د.حسين هنداوي يكتب: في ذكرى رحيل د.قيس العزاوي مؤرخًا ومناضلاً
تمر اليوم الذكرى الأولى لرحيل المؤرخ والدبلوماسي العراقي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية الدكتور قيس العزاوي (1945-2022)، الذي غادرنا مبكرا اثر مرض عضال لم يمهله طويلا متوجا حياة زاخرة بالعطاء والتضحيات والكفاح الثقافي والسياسي على الصعيدين العراقي والعربي معا وفي ظروف قاسية للغاية أحيانا تشابكت أيدينا خلال الكثير من منعطفاتها لا سيما تأسيسنا المشترك، مع كتاب آخرين، في باريس عام 1976 لـ"اصوات" التي عدت اهم مجلة ثقافية عراقية في المنفى.
وتوّج الدكتور قيس خزعل العزاوي مسيرته الثقافية المتميزة بالحصول على جائزة النيل للمبدعين العرب لعام 2022، لمؤلفاته الفكرية العديدة لدوره كأحد ابرز مؤسسي الصالون الثقافي العربي في القاهرة الذي يضم عشرات الشخصيات الثقافية العربية المعتبرة.
ويحمل الفقيد الراحل شهادة البكالوريوس في علم النفس من جامعة عين شمس في القاهرة منذ 1969، والماجستير في الفلسفة الإسلامية من معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة، وشهادة الدكتوراه في علم الاجتماع العسكري من جامعة السوربون بباريس (1993)، متخصصا بتاريخ الدولة العثمانية.
وكان الفقيد حين رحيله عن الحياة بمنصب الأمين العام المساعد لجامعة العربية ورئيس قطاع الإعلام والاتصال فيها منذ 7 آذار سنة 2019، بعد ان شغل بنجاح مشهود مناصب دبلوماسية وادارية رفيعة ابرزها مندوب بلاده الدائم في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. كما اصدر في حياته 16 كتاباً في مجالات سياسية وفكرية وقانونية من بينها: "رايش والتحليل النفسي" (1982)، و"الفكر الاسلامي المعاصر" (1992)، و"الدولة العثمانية: قراءة جديدة لعوامل الانحطاط" (1994)، و"من الخلافة إلى الانقلابات العسكرية" (بالفرنسية، 1995).
اما المسؤوليات الاخرى التي تولاها خلال مسيرته الثقافية والمهنية، فابرزها ما يلي:
• رئيس اللجنة الدولية لحماية الصحفيين العراقيين ـ باريس منذ عام 2005.
• رئيس اللجنة الدولية للتضامن مع أساتذة الجامعات العراقيين ـ باريس وجنيف منذ عام 2006.
• رئيس تحرير صحيفة الجريدة اليومية الصادرة في بغداد من مايو 2003.
• مدير مركز المرصاد العراقي في بغداد فرع لمركز السرمام في جنيف منذ 2004.
• رئيس تحرير مجلة دراسات شرقية الصادرة في باريس من 1987 وحتى 2004.
• باحث في مركز فلسفة الإستراتيجية بباريس من عام 1988.
• باحث في مركز الدراسات الإستراتيجية بجامعة السربون 1987-1997.
• أستاذ في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية في لندن من 1997.
• مستشار في شؤون الهجرة الإسلامية في فرنسا لدى مؤسسة موزاييك من 1993 حتى 1994.
• رئيس تحرير مجلة البديل الصادرة في باريس من 1984 حتى 1986.
• الإشراف على تحرير وطباعة مجلة جامعة الدول العربية “شؤون عربية” (1983- 1984).
• سكرتير تحرير مجلة المستقبل العربي الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت من1978 حتى 1983.
• أمين تحرير مجلة الفكر الاستراتيجي العربي / معهد الإنماء العربي بيروت عام 1981.
• أمين تحرير مجلة الفهرست في بيروت 1981 ـ 1983.
مقاومة الإرهاب..
مواقفه:
في حوارات صحفية مختلفة معه، تحدث الدكتور قيس العزاوي عن تجربته السياسية منذ مطلع الستينيات عندما بدأ مناضلا من خلال حركة القوميين العرب والحركة الاشتراكية العربية فى بيروت وسوريا وغيرهما من الدول، مُلاحَقًا ومُهدَّدًا حتى عام 2003، حيث استقرت به الأحوال عائدا ال بلاده. فعن عمله في مجال السياسة، يقول: “مارست السياسة بنفس ثقافي- رياضي ونفس الإنسان العادي، يقال أن لديّ ميزة قبول الآخر والتحاور معه، لا أخشى من يختلف معي بل بالعكس وقد وضعت تجربتي في كتاب “الاختلاف والتنوير” يجب أن نستفيد من التجربة الغربية في حركة التغيير والنهضة وعلينا أن نقبل اختلافاتنا”.
عن تجربته في الجامعة العربية قال: “كانت تجربة غنية جدا وأنا بصدد وضع كتاب عنها فيه أسرار وقضايا كثيرة تخص طريقة عمل الجامعة العربية وكيف تؤثر الأنظمة العربية في الجامعة وغيرها من القضايا”.
وعن ما منحته فرنسا يقول: “فرنسا أعطتني أجمل شيء في حياتي، عائلتي وزوجتي وأولادي هم ثمرة اللقاء بين الشرق والغرب وأنا فخور بهم. وعلى المستوى الفكري والثقافي أتاحت لي فرصة في وقت كنت أفتقد فيه كل شيء، احتضنتني ووضعتني في مكانة لم أحلم بها بين المثقفين الفرنسيين والفلاسفة والسياسيين وانتميت إلى أحزاب سياسية فرنسية. وقد ألفت كتابين عن باريس هما “المثقفون العرب والوقوع في سحر باريس” و”باريس بأقلام العرب من الطهطاوي إلى نزار قباني””.
عن تأسيسه الصالون الثقافي العربي في القاهرة، يقول: “هو أفضل ما أنجزت في حياتي، حيث أسس الصالون عام 2011 وضم خيرة الوجوه الثقافية والفكرية العربية وهو في نشاط مستمر، وانتقل الصالون إلى أكثر من دولة حيث استقبل العديد من المفكرين والسياسيين، ويهدف إلى رفع وعي النخبة بما يجري في العالم العربي والدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة، وقد أصدر الصالون العديد من الكتب”.
وعن رؤيته للمشهد الإعلامي العربي يقول: “المشهد الإعلامي هو تجسيد للمشهد السياسي، فعندما نقول الإعلام العربي تعنى أن هناك شخصية موحدة متكاملة، هذا الأمر واقعيا غير موجود. هناك مؤسسات إعلامية عربية كثيرة وقد لا تكون بالضرورة متكاملة، بدليل أنه لا يوجد خطاب إعلامي موحد، وعندما نخاطب الآخر نخاطبه بوسائل قد لا تكون مؤثرة للرأي العام الغربي على سبيل المثال.