقومات مواجهة الفساد.  
• رئيس مركز " الأمصار " للدراسات والابحاث