دول الخليج تتنافس في تحقيق التنمية المستدامة وإنتاج الطاقة الخضراء
تمتلك دول الخليج خططًا طموحة لتعزيز انتاج الطاقة الخضراء، وسط رهان الحكومات والشركات على الوقود النظيف لمحاولة خفض الانبعاثات.
وبدأت هذه الدول بوضع إستراتيجيات وطنية للطاقة النظيفة، مع تزايد المخاوف المتعلقة باستدامة الإيرادات من الهيدروكربونات.
وخلال السنوات الأخيرة، شهدت هذه الخطط طفرة كبيرة وصفها البعض بأنها "ثورة دول الخليج المقبلة".
الإمارات
تعتبر دولة الإمارات اليوم واحدة من دول قليلة حول العالم التي تملك 5 مصادر مختلفة للطاقة الكهربائية، إلى جانب الطاقة التقليدية، كإحدى أدوات تحقيق الاستدامة في قطاع الطاقة.
والمصادر الخمسة هي: الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، الطاقة الكهرومائية، توليد الطاقة من النفايات، والطاقة النووية.
وتستضيف دولة الإمارات عاصمة قمة الأمم المتحدة للمناخ "COP28" لاستضافة أعمال الحدث المناخي الأكبر.
وتستحق دولة الإمارات لقب دولة الاستدامة، بدأت منذ إعلان تقدمها بطلب الاستضافة التحضير لنموذج عالمي فريد قادر على إعادة المناخ كما كان عليه قبل قرابة قرنين.
الهيدروجين الأخضر في الإمارات
وكانت قد أعلنت الإمارات أنها تعمل على وضع خريطة وطنية للهيدروجين تعزز مكانتها بصفتها دولة رائدة في القطاع.
ووقّعت شراكة إستراتيجية مع الشركة الأسترالية "جي إتش دي" للاستشارات الهندسية، ومركز الأبحاث الألماني "فراونهوفر"، لوضع الاتجاه العام نحو بناء اقتصاد للهيدروجين في الإمارات.
وتعتزم دولة الإمارات توفير سلاسل قيمة جديدة لتصدير الهيدروجين منخفض الكربون ومشتقاته، فضلًا عن إنتاج الصلب ووقود الطائرات القائم على الوقود النظيف.
وأوضح تقرير لمنظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول أوابك أن الإمارات تخطط للاستحواذ على حصة 25% من السوق العالمية للهيدروجين بحلول عام 2030.
وافتتحت الإمارات أول منشأة للهيدروجين الأخضر في الخليج العربي، خلال عام 2021، كما أعلنت حزمة مشروعات جديدة خلال الربع الثاني والثالث من عام 2022 مع شركات كورية ويابانية.
فقد وقّعت شركة بترولين كيمي الإماراتية، في شهر يونيو/حزيران 2022، اتفاقية مع تحالف مكون من 3 شركات كورية لبناء محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الإمارات، بقدرة إنتاجية تبلغ 200 ألف طن سنويًا من الأمونيا الخضراء.
كما وقّعت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" مع شركتي "إينوس" و"ميتسوي" اليابانيتين مذكرة تفاهم لإجراء دراسة جدوى حول فرص إنشاء سلسلة توريد للهيدروجين بين الإمارات واليابان، بطاقة إنتاجية تبلغ 200 ألف طن سنويًا.
وستستثمر شركة مصدر المملوكة للدولة 10 مليارات دولار في مشروعات الهيدروجين الأخضر بمصر، وتعمل على تطوير مشروعات الطاقة المتجددة في أذربيجان، إلى جانب دعم شركة ناشئة في شمال إنجلترا متخصصة في الهيدروجين الأخضر.
وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول (2022)، وصلت أول شحنة تجريبية من الأمونيا منخفضة الكربون القائمة على الهيدروجين من الإمارات إلى ألمانيا.
بالإضافة إلى ذلك، تخطط الإمارات لتطوير أول محطة لإنتاج الهيدروجين من النفايات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بإمارة الشارقة.
وستعمل المحطة على تحويل النفايات الخشبية والبلاستيكية إلى خلايا هيدروجين أخضر، بهدف استعماله وقودًا ضمن مركبات مجموعة بيئية.
السعودية
يعمل صندوق الاستثمارات السعودي على توسيع محفظة مشروعات الطاقة المتجددة.
