مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

العقوبات الإسرائيلية على السلطة الفلسطينية.. طبيعتها ومدى تأثيرها

نشر
الأمصار

أعلنت إسرائيل عن فرض عقوبات على السلطة الفلسطينية، وآثارت تلك العقوبات مخاوف من انعكاسات قاسية على المستويين الشعبي والرسمي.

عقوبات إسرائيل على السلطة الفلسطينية

وقرر المجلس الوزاري، تجميد خطط بناء للفلسطينيّين في بعض الأراضي المحتلّة منذ العام 1967، وتأتي هذه العقوبات، بعد تبنّي الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، بناءً على طلب السلطة الفلسطينيّة، قرارًا يطالب محكمة العدل الدوليّة بالنظر في الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينيّة.

وقال وزير الخارجيّة الإسرائيلي إيلي كوهين إنّ هدف الإجراءات الإسرائيلية، هو توضيح أن أي محاولة للإضرار بإسرائيل على الساحة الدوليّة لن تمرّ بلا ثمن، فيما رد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينيّة نبيل أبو ردينة في بيانه: "سنواصل نضالنا السياسي والدبلوماسي والقانوني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقيّة".

وتمتد العقوبات الإسرائيلية إلى أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل من المنافذ نيابة عن السلطة الفلسطينية، والتي قد يؤثر الاقتطاع منها على قدرة السلطة على صرف رواتب موظفيها.

ومن بين العقوبات اقتطاع نحو 40 مليون دولار من أموال المقاصة لصالح إسرائيليين تضرروا من عمليات فلسطينية، واقتطاع مبالغ مالية تعادل ما تدفعه السلطة الفلسطينية مخصصات شهرية لعائلات الأسرى والشهداء، وتقدر بنحو 600 مليون شيكل سنويا (نحو 171 مليون دولار).

ومن العقوبات أيضا سحب بعض "الامتيازات" من مسؤولين فلسطينيين، وتجميد مخططات بناء فلسطينية في المنطقة "ج"، وملاحقة منظمات أهلية فاعلة في مجال ملاحقة إسرائيل قانونيا.

وإن كانت سلطات الاحتلال تخصم شهريا مبالغ تعادل ما تصرفه السلطة للأسرى والشهداء، فإن الجديد في العقوبات هو اقتطاع أموال لصالح متضرري العمليات الفلسطينية.

غرامات بحق أسرى المؤبدات

وكشف رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس عن توجه في المحاكم الإسرائيلية تزايد مؤخرا، يضيف لكل حكم بالمؤبد غرامات مالية باهظة على الأسرى.

وأشار فارس إلى قضايا معدودة رفعت في المحاكم الإسرائيلية، وصدرت فيها قرارات بتعويض المتضررين من عملياتهم، لكن المبالغ التي أقرتها تلك المحاكم لا تبلغ 40 مليون دولار.

ويلفت فارس إلى تدوينة اطلع عليها مؤخرا في قرار لمحكمة إسرائيلية جاء فيها أن "على الدولة (إسرائيل) أن تفكر في طريقة تحصيل تلك الغرامات".

وذكر أن أحد الذين تجري مطالبتهم بتعويضات القيادي الأسير مروان البرغوثي، الذي أُحضر إلى المحكمة قبل أيام، وخرج منها صامتا كما دخلها.

بدوره، قال الناطق الإعلامي باسم هيئة شؤون الأسرى حسن عبد ربه للجزيرة نت إن القرار الخاص بمستحقات الأسرى ليس جديدا، وإنما إقرار لسياسة مستمرة منذ 2018.

وأضاف أن الكنيست الإسرائيلي أقر عام 2018 خصم ما يعادل مستحقات الأسرى والجرحى، المقدرة بنحو 600 مليون شيكل (نحو 171 مليون دولار) توزع على 12 شهرا.

أما بخصوص التعويضات لمتضرري العمليات، فقال إن تفاصيل القرار حتى الآن غير واضحة للجانب الفلسطيني، لكن جرى سابقا فرض غرامات في حدود مليون دولار، وخصمت من أموال السلطة.

