العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية.. تاريخ مضطرب من القطيعة إلى العودة

تم التوقيع على إعادة العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية، مما يثير الجدل حول تلك العلاقة المضطربة بين جانبي الخليج العربي منذ إنشاء دولتيهما الحديثتين، سواء السعودية في الرياض أو قيام الجمهورية الإيرانية في طهران.

لماذا هناك خلاف بين إيران والسعودية؟

كشفت صحيفة “البايس” الإسبانية، أنه لفهم أهمية إعادة العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية، فإن المملكة العربية السعودية، مهد الوهابية - التي تدافع عن عودة جذرية للإسلام من أصولها - هي البلد الذي يضم أقدس مكانين في الإسلام ، مكة والمدينة، يعتبر ملوكها أنفسهم زعماء للعالم السني، المعارضين للتيار الشيعي، الأغلبية في إيران. 

تفاقم هذا التنافس الديني التاريخي بعد ظهور جمهورية إيران الإسلامية في عام 1979 ، والتي مثلت انتصارًا لثيوقراطية ذات مكون جمهوري قوي وهدف واضح يتمثل في تصدير التشيع إلى المنطقة مما أثر في  العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية.

دعا الثوار الإيرانيون إلى الإطاحة بالنظام الملكي في دول مثل السعودية التي تمثل أقلية شيعية فيها ما بين 10٪ و 15٪ من سكانها، وفي الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) ، دعمت الرياض بغداد لمنع إيران من تصدير ثورتها الإسلامية. 

ومنذ ذلك الحين ، ثأرت  العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية وحافظ البلدان على حروبهما المتتالية من خلال وساطة عملاء آخرين (سواء أكانوا دولة أم لا) ، داعمين الجماعات المتنافسة في صراعات مثل الأفغاني في سنوات الاحتلال السوفيتي ، واللبنانيين والحاليين في سوريا واليمن، وهذه المنافسة لها أيضًا جانب اقتصادي: التنافس على السيطرة على أسواق المصدر الرئيسي للدخل لكليهما: النفط.

ما الذي أدى إلى قطع العلاقات في عام 2016؟

في 2 يناير / كانون الثاني 2016 ، أعدمت السعودية رجل دين من الأقلية الشيعية ، نمر النمر ، الذي حُكم عليه بالإعدام بتهمتي "الإرهاب" و"الفتنة".

 بعد إعدامه ، اقتحمت حشد من الناس السفارة السعودية في طهران وأضرمت النيران فيها، وردت الرياض بسحب سفيرها في خطوة تبعها الإيرانيون مما أدى إلى قطع  العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية.

 في سبتمبر 2019 ، تعرضت منشأة نفطية كبرى في الأراضي السعودية لهجوم بطائرات مسيرة وصواريخ كروز أطلقها المتمردون الحوثيون في اليمن ، بدعم من الجيش الإيراني.

ما الذي دفع هذا النهج؟

لم ترد الولايات المتحدة على إيران بشأن الهجوم على آبار النفط السعودية في عام 2019.

 وبحسب العديد من المحللين ، دفع ذلك الرياض للتواصل مع روسيا والصين ، وهما دولتان تربطهما علاقات جيدة مع النظام الإيراني. 

بالإضافة إلى ذلك ، خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، قال جو بايدن إنه سيجعل المملكة العربية السعودية "دولة منبوذة" لاغتيال الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 ، وهي الجريمة التي استهدفت فيها وكالة المخابرات المركزية ولي العهد السعودي.

أصبحت إيران من جانبها أكثر عزلة من أي وقت مضى ، على الأقل عن الغرب ، ليس فقط بسبب برنامجها لتخصيب اليورانيوم ، ولكن أيضًا بسبب القمع الوحشي للاحتجاجات التي أشعلتها وفاة الشابة محساء أميني في حجز الشرطة، وكذلك لتزويد موسكو بطائرات بدون طيار من أجل الحرب في أوكرانيا.

ما هي العواقب التي ستترتب على الاتفاقية؟

يبدو من غير المحتمل أن تؤدي إعادة  العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية إلى إنهاء التنافس المستمر منذ عقود والمشاركة المباشرة للبلدين في حروب إقليمية من خلال دعمهما للجماعات المتنافسة في سوريا واليمن. 

كما تطير الاتفاقية حول المحادثات لإعادة تفعيل الاتفاق النووي مع إيران ، والذي عارضته الرياض بشكل جذري ، بسبب استبعاد القوى الإقليمية ، من بين أسباب أخرى. 

وشدد وزير الخارجية السعودي ، فيصل بن فرحان آل سعود ، الأسبوع الماضي ، في رحلة إلى لندن على أن هذا الاتفاق يحتضر ، ودعا إلى صيغة جديدة تشمل دولًا مثل دولته ، وهو احتمال يمكن تخفيفه إذا تحقق الذوبان مع طهران.

تعتبر المزايا المحتملة لهذه الاتفاقية لا تمحو ، مع ذلك ، الرؤى المتضاربة لإيران والمملكة العربية السعودية حول مستقبل الشرق الأوسط وبحثهما المتناقض عن الهيمنة الإقليمية.