وأعلن صندوق الاستثمارات العامة استحواذه على ما يصل إلى 9.5% في شركة "سكاي بورن رينيوبلز" الرائدة عالميًا في مجال تطوير وتشغيل تقنيات إنتاج الكهرباء باستعمال الرياح البحرية، إلى جانب "غلوبال إنفراستراكتشر بارتنرز" الذي يُعدّ أحد أهم المديرين العالميين في إدارة الأصول في قطاع البنية التحية.
وستسهم الخطوة بتعزيز جهود مشاركة صندوق الاستثمارات السعودي في تمكين نمو مصادر الطاقة النظيفة، عبر الاستثمار في منصة لإنتاج طاقة الرياح البحرية بعدّة مناطق حول العالم.
طاقة الرياح البحرية
تشمل أصول شركة "سكاي بورن رينيوبلز" حصصًا في مشروعات قائمة أو قيد التنفيذ في كل من ألمانيا وفرنسا وتايوان، إلى جانب مشروعات متنوعة ومستقبلية بهدف إنتاج أكثر من 30 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية.
وتمتلك "سكاي بورن رينيوبلز" خبرات تمتد إلى أكثر من 20 عامًا في مجال التطوير، إضافة إلى سجلّ واسع من الإنجازات يشمل تطوير ما يقارب من 7 غيغاواط حاليًا، بالإضافة إلى الوجود في أكثر من 15 دولة في أوروبا وآسيا والدول المطلة على المحيط الهادئ.
ويتماشى الاستثمار مع إستراتيجية صندوق الاستثمارات العامة التي تهدف إلى بناء شراكات اقتصادية إستراتيجية على المدى الطويل لتحقيق عوائد مستدامة، وإطلاق فرص اقتصادية واعدة عالميًا تُسهم في تمكين القطاعات الإستراتيجية وتطويرها وفق مستهدفات الصندوق الرامية إلى تعظيم أصوله، وتنويع مصادر دخل السعودية بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030.
عمان
تسعى عمان لإنتاج مليون طن سنويا من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030، إذ قامت بتحديد 3 مناطق للاستثمار في هذا المجال في وسط وجنوب سلطنة عمان بولايتي الدقم والجازر بمحافظة الوسطى، ومحافظة ظفار بهدف تطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر.
وعملت على تخصيص مساحة أراضي الطاقة المتجددة بلغت نحو 50 ألف كيلومتر مربع ليتم استغلالها على مراحل مختلفة، لإنتاج ما لا يقل عن مليون طن سنويا بحلول العام 2030 وصولا إلى استغلال 30% من الأراضي المخصصة حاليا لإنتاج ما يقارب 8 ملايين طن من الهيدروجين في عام 2050.
وحول المرتكزات التي تقوم عليها إستراتيجية الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، حددت الدولة عدة مرتكزات تقوم عليها هذه الإستراتيجية، منها هيكلة واضحة لقطاع الهيدروجين الأخضر، وتحديد الأدوار والمسؤوليات بين الجهات المختلفة، وتأسيس شركة هيدروجين عُمان "هايدروم".
وتشمل المرتكزات أيضا الوضوح والشفافية في إجراءات تخصيص الأراضي من خلال جولات مزايدة يتم فيها اختيار المطور وفق مبدأ المنافسة بين المطورين، مع التركيز بشكل أكبر على المردود الاقتصادي من هذه الاستثمارات وتعزيز القيمة المحلية المضافة، مما يدعم التزام البلاد بالوصول إلى الحياد الصفري الكربوني في العام 2050.
الهيدروجين الأخضر في الكويت
لم تتبنَّ الكويت بعد إستراتيجية وطنية للهيدروجين، لكن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي قدّمت مسودة أولية، وتقترح المسودة تعزيز تقنيات احتجاز الكربون والطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق.
كما تدعو البلاد إلى الاستعمال المحلي للهيدروجين، وتكثيف التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى في القطاع.
ورغم أن المسودة تركّز على الهيدروجين الأزرق، فإن الهيدروجين الأخضر يعدّ أكثر الحلول العملية في البلاد، خاصة أن الكويت مستورد صافٍ للغاز الطبيعي.
واحتلّت الكويت المرتبة الأخيرة على قائمة مجلة ميد لمشروعات الهيدروجين الأخضر بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويرجع ذلك إلى أن قيمة مشروعات الهيدروجين الأخضر في الكويت بلغت 15 مليون دولار فقط، ومع ذلك، تعمل البلاد على تطوير إستراتيجية وطنية للهيدروجين في أسرع وقت.