القمة الإفريقية الأمريكية.. مبادرات ولقاءات ثنائية لبحث أزمات القارة
تتجه أنظار العالم إلى العاصمة الأمريكية “واشنطن”، حيث تنطلق اليوم الثلاثاء، أعمال القمة الأمريكية للقادة الأفارقة، فيما أكبر تجمع دبلوماسي تشهده الولايات الولايات المتحدة منذ جائحة كورونا، وذلك بحضور 49 من قادة الدول الإفريقية.
وتعد القمة هي الثانية منذ أن عقدت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الأولى عام 2014، في تجمع يخطف الأنظار نحو قارة نما نفوذها الجيوسياسي بشكل كبير في العقد الماضي.
ويأتي انعقاد القمة بعد تأجيل لمدة 3 أشهر وبعد شهرين من إطلاق الاستراتيجية الأمنية الأمريكية الجديدة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتشكل خطة لمواجهة النفوذ الصيني الروسي بالمنطقة، وذلك بحسب خبراء أكاديميين وسياسيين.
وتستمر القمة 3 أيام، بدءًا من اليوم وحتى الخميس في إطار استراتيجية «إفريقيا» الجديدة التي كشفها عنها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أغسطس الماضي؛ والتي تشمل إصلاحًا للتحركات الأمريكية في عواصم القارة السمراء، لا سيما جنوبي الصحراء، حيث يتصاعد النفوذ الصيني والروسي.
وحظيت القمة الأمريكية، باهتمام إعلامي على الجانبين الإفريقي والأمريكي؛ إذ نقلت صحيفة صحيفة «أسوشيتيد برس»، عن مصادر ديبلوماسية أمريكية، قولها إن «بايدن» سيستغل القمة ليعلن قبول ضم الاتحاد الإفريقي كعضو دائم بمجموعة العشرين، استجابة لطلب رئيس الاتحاد الإفريقي، ورئيس دولة السنغال، ماكي سال.
وبحسب مسؤول الملف الإفريقي في مجلس الأمن القومي الأمريكي، إن القمة ستدعم فرص إفريقيا في الحصول على مقعد في مجلس الأمن الدولي.، وهو مطلب إفريقي يؤيده «بايدن»، لافتًا إلى أن العِقد الجاري سيكون حاسمًا بالنسبة للقارة السمراء/ وسيعاد خلاله تنظيم العالم.
وبحسب مسؤول الشؤون الإفريقية بالخارجية الأمريكية، إن القمة ستشهد عدة لقاءات ثنائية بين بايدن وقادة العواصم الإفريقية، وذلك لبحث أزمات المناخ والطاقة، ومناقشة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الغذائي لبلدان القارة، مؤكدة أن الرئيس الأمريكي سيطرح ملف المساعدات الإنمائية للقارة السمراء.
أهداف القمة الأمريكية الإفريقية
ويهدف التجمع في العاصمة الأمريكية إلى دفع الأولويات المشتركة وتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وإفريقيا، كما سيوفر فرصة لتعزيز تركيز إدارة بايدن على التجارة والاستثمار في إفريقيا، وتسليط الضوء على التزام أمريكا بأمن إفريقيا، وتطورها الديمقراطي، وشعبها، وكذلك التأكيد على عمق واتساع التزام الولايات المتحدة تجاه القارة الإفريقية.
وسعت الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال استراتيجية “أفريقيا” الجديدة، تعزيز التحركات الأمريكية في البلدان الإفريقية، لاسيما، جنوب الصحراء، ويتصاعد النفوذ الصيني والروسي؛ إذ أصبحت الصين، أول دائن عالمي للدول الفقيرة والنامية بالقارة السمراء، إذ تستثمر بمبالغ طائلة في القارة الأفريقية الغنية بالموارد الطبيعية، كما عززت وجودها العسكري في القارة بما يشمل إرسال مرتزقة.
كما تسعى موسكو لإيجاد موطئ قدم لها في أفريقيا عبر توقيع اتفاقيات سياسية وعسكرية مع دول تعصف بها انقلابات عسكرية، وذلك عبر توطيد العلاقات مع العواصم الإفريقية، لاسيما، التي قررت الامتناع عن التصويت لقرار الأمم المتحدة الذي يدين حرب روسيا على أوكرانيا.
