مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

دول عربية مهددة بـ"التأثير المدمر للتغير المناخي"

نشر
تغير المناخ
تغير المناخ

يواجه العالم أجمع والدول العربية بشكل خاص خطرا ليس بجديد ولكنه مستمرا معنا لسنوات هو التغير المناخي، والذي يعد أحد التحديات العالمية الكبرى في القرن الحادي والعشرين؛ حيث يشكل تهديداً وجودياً لكل كوكب الأرض وإن تفاوتت آثاره بين بلد وآخر…

وبحسب تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ؛ فإن الاحترار العالمي واضح لا جدال فيه؛ وأن درجات الحرارة العالمية تزداد باطراد وبوتيرة يصعب احتواؤها ضمن عتبة 1.5 درجة مئوية.

وتشير الأدلة العلمية أن ثاني أكسيد الكربون هو المحرك الرئيسي للتغيرات المناخية، إلى جانب غيره من غازات الاحتباس الحراري، ويجمع الباحثون على أن أنشطة الدول المتقدمة وغيرها ممن تتمتع ببصمة كربونية عالية هي المتسببة في الاحترار العالمي، وهناك علاقة سببية بين تلك الأنشطة وبين معظم الكوارث المناخية الناتجة عنها على مستوى العالم. وفي ظل عدم التزام الدول بأهداف اتفاق باريس، ستتفاقم التداعيات والعواقب، وستزداد وتيرة وحدة الظواهر المناخية المتطرفة والنادرة التي سيتعذر تلافيها؛ خاصة في الدول النامية التي تتحمل تبعات سلبية ليست مسئولة عنها، وتواجه تحديات متعددة تفوق قدراتها، خاصة مع ضعف حجم التمويل المتاح لها.

أسباب تفاقم التغيرات المناخية الحالية :

الانبعاثات ودعم الوقود الأحفوري

تتجه تأثيرات المناخ نحو منطقة خطر، ورغم ذلك، فإن الدول ما زالت تُضاعف كل عام من إنتاجها للوقود الأحفوري؛ حيث تشير التقديرات إلى أن انبعاثات مجموعة العشرين تمثل 80 % من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية؛ نظراً لإنتاجها واستخدامها المتزايد من الوقود الأحفوري. ووفقًا لبيانات معهد الموارد العالمية، فإن مساهمة انبعاثات الغازات الدفيئة لـ 10 دول فقط تتجاوز ثلثي الانبعاثات العالمية بنسبة 68 % وهم: الصين، والولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، والهند، وروسيا، واليابان، والبرازيل، وإندونسيا، وكندا، وإيران.

وفي إطار ذلك، فإن أوروبا تُعد مهد الثورة الصناعية التي أشعلت الكربون وغذت نظام الطاقة العالمي، فإنها تُعد في الوقت نفسه موطناً للدول التي تعهدت بالقضاء على جميع التلوث الناتج عن الغازات الدفيئة؛ حيث اعتمد الاتحاد الأوروبي قانون المناخ الذي حدد هدف مشترك لخفض الانبعاثات بنسبة 55 % في عام 2030، من أجل أن تصبح أوروبا محايدة مناخياً بحلول عام 2050.

وعن الصين، فقد تضاعفت انبعاثات الصين 4 مرات خلال 25 عامًا الأخيرة، ووفقاً لأحدث المؤشرات، فإنها أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم بنسبة 28 % من الانبعاثات العالمية؛ إذ تعد مستهلكاً ومنتجاً لأكثر من نصف الفحم في العالم. 
وعلى الرغم من إعلان الرئيس الصيني الالتزام بالحد الأقصى لانبعاثات الكربون قبل عام 2030 وتحقيق حياد الكربون عام 2060، إلا أن تنفيذ العديد من استراتيجيات خفض الكربون لم ترق إلى مستوى التوقعات؛ حيث تُعد الصين الدولة الوحيدة في مجموعة العشرين التي زاد استهلاكها من الفحم بشكل ملحوظ. كما أن بنوكها التصديرية الكبيرة مثل: بنك التنمية، وبنك التصدير والاستيراد الصيني تواصل تمويل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم على مستوى العالم، ولقد توقعت جمعية الفحم الوطنية الصينية (CNCA) أن يزداد إنتاج الفحم في الصين، وأن الاستهلاك الكلي سيرتفع بنسبة 6 % بحلول عام 2025، رغم أهدافها الطموحة في إنتاج الطاقة المتجددة.

وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية كثاني أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية بعد الصين؛ حيث تمثلان معاً حوالي 40 % من إجمالي الانبعاثات العالمية المسببة للتغيرات المناخية.

أما الهند، فإنها تُعد ثالث أكبر دولة متسببة في الانبعاثات الكربونية العالمية بنسبة 7 %؛ حيث تعهدت بتحييد الانبعاثات الكربونية المسببة للاحتباس الحراري بحلول عام 2070 أي بعد عقدين من العام المستهدف 2050؛ إذ توجد لديها الكثير من مناجم الفحم، وسوف تزيد من اعتمادها على الفحم كمصدر رئيسي للطاقة لتوليد الكهرباء وتشغيل صناعتها الثقيلة.

وعن روسيا فإن الفحم يستخدم على نطاق واسع؛ حيث أنها من بين مجموعة العشرين التي قدمت ثاني أكبر مبلغ لدعم الوقود الأحفوري بصفتها منتجًا رائدًا في ذلك المجال، ويرجع ذلك إلى استثمارات الوقود الأحفوري من قبل الشركات المملوكة للدولة والإعفاءات الضريبية، ولا تزال روسيا تجني المليارات من صادرات الوقود الأحفوري في  ظل استمرار الحرب الأوكرانية الروسية،  رغم العقوبات المفروضة عليها، مما سيكون له أعظم التداعيات السلبية على المناخ في الفترة القادمة.

وأما منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقد اعتمدت تاريخياً على موارد الوقود الأحفوري بوصفه مكوناً مهماً من مكونات الاقتصاد، ولا يزال معدل الاستثمار في الطاقة المتجددة ضعيفاً جداً مقارنة بالاستثمار الضخم في الوقود الأحفوري المرتبط بالانبعاثات العالمية. 

وعن إيران والمملكة العربية السعودية وتركيا فهم المسئولون على المستويات المرتفعة من الغازات الدفيئة العالمية مما سيكون له أكبر الأثر على مناخ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ووفقاً لأحدث البيانات، فإن إيران تعد ثامن دولة في معدلات انبعاثات الغازات الدفيئة؛ حيث تمثل انبعاثاتها نسبة 1.9 من الانبعاثات العالمية، كما أنها تعد من أكبر مالكي احتياطيات الوقود الأحفوري في العالم.

وتحتل السعودية المركز الثالث عشر عالمياً، وتمثل انبعاثاتها نسبة 1.52 %؛ وربما تكون السعودية قد خفضت دعم الوقود الأحفوري إلى النصف خلال الفترة (2015-2019)، لكنها لا تزال توفر ما يقرب من ثلاثة أضعاف الدعم من حيث نصيب الفرد مقارنة بأي حكومة أخرى. أما تركيا التي تخطط لبناء محطات جديدة تعمل بالفحم؛ وتعزز دعم مستهلكي الوقود الأحفوري من خلال الإعفاءات الضريبية، خاصة في قطاع الفحم، فإنها تحتل المركز الخامس عشر، وتمثل انبعاثاتها نسبة 1.17 % من الانبعاثات العالمية.


تأثيرات تغير المناخ على الدول النامية

التأثيرات السلبية لتغير المناخ في البلدان النامية، ولا سيما في أقل الدول نمواً، والدول الجزرية الصغيرة النامية، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ تضاف إلى سلسلة التأثيرات التي تضرب العالم منذ سنوات، ولكن نظراً لطبيعة موقعها الجغرافي، ولضعف الدعم المالي المتاح لها من الدول المتقدمة، فإن ذلك يجعلها معرضة للخطر بشكل أكبر دون غيرها؛ حيث مازال الدعم ضئيلاً مقارنة بتكاليف التكيف السنوية التي  تقدر بنحو 70 مليار دولار، ومن المتوقع، أن تصل إلى 160-340 مليار دولار بحلول عام 2030.

ويذكر أن الدول المتقدمة ذات المسئوليات المالية الخاصة تعهدت بتقديم 100 مليار دولار سنوياً للدول النامية، ولم يتم الوفاء بها، وجددت الدول المتقدمة تعهدها في قمة جلاسكو 2021 بتقديم المبلغ سنوياً اعتباراً من عام 2022، كما تعهدت بتقديم تقارير شفافة حول التقدم الذي تحرزه في هذا المجال.

