مصرف لبنان يتدخّل لوقف "أسوأ انهيار عملة" في العالم
يعود مصرف لبنان المركزي إلى وصفة قديمة استخدمها من قبل، في محاولته إيجاد حل لأزمة العملة المتفاقمة في البلاد منذ ثلاث سنوات، حيث يخطط لتسعير مبيعاته من الدولار الأمريكي عند مستوى أضعف من سعر الصرف الرسمي.
في إعلان متأخر مساء الأربعاء، قال البنك المركزي إنه سيتدخل في السوق عبر بيع الدولار نقداً إلى الأفراد والشركات بسعر 70 ألف ليرة لكل دولار.
ويقارن ذلك بسعر الصرف الرسمي البالغ 15 ألف ليرة، والذي سيبقى دون تغيير بعدما انخفضت قيمة العملة المحلية بنسبة 90% قبل شهر من الآن، وفقًا لـ«بلومبرج».
سيضع صانعو السياسة النقدية أيضاً، حداً أقصى للطلب على شراء العملة الأجنبية، مع العمل على دفع رواتب موظفي القطاع العام بسعر أفضل.
ارتفعت الليرة بعد القرار الأخير، ليسجل سعر الدولار نحو 80 ألف ليرة في السوق السوداء.
الأسوأ في العالم
كان التخفيض الرسمي الأول لقيمة العملة اللبنانية في ربع قرن، قد جعل الليرة أسوأ العملات أداء في العالم خلال العام الجاري. ومع ذلك، لم تظهر تداولات سوق الصرف الأجنبي الموازية علامات تُذكر على أن الليرة أوقفت سقوطها الحر، إذ واصلت هبوطها لتسجل يوم الأربعاء مستوى 90 ألف ليرة للدولار الواحد.
إلى جانب الإجراءات التي أعلن عنها البنك المركزي، عدّلت وزارة المالية بدورها قيمة الدولار الجمركي، (سعر الدولار المعتمد في تحصيل الرسوم الجمركية) ليبلغ 45 ألف ليرة، وذلك بعد ثلاثة أشهر فقط من تحديده عند مستوى 15 ألف ليرة.
بالنظر إلى محدودية احتياطيات لبنان من النقد الأجنبي، يبدو أن فرصة الليرة ضعيفة في العودة إلى الاستقرار في أي وقت قريب، وفق ما قاله ناصر السعيدي، وهو وزير اقتصاد سابق ونائب سابق لحاكم مصرف لبنان.
وتُوصف الأزمة المالية التي يواجهها لبنان بأنها واحدة من أسوأ الأزمات على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. فقد تخلفت الحكومة عن سداد ديون دولية بقيمة 30 مليار دولار في عام 2020، وسمحت للاقتصاد بالانهيار، مع ارتفاع التضخم إلى معدّل من ثلاثة أرقام، وانهيار العملة الذي قضى على مدخرات الناس.
قال رياض سلامة، حاكم البنك المركزي، والذي تنتهي ولايته في وقت لاحق من العام الجاري، إنه يخطط لترك منصبه بعدما شغله لثلاثة عقود، فيما يجري تحميل السياسات النقدية التي اعتمدت طوال تلك السنوات - ولو جزئياً- مسؤولية الانهيار الذي تعيشه البلاد.
أعباء إضافية
يتمثل الهدف من خطوة البنك المركزي الأخيرة في تقليل الضغط على الليرة، عن طريق ضخ العملة الصعبة بمعدل يتماشى أكثر مع مستويات الطلب في السوق. حاول البنك المركزي في وقت سابق تجنّب حدوث انخفاض حاد في قيمة العملة، من خلال تقييد المعروض من العملة المحلية مع الحد في الوقت ذاته من كمية الدولارات التي يضخها من خلال ما يُعرف بـ"منصة صيرفة" للصرف الأجنبي.
قال السعيدي: "هذه العملية ستفشل، وسترتّب المزيد من الأعباء، لأن التكلفة الاقتصادية آخذة في الازدياد.. نحن نفرض ضرائب على الاقتصاد النقدي، وهذا يقود إلى دوامة من التضخم المفرط".