وتقول الخبيرة الروسية إيرينا فيلاتوفا، أستاذة الأبحاث في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، أن روسيا تسعى لإيجاد موطئ قدم لها في افريقيا عن طريق إبراز نفسها كوسيط أمني لمواجهة الإجماع الغربي وتصدير نفسها في صورة المدافع عن أفريقيا في هدف يبدو أن الدول الغربية فشلت في تحقيقه.
وترى الخبيرة الروسية أن موسكو تحاول إحياء الدور السوفيتي في القارة السمراء؛ فخلال خمسينيات القرن الماضي، قدم الاتحاد السوفيتي الدعم لحركات التحرر في أنحاء أفريقيا فيما اقتصرت صادرات الأسلحة الروسية إلى أفريقيا على أسلحة وذخيرة خفيفة ومتوسطة في ذاك الوقت.
استبعد الرئيس الأميركي، جو بايدن، السودان وثلاث دول أفريقية من قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا المقرر عقدها في الفترة من 13 – 15 ديسمبر 2022.
وطبقاً لدانا بانكس، المساعد الخاص للرئيس، كبير مستشاري مجلس الأمن القومي لقمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا التي تحدثت إلى مجموعة من الصحفيين الأفارقة خلال مؤتمر عبر الهاتف يوم الثلاثاء فإن أجندة القمة تستهدف دفع الأولويات المشتركة وتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا، كما سيوفر التجمع فرصة لتعزيز تركيز إدارة بايدن على التجارة والاستثمار في إفريقيا، وتسليط الضوء على إلتزام أمريكا بأمن إفريقيا وتطورها الديمقراطي وكذلك التأكيد على التزام الولايات المتحدة تجاه القارة السمراء.
دول الحضور والمستثناة من القمة
وبحسب بانكس فإن بايدن دعا 49 زعيماً أفريقياً بينها مصر وتونس وإثيوبيا، و”استثنى أربع دول، هي السودان، بوركينا فاسو، غينيا ومالي”.
وأكد 45 رئيس دولة وحكومة أفريقية حضور القمة، وذلك وفق مرسوم رسمي للبيت الأبيض.
وقالت مسؤولة البيت الأبيض إن بايدن استخدم ثلاثة معايير لدعوة الحكومات الأفريقية إلى القمة، ودعا جميع حكومات جنوب الصحراء الكبرى وشمال إفريقيا التي لم يعلقها الاتحاد الأفريقي، والدول التي تعترف بها حكومة الولايات المتحدة، والدول التي نتبادل معها السفراء”.
وعلق الاتحاد الإفريقي عضوية السودان في المنظمة الإفريقية بعد انقلاب نفذه قائد الجيش قبل نحو عام حين استولى على السلطة بالقوة مزيحا تحالف من القوى السياسية كانت تشارك العسكريين الحكم لفترة انتقالية.
وقدمت الولايات المتحدة الدعوة لزيمبابوي لأول مرة إلا أن رئيسها لا يمكنه الحضور بسبب قيود السفر.
وبحسب مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية، إن القمة ستكون فرصة لتعميق الشراكات الحيوية مع بلدان القارة، وتسليط الضوء على تبعات أزمة الجائحة، ورصد ملامح الشراكات التجارية والطاقية والأمنية والحقوقية المؤطرة لسنة 2023.
وأردفت المتحدثة بأن واشنطن لم تقم بدعوة الحكومات الإفريقية التي عرفت بعض التوترات السياسية في شأنها الداخلي لأنها تشجعها على العودة إلى المسار الديمقراطي قبل إقامة أي شراكات أخرى، موردة: “البلدان التي قمنا بدعوتها تعكس التزام الرئيس جو بايدن إزاءها”.
وذكرت المسؤولة الأمريكية أن “جائحة كورونا مازالت إحدى أولويات الإدارة الأمريكية الساعية إلى تقوية الشراكة طويلة الأمد مع القارة الإفريقية في مجال الصحة”، معتبرة أن “الشراكة الثنائية مكنت من احتواء كل الأزمات الوبائية التي شهدتها القارة في العقود الأخيرة”.