في ذكرى اغتيال رفيق الحريرى الـ18.. لبنان على حافة الهاوية
تحل اليوم الثلاثاء الذكرى الثامنة عشرة، لاغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، والذى اغتيل فى 14 فبراير 2005، في تفجير استهدف موكبه بمنطقة وسط العاصمة بيروت، ومنذ ذاك الوقت أصبح هذا البلد تائها ولم يعرف الاستقرار.
هذا الحادث دٌبر بليل سقط فيه الحريري غارقا في دمائه ومعه 22 قتيلا و226 مصابا بعد أن فجر انتحاري شاحنة صغيرة كانت تحتوي على أكثر من كيلوغرام من مادة "تي إن تي".
وبهذه المناسبة تغلق جميع الإدارات والمؤسسات العامة فب لبنان.
ويقترب لبنان من الوصول إلى مرحلة الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة، بفعل استمرار أزماته السياسية والاقتصادية، وما يترتب عليها من مخاطر تهدد استقراره وأمنه المجتمعي.
حكم على القتلة
وظلت قضية اغتيال الحريري الأكثر جذبا لأنظار العالم طوال الأعوام الماضية، حتى أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكما بخمس عقوبات سجن مؤبد بحق سليم عياش، عضو حزب الله، بقضية اغتيال الحريري، ولا يزال حزب الله يرفض تلك الاتهامات، ولا يعترف بالمحكمة.
واستخدمت في عملية تفجيره 1800 كجم من مادة "تى أن تي" مع 22 شخصا آخر، بينهم وزير الاقتصاد باسل فليحان، الذي كان برفقة الحريري في سيارته بعد شهرين من الاغتيال، اضطرت القوات السورية إلى مغادرة لبنان بعد 29 عاما من التواجد على أراضيه ترأس رفيق الحريري حكومات لبنان لخمس دورات خلال فترتين 1992-1998، ثم 2000-2004، مقدما استقالته بتاريخ 20 أكتوبر 2004.
وقد خلق اغتيال الحريري، أزمة سياسية في لبنان بين مختلف الأحزاب، وكان له شعبية جارفة بين اللبنانيين.
رفيق الحريري
في عام 1944، ولد رفيق الحريري لأسرة مسلمة سنية، وله شقيقان هما شفيق الحريري وبهية الحريري، لكن العائلة كانت متوسطة الإمكانيات فالأب يعمل مزارعا في صيدا جنوبي لبنان، وبدأ حياته العملية في طفولته في قطف الليمون من الأشجار.
ودرس رفيق الحريري في المدرسة، ولكنه كان يعمل عملا إضافياً في المعتاد إلى جانب دراسته لمساعدته في تغطية نفقاته الدراسية.
وأنهى الحريري تعليمه الثانوي، ثم التحق بجامعة بيروت العربية ليدرس في مجال المحاسبة، وفي هذه الأثناء، تدرّب في مجال المحاسبة بأحد المكاتب الصغيرة في لبنان، قبل أن يشد الرحال إلى السعودية، حيث عمل مدرسا، لكنه بعد سنوات من ذلك، بدأ العمل في مجال الصناعة الإنشائية.
وفي نهاية ستينيات القرن الماضي، كانت الفرصة الكبرى التي بدأ من خلالها رفيق الحريري يغادر عالم الوظيفة، ويدخل في عالم البيزنس من أكبر أبوابه، ففي 1969، أسس شركة مقاولاتٍ فرعية صغيرة، سماها سيكونسكت، لكنه تبين بعد ذلك أن هذه الشركة لم تكن ناجحة، فتعاون مع الشركة الفرنسية أوجيه، وأتم مشروع بناء فندقٍ في المملكة.
وأصبح هذا المشروع هو حجر الأساس لانطلاق أعماله، وبعده استحوذ على شركة أوجيه، والتي أصبحت بعد ذلك شركة المقاولات الأساسية التي اعتمدت عليها العائلة المالكة السعودية في جميع أعمالها.
في الثمانينيات، تحول رفيق الحريري، الذي بدأ حياته كجامع لليمون، ثم مدرس رياضيات في مدرسة ابتدائية، إلى رجل أعمال ذائع الصيت، يحوز ثروة هائلة، وله نسبة حصص في عدد من البنوك الإقليمية، ومشارك في ملكية مجموعة من الفنادق الضخمة.
كما أسس أيضاً شبكة تلفزيون المستقبل، وغيرها من المشاريع، وتنامى دوره الاقتصادي والسياسي، حتى عُين مبعوثا شخصيا للملك فهد بن عبدالعزيز في لبنان.
إنجازات ونشاط اقتصادي وسياسي، أهل رجل الأعمال النشيط والطموح إلى لعب دور سياسي نشيط، فتولى رئاسة الحكومة اللبنانية عدة مرات، والبدء في إطلاق سلسلة إصلاحات كبيرة للاقتصاد اللبناني.
سياسة الحريري
وكان من أقوى المواقف السياسية للحريري تمسكه بحق لبنان في المقاومة واسترجاع الأرض من الإسرائيليين، ثم اتفاق تحييد المدنيين في مقاتلة إسرائيل وحق المقاومة في العمل على تحرير الأراضي المحتلة.
ونتيجة دبلوماسيته لعب الحريري دورا في صياغة اتفاق الطائف عام 1990، الذي أنهى 16 عاما من الحرب الأهلية اللبنانية، ليصبح عام 1992 أول رئيس لحكومة لبنانية بعد الحرب.
واستطاع الحريري خلال رئاسة الحكومة الثانية، في عام 2000، حث مجلس الأمن الدولي على إصدار القرار 1559، الذي دعا إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان.
ليس هذا فحسب؛ بل حقق نجاحات اقتصادية غير عادية ساعدت على تحقيق انتعاش للبنان بإقراره السندات الأوروبية التي حافظت على قيمة العملة المحلية (الليرة)، كما مكنته من اقتراض الأموال اللازمة لإعادة الإعمار.
وأسس الحريري مناخا استثماريا جاذبا للاستثمار الأجنبي، فعمل على بناء هيكل ضريبي مبسط، وقدم العديد من الإعفاءات الضريبية، إضافةً إلى القروض منخفضة الفائدة التي كان يقترضها لبنان.
سياساته الاقتصادية في لبنان
ولعل أبرز سياساته الاقتصادية هي Horizon 2000، وهو مشروعٌ تجديديٌ حاول من خلاله تطوير المشهد اللبناني بعد الحرب.
خصخص الحريري الصناعة اللبنانية كجزءٍ من سياسته الاقتصادية، وكنتيجةٍ لذلك، فاز لبنان بالعديد من العقود لصالح قطاعاتٍ كبيرةٍ كالطاقة والاتصالات والسياحة.
وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول عام 2004، انتهت حكومة الحريري الثانية بعد أن استقال من منصب رئاسة الحكومة، وخلفه الدكتور عمر كرامي.
ولمشواره السياسي والاقتصادي المميز في خدمة بلده، نال الحريري عددا من الجوائز أبرزها: جائزة المواطن العالمي من الأمم المتحدة وذلك لمساهماته في العلاقات الدولية.
وفي اليوم المشؤوم، سمعت بيروت بأكملها أو شعرت بالانفجار الضخم.. ظنّ كثيرون أن زلزالاً ضرب المدينة فيما أحدث الانفجار حفرة بعرض 10 أمتار وعمق مترين في المكان الذي أقيم فيه فيما بعد نصبا تذكاريا للحريري.