بالإضافة إلى الزيادة الأخيرة في الكوارث المناخية قضايا إضافية خاصة بتهديد اقتصادات تلك الدول، التي تدفع السكان إلى الفقر. وتوضح الأدبيات أن خسائر الكوارث، بما في ذلك الخسائر الاقتصادية والبشرية، استمرت بنسب متزايدة في البلدان النامية.

6 دول عربية مهددة بـ"التأثير المدمر للتغير المناخي

أعلن تقرير لمنظمة "غرين بيس" المغرب والجزائر ومصر ولبنان وتونس والإمارات العربيّة المتحدة، ضمن الدول المهددة بـ"التأثير المدمر للتغير المناخي".

في المغرب

وأشار التقرير الذي أعدته "مختبرات غرين بيس للبحوث" إلى أن المملكة المغربية ستشهد "شحا في التساقطات المطرية خلال السنوات الأخيرة، توقعت (غرين بيس) أن يواجه المغرب، على غرار المنطقة الشمالية الغربية من القارة الإفريقية، ظروفا من الجفاف الزائد وزيادة متوسط درجات الحرارة السنوية في العقود المقبلة من القرن الجاري، ما سيؤثر على إنتاج الغذاء".

ويتوقع التقرير "أن معدل الإنتاجية الزراعية في المملكة المغربية سيشهد انخفاضا بحلول عام 2080 بسبب تغير أنماط تساقط الأمطار، حيث يمكن أن تتأثر الأراضي السقوية سلبا بفعل التملح، عندما يتبخر الماء تاركا كمية عالية مركّزة من الأملاح على سطح التربة"، مشيرا إلى أن "السكان المغاربة الأكثر فقرا هم الذين سيكونون أكثر تضررا من التملح، باعتبارهم يعتمدون على الزراعة للحصول على الدخل". وتوقع هذا التقرير، استنادا إلى خلاصات النماذج المناخية العالمية، "استمرار انخفاض التساقطات المطرية في المغرب خلال العقود القادمة حتى عام 2100، في حين يُتوقع أن تشهد مستجمعات المياه في جنوب غرب المملكة، التي تعاني من ظروف قاحلة، أكبر انخفاض في التساقطات المطرية في البلاد".

كما حذر التقرير أيضا "من التداعيات الوخيمة لظاهرة الارتفاع المتزايد لدرجة الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوتيرة تقارب ضعف المعدل العالمي، ما يجعلها عرضة للآثار والتداعيات الخطيرة الناجمة عن تغير المناخ، بما في ذلك الشح الحاد في المياه، والآثار الواضحة على المجتمعات والمنظومات الحيويّة".

ودعت هذه الوثيقة التي وُضعت تحت عنوان "على شفير الهاوية: تداعيات تغيّر المناخ على 6 بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، إلى ضرورة العمل العاجل لمواجهة الاحترار في المنطقة للحد من تداعياته الوخيمة.

وسجّل هذا التقرير أن الكثير من دول المنطقة "تشهد بشكل طبيعي ظروفا جافة ودافئة للغاية مقارنة بأجزاء أخرى من العالم"، إلا أنه نبه إلى أن "حرارتها ترتفع بمعدل متسارع يصل إلى 0.4 درجة مئوية لكل عقد منذ ثمانينات القرن العشرين، أي ما يعادل ضعف المعدّل العالمي".

ودعا التقرير، الذي صدر بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "COP27" في مصر، إلى تأسيس "صندوق لتعويض الدول والمجتمعات التي تواجه أخطر الآثار لتغير المناخ نتيجة الخسائر والأضرار التي لحقت بها".

ويرجع التقرير "خطر التغيرات المناخية على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تقتصر فقط على شح المياه وخلخلة توازنات الأمن الغذائي، بل يشكل أيضا تهديدها خطرا على التنوع البيولوجي البحري والأرضي".  

ومن بين التداعيات الوخيمة الناجمة عن الاحتباس الحراري، أشار التقرير إلى "ابيضاض واسع للشعاب المرجانية فيه وموتها".

ومما سبق، يرجع السبب الرئيسي للتغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري يعود إلى أنشطة الدول المتقدمة وغيرها ممن تتمتع ببصمة كربونية؛ حيث لم تلتزم معظم الحكومات بخفض إنتاج الوقود الأحفوري واستخدامه، ويرجع ذلك إلى سعي كل دولة إلى تعظيم مصالحها الوطنية على حساب المصالح الدولية الجماعية المرتبطة بتغير المناخ.