102 عام على تأسيس الجيش العراقي وتاريخ حافل بالانتصارات
يحتفل العراق بالذكرى 102 لتأسيس الجيش الوطني في 6 يناير، الذيي يعتبر من أقدم جيوش الشرق الأوسط في العصر الحديث، والذي خرج من رحم الحرب العالمية الأولى وصراع الأضداد إبان تنامي الاستعمار البريطاني.
أصدرت وزارة الدفاع العراقية، تنويها بشأن ممارسات ميدانية استعداداً للاحتفال بعيد الجيش العراقي.
وذكرت الوزارة أنه " طائرات القوة الجوية وقيادة طيران الجيش ستقوم بالتحليق فوق سماء بغداد بارتفاعات منخفضة لإجراء ممارسات ميدانية استعداداً للاحتفال بالذكرى 102 لتأسيس الجيش العراقي ما قد يؤدي إلى سماع أصوات تلك الطائرات".
بدأية التأسيس
يعتبر تأسيس الجيش العراقي في 6 يناير (كانون الثاني) 1921 مغامرة وطنية، بعدما ترك الأتراك بغداد تحت ضربات الإنجليز وبلا جنود محليين.
وكان الجيش الإنجليزي القادم من الهند يتولى مع وزارة المستعمرات البريطانية الجانب العسكري وسط محيط معاد لهم، توج بثورة العشرين حين ثار عليهم رجال القبائل العراقيين بعدما شعروا بأن استعماراً عثمانياً قد أفل واستبدل بآخر بريطاني يسعى إلى السيطرة المباشرة، بدءاً من تعيين المستشار السياسي لوزارة المستعمرات برسي كوكس مندوباً سامياً يوشك أن يحكم البلاد بذريعة التحرير لا الاحتلال، كما أعلن الجنرال مود الذي رافق تلك الحملة العسكرية.
تأسّس أول فوج بالجيش العراقي في السادس من يناير/كانون الثاني عام 1921، وحمل اسم "فوج موسى الكاظم"، وكان النواة الأولى في مسيرة الجيش الطويلة، وتبعته قوتان جوية وبحرية، ليزداد قوامه إلى أن أصبح 4 فرق، الأولى والثالثة في بغداد، والفرقة الثانية بكركوك والرابعة في الديوانية.
تطور الجيش العراقي
شغرت القوات العراقية أماكن الجيش البريطاني التي انسحب منها، وأصبح الجيش العراقي مسؤول عن أمن المصالح البريطانية، وأرادت الحكومة العراقية أن تزيد حجم الجيش إلى 6000 ألاف جندي ووافقت بريطانيا على ذلك، وكان السبب لتأمين قوة كافية لحماية شمال العراق.
وقد بلغ تعداد الجيش في عام 1925 8000 ألاف جندي، ولم تسهم القوات البريطانية إسهاماً فعالاً في تدريب الجيش واقتصرت الخطة على تشكيل وحدات نموذجية يشرف عليها ضباط بريطانيون، لكن لم تسد الحاجة إلا أن تم إنشاء ثلاث مراكز تدريب في العراق،
وعينت بريطانيا مفتش عام بريطاني للجيش العراقي ووضعت 25 ضابطاً بريطانياً في هيئات الركن والتدريب.
وكانت بريطانيا تؤكد على أن يتعاون العراق معها وأشعار الضباط العراقيين بعدم قدرتهم، في حين أن اتجاه الحكومة العراقية كان إلى زيادة تشكيلات الجيش وتنويع صنوفه، ووقفت بريطانيا في هذا الاتجاه وأصرت على مماطلة وتسويف، وفضلت اقتصار تشكيلات الجيش على الوحدات التي تحفظ الأمن الداخلي والاستغناء عن صنف المدفعية والاعتماد على الطيران كبديل.
وأرادت بريطانيا أن تحقق الموازنة في الجيش العراقي بين بناءه وتأمين ولائه للنظام، وعدم تهديده مصالح بريطانيا في العراق، فوضعت مفتش عام بريطاني على الجيش العراقي و25 ضابطاً بريطانيا في هيئات الركن والتدريب وحامية بريطانية ومعاهدة تؤمن استمرار النفوذ البريطاني في العراق، واقتنعت الحكومة العراقية بأن بريطانيا لن تستمر في بناء الجيش.
وفي عام 1930 عقد العراق مع بريطانيا اتفاقية لتحل محل معاهدة 1922، وعندما دخل العراق عصبة الأمم كان الجيش يتكون من 459 ضابطاً، و9320 ضابط صف وجندي، و794 توابع، وأسلحته تتألف من 22 مدفعية، و9299 بندقية، و1553 سيفاً، و111 رشاش فيكرس، و137 رشاش لويس، و13 طيارة، 9 من طراز جيس موث، و4 بيس موث.
وفي عام 1927 بدأ تشكيل القوة الجوية العراقية ووافقت بريطانيا على قبول خمسة طلاب عراقيين في كلية كرانويل للتدرب على الطيران، وقُبل عشرون طالباً في مدرسة الصناعة ببغداد للتدريب الفني والميكانيكي.
وفي 22 أبريل، 1932 وصل أول رف عراقي، وبعد ذلك توافد البعثات المرسلة مع طياراتها فتشكل السرب الأول للمواصلات في 22 أبريل، 1932 ثم شُكل سرب تعاون الجيش وأنشت مدرسة الطيران سنة 1933.
وفي عام 1937 تأسست نواة أسطول نهري في العراق، تكون من باخرة نهرية، وستة زوارق نهرية صغيرة مسلحة، وزورقان بخاريان مدرعان ومسلحان، وأقترحت وزارة الدفاع على أن تلحق هذه القوة النهرية بوزارة الدفاع.