الاحتلال يتحكم في الأموال

ونيابة عن السلطة الفلسطينية، تجبي سلطات الاحتلال ضرائب على البضائع الواردة إلى الأراضي الفلسطينية من خلال المنافذ التي تسيطر عليها، والمقدرة شهريا بنحو 700 مليون شيكل (نحو 200 مليون دولار) مقابل عمولة 3%.

وفي عرض مالي أمام المانحين في العاصمة البلجيكية بروكسل في مايو/أيار 2022، قال وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة إن المبلغ التراكمي للخصومات منذ عام 2019 بلغ 500 مليون دولار.

وبين يوليو/تموز 2021 ومايو/أيار 2022، ذكر بشارة أن الحكومة الإسرائيلية ضاعفت من الخصومات التي تقتطعها من أموال المقاصة، من متوسط 50 مليون شيكل شهريا إلى 100 مليون شيكل.

أهداف العقوبات الإسرائيلية

وقال الدكتور ماهر صافي، المحلل السياسي الفلسطيني، وعضو حركة فتح، إن حكومة الاحتلال، تحاول فرض واقع جديد من خلال قراراتها ضد السلطة الفسطينية، لشل حركتها، ومنع أفرادها من السفر إلى الخارج، لتقديم مذكرات ضد الممارسات الإسرائيلية، كمحاولة لإخضاع السلطة، والحصول على المزيد من التنازلات، مطالبا السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني مع تل أبيب بشكل تام، حتى يتم وضع أسس جديدة للتعامل بين إسرائيل والسلطة لحماية مستقبل الشعب الفلسطيني والحفاظ على حقوقه في ظل تراجع  الدور الأمريكي.

تأثيرات اقتصادية

وقال ثائر نوفل أبو عطيوي، المحلل السياسي الفلسطيني، إن هذه الإجراءات ستجعل الأمر أكثر تعقيدًا وأكثر حصارًا على موارد السلطة الفلسطينية الاقتصادية، والتي ستكون مردوداته سلبية وقاسية على المواطن الفلسطيني، في ظل ظروف إنسانية ومعيشية لا توفر له أدنى متطلبات الحياة الكريمة البسيطة، في ظل حصار إسرائيلي مستمر على الأراضي الفلسطينية منذ سنوات.

وأكد المحلل الفلسطيني على ضرورة رفع سقف الخطاب من قبل المجتمع الدولي وكافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية من تنديد واستنكار إلى تطبيق فعلي وعملي على أرض الواقع من خلال فرض عقوبات على دولة الاحتلال، ومقاطعتها اقتصاديًا، وتفعيل ومناصرة القرارات المشروعة المتعلقة بالقضية الفلسطينية بكافة المحافل الدولية، حتى يتم محاصرة الاحتلال وتقويض شؤونه والتأثير على مصالحه على مختلف المستويات.

ولفت إلى أن هذه التحركات في حال القيام بها دوليًا سوف تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، وأهمها تمكين الفلسطينيين بشكل جدي وفاعل من حل الدولتين من خلال الضغط على دولة الاحتلال وإلزامها بتنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والتي عنوانها دولة مستقلة كاملة السيادة.

وقررت الحكومة الإسرائيلية اقتطاع نحو 139 مليون شيكل (نحو 39 مليون دولار) من أموال السلطة الفلسطينية لصالح عائلات القتلى من المستوطنين الإسرائيليين، كما تشمل الإجراءات العقابية تجميد خطط البناء الفلسطينية في عدد من المناطق.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن، في 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع القرار الفلسطيني بشأن طلب فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية حول "ماهية الاحتلال الإسرائيلي" لن يكون ملزمًا لإسرائيل.

وجاء طلب إبداء الرأي في قضية "الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية" استجابة لمشروع قرار قدمه المندوب الفلسطيني للجمعية العامة للأمم المتحدة التي صوتت عليه بأغلبية 87 صوتا وعارضته 26 دولة فيما امتنعت 53 دولة عن التصويت.

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، في حرب عام 1967، بينما انسحبت من غزة عام 2005 لكنها تفرض حصارا على القطاع.