تأكيداً لدور مصر المحوري ونقل رسالة تضامن.. وزير الخارجية يزور سوريا وتركيا
يعد الدعم المصرى المقدم للجانبين التركى والسورى تأكيدًا على أهمية الدعم الإنسانى لمجابهة حوادث الظواهر الطبيعية بما يسهم في دعم علاقات الترابط والتآخى بين الشعوب لتجاوز المحن. وتشكل المساعدات الإنسانية، توطيدًا لعلاقات مصر الخارجية، وتعزيزا لمكانتها في محيطها الإقليمي، والمجتمع الدولي.
رسالة تضامن من مصر
وصل وزير الخارجية المصري سامح شكري الاثنين إلى سوريا ومن المقرر ان يغادر إلى تركيا، للمرة الأولى منذ عقد، وذلك بعد فتور ساد العلاقة بين القاهرة وكل من البلدين، وفق ما أفادت الخارجية المصرية في بيان الأحد.
وأعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن الشعب السوري له مكانته الخاصة لدى الشعب المصري، مشيرا إلى أن الهدف الأول من زيارته إلى دمشق إنساني.
وتابع وزير الخارجية المصري خلال تصريح صحفي مع نظيره السوري فيصل المقداد من دمشق: "سعيد بزيارتي لسورية وتشرفت بلقاء الرئيس بشار الأسد ونقلت له رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي للتأكيد على التضامن مع سورية والاستعداد لمواصلة دعمها بمواجهة آثار الزلزال".
ومن جانبه، قال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، إن مصر كان لها دور كبير في مواجهة النتائج الكارثية للزلازل التي حدثت مؤخرا.
وتابع وزير الخارجية والمغتربين: "عندما يأتي وزير خارجية جمهورية مصر العربية إلى دمشق فهو يأتي إلى بيته وأهله وبلده ..كان لقيادة مصر وشعبها دوراً كبيراً في مواجهة النتائج الكارثية للزلزال".
وأوضح المقداد: "المساعدات التي وصلت من جمهورية مصر العربية لمتضرري الزلزال دليل على اللحمة بين الشعبين الشقيقين".
ونقل البيان عن المتحدث باسم الخارجية أحمد أبو زيد قوله إن شكري سيزور البلدين بهدف "نقل رسالة تضامن من مصر مع الدولتين وشعبيهما الشقيقين عقب كارثة زلزال يوم السادس من فبراير (شباط) الجاري" والذي خلف حوالى 46 ألف قتيل في البلدين.
وأشار البيان إلى أن شكري سيؤكد خلال لقاءاته في سوريا وتركيا "استعداد مصر الدائم لتقديم يد العون والمساعدة للمتضررين في المناطق المنكوبة بالبلدين".
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد اتّصل غداة الزلزال بنظيره السوري بشار الأسد، في تواصل غير مسبوق بين الرجلين.
وأجرى السيسي بعد ذلك اتّصالا بنظيره التركي رجب طيب إردوغان، علما بأن الرجلين كانا قد تصافحا في نوفمبر خلال فاعليات كأس العالم بكرة القدم التي استضافتها قطر، كذلك سجّل تواصل هاتفي بين وزيري خارجية سوريا ومصر.
تضامن مصر مع سوريا وتركيا وتقديم المساعدات الإغاثية جراء الزلزال
بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى، أرسلت جمهورية مصر العربية 5 طائرات عسكرية محملة بمساعدات طبية عاجلة لسوريا وتركيا، حيث بدأ وصول الطائرات المحملة بأدوية ومساعدات طبية لمتضرري الزلزال.
وذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا" أن ذلك جاء في تصريحات لوزير الإدارة المحلية والبيئة السوري المهندس حسين مخلوف من مطار دمشق الدولي عقب استقبال المطار مساء اليوم 3 طائرات مصرية محملة بمساعدات إنسانية وإغاثية ومواد طبية وخيام لمساعدة المتضررين جراء الزلزال الذي ضرب سوريا.
وغادرت أكثر من سفينة إمداد مصرية من ميناء العريش البحري، متجهة إلى الدولتين، محملة بمئات الأطنان من المساعدات الإغاثية (المواد الغذائية، الخيام، البطاطين، الأدوية، والأدوية والمستلزمات الطبية.. .) المقدمة من وزارتي الدفاع، والتضامن الاجتماعي، والأزهر الشريف، وجمعية الهلال الأحمر، وصندوق «تحيا مصر».
