"وضع العراق المالي آمن".. خبراء يشيدون بإجراءات الحكومة لوقف تهريب الدولار
بعد أن شخصت تلاعباً بأسعار الصرف ومضاربات مارس من خلالها ضعاف النفوس عملية احتكار للعملة الأجنبية بهدف رفع قيمتها أمام الدينار أو تهريبها، أطلقت الأجهزة الامنية بناءً على أوامر مباشرة من القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني حملة كبيرة تمكنت خلالها من القبض على شبكات من التجار وأصحاب الشركات والأفراد لتهريب العملة والتلاعب بأسعارها.
وأكد جهاز الأمن الوطني، أمس الخميس، القبض على تجار وأصحاب شركات بتهمة التلاعب والمضاربة وتهريب العملة للخارج، بعد جهد استخباري تعقب هؤلاء، فيما ألقت وكالة وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية القبض على أربعة متهمين قاموا بتحويلات مالية غير رسمية وعثر بحوزتهم على 278 ألف دولار أميركي وأكثر من 660 مليون دينار عراقي في بغداد وصلاح الدين ونينوى.
وفي الأثناء، كشف مصدر أمني، اليوم الجمعة، عن تمكن جهاز المخابرات الوطني وبالتعاون مع مديرية الجريمة المنظمة في وزارة الداخلية من ضبط مبلغ يزيد عن مليون دولار حاولت جماعات الجريمة المنظمة تهريبه.
وتأكيداً على أن الحملة ضد المتلاعبين والمهربين للعملة الأجنبية مستمرة حتى تحقيق أهدافها كاملةً، شدد المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، هشام الركابي، اليوم الجمعة، في تغريدة له على منصة “تويتر” ، بأن "معركة الحكومة ضد المضاربين وتجار العملة الصعبة تحظى بدعم سياسي داخلي وخارجي"، مؤكداً، أن "حسمها سيكون قريباً".
وأضاف، أن "عملية ضبط التعاملات التجارية وفق السياقات العالمية مستمرة، واقتصاد العراق لن يحدده سماسرة الدكاكين ومضاربو الشارع بل الدولة فقط"، مشيراً إلى، أن "الدينار يواجه الاحتكار".
وبموازاة ذلك وتدعيماً للجهد الحكومي، وجه مجلس القضاء الأعلى، اليوم الجمعة، باتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يرتكب ضررا بالاقتصاد الوطني سواء من تجار العملة الأجنبية أو المحتكرين للبضائع والسلع الغذائية والسلع الضرورية التي يحتاجها المواطنون.
ولقت الحملة ترحيباً شعبياً على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر ناشطون ونخب مجتمعية تحرك الدولة عبر الجهاز الأمني مؤكداً لجديتها في حل أزمة ارتفاع سعر الصرف التي باتت تثقل كاهل المواطنين نتيجة رفعها لأسعار السلع الأساسية.
وعلى صعيد المؤسسات المالية والمصرفية، واصلت المصارف الحكومية والأهلية عبر المنافذ في الساعات الماضية بيع الدولار لأغراض السفر للسياحة أوالدراسة أوالعلاج للمواطنين وبسعر 1470 دينار، فيما جدد اتحاد الغرف التجارية، اليوم الجمعة، التزامه بسعر الصرف الرسمي، مؤكداً عدم وجود بيع خارج المنصة الإلكترونية.
وقال رئيس الاتحاد عبد الرزاق الزهيري،: إن "الاتحاد ملتزم بسعر الصرف، ودعا جميع التجار بالتوجه إلى المنصة الإلكترونية"، مؤكداً، أن "التعامل مع المنصة سهل وبسيط وهو موضوع حتمي ونهائي، ولا يوجد بيع خارج المنصة".
وتابع، أنه "في حال امتلك التاجر شركة فإن بالإمكان التعامل مع المنصة، أما في حال عدم امتلاكه لشركة فإن غرفة التجارة تكفل له الشراء عبر المنصة ولغاية مئة ألف دولار".
ويأتي هذا التصريح، في ظل الدعوة المستمرة من البنك المركزي للتجار وأصحاب الشركات باعتماد المنصات الرسمية لشراء الدولار وعدم اللجوء للمضاربين الذين يحتكرونه لرفع سعره وجعل قيمته أعلى من سعره الرسمي.
وقبل ساعات، عقد محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق اجتماعاً في مدينة اسطنبول التركية مع مساعد وزارة الخزانة الأميركية براين نيلسون للتداول في الملف المالي.
وقال بيان صادر عن البنك المركزي إن "اللقاء بحث آفاق التعاون والتنسيق بين الجانبين بما يسهم في تحقيق استقرار سعر الصرف في العراق والآليات المرتبطة بذلك".
وأضاف، أن "وزارة الخزانة الأمريكية أكدت دعمها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في العراق في إشارة الى تعزيز ما تم بحثه بين رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني والرئيس الأمريكي جوبايدن في الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما يوم أمس الخميس في التأكيد على أهمية استقرار العراق للمنطقة".
وتابع أن "وزارة الخزانة الأمريكية أبدت استعدادها للمرونة اللازمة لتحقيق الأهداف المشتركة"، مبينا أنه "جرى الاتفاق على مواصلة التنسيق والتعاون خلال الاجتماعات المزمع عقدها في العاصمة واشنطن قبل منتصف الشهر الجاري".
وفي الساعات الماضية، تلقى رئيس الوزراء اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأميركي جو بايدن، رحب فيه الأخير بالزيارة المرتقبة للوفد العراقي الحكومي عالي المستوى إلى واشنطن الأسبوع المقبل والذي سيناقش بحسب وزارة الخارجية ملفات مالية ومصرفية لها صلة بموضوع ارتفاع سعر الدولار في العراق.
وأكد بايدن خلال الاتصال دعم سياسات الحكومة العراقية الاقتصادية.
ويقول الخبير الاقتصادي أحمد صدام : إن "الاتصال يؤشر بوادر إيجابية داعمة لإجراءات الحكومة الاقتصادية مع إجراءات مضاعفة من الجهازين المصرفي والأمني في العراق".
وأوضح، أن "البنك المركزي زاد من منافذ بيع الدولار وسمح لما يقارب الـ 30 مصرفاً ببيعه والأمر يتطلب كذلك من الأجهزة الامنية وخاصة في وزارة الداخلية تعزيز الجهد الاستخباري والقبض على مزيد من المتلاعبين بالأسعار والمهربين للعملة الأجنبية لأنهم العامل الأساسي الذي رفع سعر الصرف في السوق".
وتابع، أن "فرض رقابة مشددة من البنك المركزي والقضاء العراقي والأجهزة الأمنية على مكاتب الصيرفة من شأنه وقف المضاربة بالأسعار والتي تضر بالسياسة النقدية وتسمح برفع قيمة الدولار على نحو غير واقعي وحقيقي وكذلك نحن بحاجة اليوم إلى تمكين الجهاز المصرفي الحكومي من الاستحواذ على سوق بيع العملة الأجنبية لبيعه بشكل مباشر ومنع المضاربة فيه مع وجوب تنظيم ملف التجارة الخارجية بطلبات حقيقية توقف تهريب الدولار"، حسب رأيه.
وأضاف، أن "ذلك من شأنه أن يقلل من مستوى الطلب على الدولار في السوق الموازية ويجبر أصحاب مكاتب الصرافة على بيع الدولار بالسعر الرسمي".