وفي أبريل 1937 وافق مجلس الوزراء على شراء باخرة سانت بور مقدارها 55 ألف دينار، ولم يكن للقوة النهرية دور سياسي واضح منذ تأسيسها حتى سنة 1941.
تطور الجيش في عهد الجمهورية الأولى
بعد ثورة 14 تموز عام 1958 في العراق أهتمت الحكومة بتسليح الجيش العراقي، وعقدت الاتفاقيات العسكرية مع الدول الاشتراكية لاستيراد الأسلحة وجلب الخبراء لتدريب أفراد القوات المسلحة، وقد حصل العراق على دبابات وصواريخ، وعلى أسراب من طائرات الميج السوفيتية.
وعلى الناحية الإدارية، استحدث مقر قيادة القوات المسلحة الذي كان بقيادة القائد العام للقوات المسلحة عبد الكريم قاسم، وتأسست دائرة الحاكم العسكري العام، وقد غيرت الحكومة من مصادر تسليحها من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي الاشتراكي، واستحدثت العديد من الفرق ووحدات والصنوف وصدرت مجموعة من القوانين العسكرية كان من أهمها قانون خدمة الضباط في الجيش رقم 89 لسنة 1958.
في عام 1964 تسلم العراق طائرات وسكس السمتية البريطانية وأعيد تسليح السرب الرابع بها، في عام 1966 تشكل السرب السابع عشر وسلح بطائرات الميج 21، في عام 1967 وصلت للعراق طائرات السوخوي 7 وتمت إعادة تسليح السرب الأول بها.
وقد تطورت القوة البحرية العراقية بعد ثورة 14 تموز، حيث حصلت على العديد من الزوارق والطوربيدات والسفن، وبدأت البحرية العراقية بالتوسع، واصبحت في ميناء أم قصر.
الحروب العربية
مرّ الجيش العراقي بسلسلة أحداث مفصلية في تاريخه، خاض فيها 16 حربًا، حقّق فيها علامات مضيئة، لا سيما في الحروب العربية ضد إسرائيل، إلا أن أكثر علامة فارقة فيه أنه ظلّ متلاصقا ومتأثرا بالسياسة، وزجّ به في ميادين الانقلابات الدموية منذ منتصف القرن الماضي.
تأسّس أول فوج بالجيش العراقي في السادس من يناير/كانون الثاني عام 1921، وحمل اسم "فوج موسى الكاظم"، وكان النواة الأولى في مسيرة الجيش الطويلة، وتبعته قوتان جوية وبحرية، ليزداد قوامه إلى أن أصبح 4 فرق، الأولى والثالثة في بغداد، والفرقة الثانية بكركوك والرابعة في الديوانية.
وقد شارك الجيش العراقي عام 1936 في أول انقلاب عسكري برئاسة قائد الفرقة الثانية الفريق بكر صدقي، تم على أثره تشكيل حكومة جديدة برئاسة حكمت سليمان.
وفي العام 1958 شارك الجيش مرة أخرى بانقلاب عسكري بقيادة عبد الكريم قاسم للإطاحة بالنظام الملكي، وعادت وحدات من الجيش للإطاحة بقاسم عام 1963، وتنصيب الضابط عبد السلام عارف بدلا عنه، ثم شقيقه الضابط عبد الرحمن عام 1966، بعد وفاة عبد السلام، ثم نصب الضابط أحمد حسن البكر على سدة الرئاسة عام 1968، وبعده تولى صدام حسين السلطة من 1979 إلى 2003.
وتعد مشاركة الجيش العراقي الفاعلة مع الجيوش العربية الأخرى في حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 ضد إسرائيل علامة مضيئة في مسيرته، بينما تعتبر حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران (1980-1988) الأكثر استنزافا لقدراته وإمكانياته، والتي تعرضت لضربة قاصمة بعد اجتياحه الكويت عام 1990 والهجمات الواسعة النطاق التي استهدفته في حرب الخليج عام 1991 التي قادتها الولايات المتحدة وبمشاركة 33 دولة لإخراجه من الكويت.
أزمات الجيش العراقي
ثلاث أزمات حكمت تاريخ الجيش العراقي وقياداته التي خاضت حروباً مستمرة، أولها، أنه لم يكن مستقلاً عن الإدارة السياسية، يأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة الذي هو الملك أو الرئيس الفعلي للبلاد، أي أن إعلان الحرب أو استخدام الجيش بيده.
ثانياً، كثرة الانقلابات التي شهدتها البلاد التي وجدت نفسها في أول انقلاب في تاريخ العالم العربي عام 1936 على يد الفريق بكر صدقي، الذي اغتال وزير الدفاع وقلب الحكم مع أتباعه.
وثالثاً، كان الجيش العراقي أول جيش عربي يفكك بقوة احتلال أجنبي عام 2003، لتتحول البلاد إلى قيادات ميليشياوية تمنح الرتب العسكرية لغاية فريق بمسمى "الدمج"، وحولت الجيش نحو إدارتها العقائدية المرتبطة بإيران لتتحكم بالقرار العسكري في الدفاع والداخلية، وليدفع العراق ضريبة الفوضى التي تسبب بها الحاكم المدني الأميركي بول بريمر الذي تسلم قرار حكم البلاد إبان حقبة الاحتلال. والمفارقة أنه صرح أكثر من مرة بأن قرار حل الجيش جاء نتيجة مطالب عراقية من بعض القوى الشريكة في العملية السياسية، ما تسبب بضياع تاريخ أحد أهم الجيوش العربية وإرادته.