وفيما وصلت الإمدادات الإغاثية المصرية إلى تركيا وسوريا، بحرًا، فقد أقلعت طائرتا نقل عسكريتان من قاعدة شرق القاهرة الجوية، متجهتين إلى تركيا محملتين بكميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، المقدمة من وزارتي الدفاع والصحة ومؤسسات مصرية أخرى، وأعرب المسئولون في تركيا وسوريا، عن تقديرهم الكامل للجهود المصرية (حكومةً وشعباً).
وبادر صندوق «تحيا مصر» بتخصيص حساب (رقم: 037037- إغاثة سوريا) في كل البنوك المصرية، بهدف تلقى المساهمات من داخل وخارج مصر، لإغاثة ضحايا الزلزال، الذي تعرضت له الدولة الشقيقة، والعمل على تلبية الاحتياجات المعيشية والدوائية وغيرها للأشقاء السوريين، ضمن جهود مصر الإغاثية، وتنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
كما قام صندوق «تحيا مصر» بتسيير قافلة (أكثر من 140 طنا) من المواد الغذائية والملابس والأمتعة والأغطية وتجهيزات إغاثية أخرى، ضمن جهود الصندوق في مواجهة الكوارث والأزمات (محليا ودوليا) تحت شعار: «نتشارك من أجل الإنسانية» التي تبدت في محطات عدة (إعادة قطاع غزة، وتنظيم قوافل عدة لدول عربية وإفريقية).
وتتنوع المساعدات الإنسانية (غذائيا، طبيا، وخدمات الإيواء) إلى جانب الدعم المالي الحكومي، والتبرعات الأهلية، تحت إشراف حكومي، لضمان وصول الأموال لمستحقيها، وضمان توظيفها في القطاعات الحيوية، التي تحددها الدولة المتضررة، عبر التنسيق المشترك بين الحكومتين، كما يسهم «تقنين التبرعات» في منع وصولها إلى جهات مشبوهة أو إرهابية.
وأظهرت مصر خلال التحديات الدرامية (إقليميا، وعالميا) خاصة خلال السنوات الأخيرة، مرونة كبيرة في مد يد المساعدة للشعوب المتضررة، عبر مشاركات عدة (حكومية، ومجتمع مدني، وتبرعات القطاع الخاص) وفق رؤية تعتمد على إعادة تشكيل خريطة العلاقات المصرية، مدعومة بجهود القوات المسلحة، والوزارات والمؤسسات المعنية، والوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية.
كما تشكل المساعدات الإنسانية، توطيدا لعلاقات مصر الخارجية، وتعزيزا لمكانتها في محيطها الإقليمي، والمجتمع الدولي، كما تصنع صورة ذهنية، مفادها: قدرة الدولة، وقطاعاتها المتعددة، فضلا عما تمثله من قوة ناعمة بين الشعوب، التي يتم التضامن معها في الأزمات والكوارث، التي تتعرض لها، ضمن ما أصبح يعرف، عالميا، بـ«دبلوماسية الكوارث».
وإلى جانب كون العمل الإغاثي- الإنساني، أحد الأوجه المميزة للدول ذات الإرث الحضاري، ورمزا للتكافل الإنساني (عبر المسارعة بتقديم المعونات والمساعدات الإنسانية خاصة في حالات الكوارث الطبيعية، كالفيضانات والزلازل والمجاعات)، لكن يظل السؤال: لماذا خرجت معظم المساعدات المصرية الموجهة إلى تركيا وسوريا من ميناء العريش.
العلاقات بين مصر وتركيا
أقامت تركيا علاقات دبلوماسية مع مصر في عام 1925 على مستوى القائم بالأعمال، ورفعت مهمتها في القاهرة إلى مستوى السفراء في عام 1948.
يملك البلدان سفارات وقنصليات في عواصم الدول الأخرى. وقّع البلدان على اتفاقية للتجارة الحرة في ديسمبر عام 2005. يُعد البلدان عضوين كاملين في منظمة الاتحاد من أجل المتوسط. قُدِّرت قيمة صفقة للغاز الطبيعي بين مصر وتركيا (أكبر مشروع تركي مصري مشترك حتى الآن) بـ4 مليارات دولار.
