د.علي صالح يكتب: دور العامل المذهبي في الصراع القبلي – العثماني شمال شرق الفرات
نشرت صفحة (الدار السلطانية ومتصفح الوثائق العثمانية)، المتخصصة في نشر الوثائق العثمانية عن احداث المنطقة ككل، والنشيطة على شبكة المعلومات العالمية، وثيقة مهمة تتحدث عن معركة كبيرة وقعت في 21 اب 1803، بين طرفين متخاصمين.
وتكمن اهمية الوثيقة في انها توضح طبيعة الصراع القبلي في المنطقة، وتأثير العامل المذهبي في ادارة الصراع وقتذاك، اذ وقعت المواجهة المحتومة بين حلف قبائل (العبيد وبني سعيد والفدعان) المنضوي تحت راية المذهب الوهابي في مواجهة (القوات الحكومة العثمانية بالتعاون مع عشائر براق والبرازي).
إذ تذكر الوثيقة انه بعد قيام والي بغداد علي باشا بغزو منطقة سنجار وقتله لشيوخ قبيلة العبيد محمد بك الشاوي وأخيه عبد العزيز بك الشاوي، انتقلت قيادة القبيلة للشيخ جاسم بك وكان أكبر أبناء محمد بك الشاوي، يعاونه قريبه واصل بك الشاوي بحسب الوثيقة.
تطور الوضع نحو الاسوء، ولاح شبح وقوع حرب قبلية ضروس بين الاطراف المتصارعة يوما بعد يوم، لاسيما بعد إعلان عشيرة الفدعان مناصرتها للدعوة الوهابية، حيث وجدت قبيلة العبيد الامر مناسبا لها ايضا، لاسيما ان شيخها السابق عبد العزيز بك الشاوي، عرف بميوله للفكر الوهابي بعد اللقاء الذي جمعه مع قادة ذاك الفكر في نجد، عندما أرسل من قبل سليمان باشا للتفاوض من اجل وقف القتال الدائر بينهم، وفي ضوء ما تقدم، اعلنت العبيد تحالفها مع الفدعان، ومن ثم انضمت قبيلة بني سعيد التي كانت تقطن مناطق منبج الى ذاك التحالف القبلي المستحدث، المدعوم بالفكر المذهبي الجديد.
واجه العثمانيون حلف (العبيد وبني سعيد والفدعان) المنضمين تحت الراية الوهابية، والذين انتشروا في مناطق عين البطة، حيث ضم الطرف الحكومي: جيش والي الرقة، وقوات متسلم بيره جك، وقوات متسلم سروج، وقوات متسلم منبج، علاوة عن مقاتلين من عشيرة براق وعشييرة البرازي الكردية العريقة في المنطقة، ثم انتقلوا إلى مناطق الزور وعانة، وانهم حققوا النصر في يوم المنازلة الكبير في 21 اب 1803، على جيش الدولة العثمانية وحلفائها، ويبدو ان الامر لم يسر كما رغب شيوخ التحالف القبلي، بدليل انه وبعد تلك المعركة بعامين، جرى الاتفاق على انسحاب قبيلة العبيد في عام 1805 من مناطق سروج ومنبج وبيره جك إلى مناطق النهروان وتكريت.