وقعت مصر وتركيا مذكرة تفاهم لتحسين ومواصلة العلاقات العسكرية والتعاون بين البلدين في 16 أبريل عام 2008.
وتوترت العلاقات بين البلدين بشكل كبير في مناسبات عديدة في تاريخهما، بما في ذلك فترة حكم جمال عبد الناصر لمصر في خمسينيات القرن العشرين وستينياته، وتدهورت بشدة في الفترة التي أعقبت عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي في 3 يوليو عام 2013 بعد مهلة 48 ساعة في 1 يوليو، وذلك بمناسبة انتهاء الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي وقعت بين 30 يونيو و3 يوليو من ذلك العام.
وفي 23 نوفمبر عام 2013، طردت الحكومة المصرية السفير التركي في القاهرة بعد أزمة دبلوماسية دامت لعدة أشهر.
ألغت وزارة الخارجية المصرية التدريبات البحرية المشتركة مع تركيا بسبب تدخل تركيا بالشؤون الداخلية لمصر. ألغى وزير الخارجية المصري في سبتمبر عام 2014 اجتماعًا مع الرئيس التركي أردوغان بناءً على طلب تركيا بعد أن ألقى أردوغان خطابًا ينتقد مصر في الجمعية العامة للأمم المتحدة. نفى مستشار الرئيس التركي تخطيط قادة الدول للاجتماع.
سلّمت وزارة الخارجية المصرية في وقت لاحق أيضًا وثيقة مصورة حول اقتراح الاجتماع الذي طرحته تركيا إلى وسائل الإعلام، ونشرتها صحيفة اليوم السابع المصرية. قررت إدارة السيسي إلغاء اتفاقية الرورو مع تركيا، ومنع تركيا من نقل الحاويات التركية إلى الخليج عبر الموانئ المصرية.
أدت حملة مكثفة بدأتها مصر والسعودية ضد تركيا إلى فقدانها فوزها السهل المتوقع في عضوية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
العلاقات بين مصر وسوريا
تميّزت العلاقات المشتركة بأنها ذات تاريخ مشترك منذ التاريخ القديم حيث كانت الدولتان أرضاً واحدة في فترات كثيرة منذ عصر الدولة الحديثة الفرعونية حتى القرن التاسع عشر مع بدء انهيار وتفكك الدولة العثمانية. آخر مظاهر الوحدة بين البلدين تجلّت في اتحاد الدولتين في دولة واحدة باسم الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 برئاسة جمال عبد الناصر؛ وتفككت هذه الوحدة من جانب سوريا عام 1961. حتى تولى الرئيس أنور السادات الحكم في مصر وحافظ الأسد في سوريا بالشراكة مع ليبيا برئاسة معمر القذافي عام 1971 ثم أعلن قيام اتحاد الجمهوريات العربية، وهو اتحاد يحفظ لكل دولة شخصيتها الاعتبارية ونظامها الداخلي، ولكن انهارت هذه الوحدة للاختلاف في بنود الوحدة بجانب اتخاذ مصر طريق مفاوضات السلام مع إسرائيل.
خاضت مصر مع سوريا حرب أكتوبر 1973 لطرد إسرائيل من شبه جزيرة سيناء في مصر وهضبة الجولان في سوريا.
أعلن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي مساء السبت 15 يونيو 2013 قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وإغلاق سفارتها في القاهرة.
وقال مرسي في كلمة ألقاها في مؤتمر «لنصرة سوريا» أن مصر «قررت قطع العلاقات تماما مع النظام الحالي في سوريا وإغلاق سفارة النظام الحالي في مصر وسحب القائم بالأعمال المصري» في دمشق.
لكن بعد أسبوعين فقط، عزل مرسي من منصبه إبان ثورة شعبية قاده الفريق أول عبد الفتاح السيسي، الحدث الذي باركه بشار الأسد معتبرا ما يجري في مصر تجسيد لـ«سقوط ما يسمى الإسلام السياسي» حسب قوله.
يصف الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات التابع لرئاسة الجمهورية المصرية العلاقات «الحالية» بين سوريا ومصر بأنها «علاقات سياسية متميزة علي كافة الأصعدة وفي مختلف القضايا».