بعد الإشادة العالمية.. الجزائر تلعب دور محوري فى محاربة الإرهاب بالساحل
لم يكن بمقدور دول العالم التصدي لخطر الإرهاب الأسود إلا من خلال الاتحاد سويًا لاقتلاع جذوره والقضاء عليه نهائيًا، ومن هنا تأتي الإشارة لدور الجزائر المحوري في مواجهة الإرهاب بمنطقة الساحل، خاصة في ظل تدهور حالتها وتزايد الفقر وضعف الأداء الاقتصادي بها.
فمن جانبه، قال الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية نائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل، إن الاتحاد الأوروبي يعوّل على الجزائر في تنسيق الجهود لمواصلة محاربة الإرهاب في منطقة الساحل، معتبرا أن الجزائر شريك أساسي للاتحاد الأوروبي في مكافحة الإرهاب، بحسب ما ذكر موقع "سكاى نيوز" الإخبارى.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي سيضاعف جهوده من أجل استرجاع الأموال الجزائرية المهربة إلى الخارج.
وأوضخ بوريل أن الطاقات المتجددة أرضية خصبة لشراكة واعدة وتعاون اقتصادي مع الجزائر.
تزايد التدهور الأمني لمنطقة الساحل
وبخصوص الوضع الحالي لمنطقة الساحل، فأكد رئيس المجلس الشعبي الجزائري، إبراهيم بوغالي، أن مكافحة الإرهاب والوقاية من التطرف العنيف يتطلب العمل وفق مقاربة شاملة تتضافر فيها جهود كل الجهات الفاعلة.
وأشار بوغالي إلى أن منطقة الساحل قد عرفت تدهورًا سريعًا للوضع الأمني خلال السنوات الماضية من خلال التقاء العديد من العوامل أهمها:-
- تزايد بؤر التوتر
-انتشار الفقر
- ضعف الأداء الاقتصادي
- هشاشة القدرات الوطنية وآثار التغيرات المناخية والتصحر والجفاف
- اندثار التنوع البيولوجي
- تداعيات جائحة كورونا.
وأضاف، أن هذه العوامل مجتمعة تحد من فرص الولوج إلى الخدمات الأساسية، لا سيما التعليم والصحة و فُرص العمل مما يؤثر سلبا على مستوى السكان تجاه الجهات الحكومية ويتيح للتيارات الإرهابية المتطرفة استغلال هذه الاختلالات للتمدد و التجنيد وزيادة موارد تمويلها.
وأفاد، أنه آن الأوان لتوحيد الاستراتيجيات واعتماد مقاربة شاملة موجهة نحو تحقيق نتائج ملموسة لاسيما في مجال تعزيز قدرات دول المنطقة ومساعدتها على تنفيذ الخطط التنموية المحلية والوطنية وهو ما لا يستقيم إلا بإشراك المجتمعات المحلية وممثليهم في تحديد الأولويات وطريقة التعامل المثلى معها.
كما أكد في السياق نفسه، أن الجزائر التي هي جزء لا يتجزأ من فضاء الساحل الشاسع، تتبنى سياسة تفاعلية ومتكاملة لدعم جهود مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف في المنطقة من خلال دعمها المستمر لتعزيز القدرات المحلية لدول المنطقة، وتكثيف التعاون الإقليمي العملياتي والمساهمة الملموسة في معالجة الأسباب العميقة لهذه الآفة الخطيرة من خلال دعم جهود التنمية عبر تدريب النخب ودعم الخدمات الأساسية وتجسيد المشاريع الهيكلية ذات الطابع الاندماجي، وهو ما أكده التوجه الاستراتيجي الذي عبر عنه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون من خلال تخصيص مساعدات مالية لدعم التنمية في الدول الأفريقية.
أزمات لا تنتهي
وبعد دراسة وبحث في أحوال منطقة الساحل وجد الجميع أنها تمثل خطورة بالغة على عدد كبير من الدول لا سيما الدول العربية والتي على رأسها الجزائر، ويمكن تحديد التحديات الأساسية التي تمثل مجالات التهديدات الأمنية للجزائر فيما يلي:
التهديد الأول
هو الإرهاب القادم من منطقة الساحل والصحراء، استنادا إلى ما عُرف بنظرية "الموز" التي تطرح فكرة تصدير الإرهاب واستدعاء مشهد أفغناستان إلى منطقة الساحل والصحر.
التهديد الثاني
هو قضية الهوية، وأبرزها أزمتي الأمازيغ والطوارق، وتسيد مفهوم القبيلة على حساب مفهوم واعتبارات الدولة الوطنية.
التحدي الثالث
هو ظاهرة التصحر وما يرتبط بها من خطط التنمية وتأثيرها السلبي على قدرات الدولة الاقتصادية، خاصة مع ضغوط التبعية الاقتصادية للاستعمار القديم (فرنسا) على دول الساحل والصحراء، ذلك أن 14 دولة لازالت تستعمل العملة الفرانكفونية، وأن ثلاثة بنوك مركزية من هذه الدول مازالت تابعة لفرنسا. ومن ثم، فإن هذه الدول ليست مستقلة من الناحية المالية.
ولا يمكن أن نغفل عن الأزمة الاقتصادية والتي تعتبر أهم التهديدات التي تشهدها دول الساحل والصحراء، فضلا عن حالة الهشاشة التي تعانيها الدولة الوطنية في أفريقيا والتي ترتبط بالفشل في بناء المنظومة السياسية المحلية المعنية بتحقيق الاستقرار السياسي.
وإلى جانب ذلك تحاول واشنطن نقل نموذج أفغانستان إلى منطقة الساحل الأفريقي، خاصة في ظل ضعف الانتماء للدولة الوطنية بالمنطقة، وذلك جراء سياسيات التهميش والإفقار وعوامل الفساد، ما جعل المواطنين لا يؤمنوا بالدولة الوطنية.
مع الأخذ في الاعتبار قضية الطوارق وضياع حلمهم في تكوين دولتهم، ولافتا إلى أن تمويل العمليات الإرهابية يعتمد بالأساس على تجارة المخدرات، فيما تستند الميلشيات في ليبيا اقتصاديا على عمليات تهريب الأفارقة إلى أوروبا.
شراكة أمريكية جزائرية لمواجهة الإرهاب
ومن جانبها، صرحت نائبة وزير الخارجية الأمريكي المكلفة بمراقبة الأسلحة وشؤون الأمن الدولي، بوني دنيز جنكينز، بأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الجزائر في تنويع اقتصادها، مضيفة أن الشراكة بين البلدين في مكافحة الإرهاب "تظل قوية" من أجل دعم السلم والرفاهية في المنطقة وما حولها.
وأوضحت جنكينز أن هناك تطابقا بين مقاربة البلدين بخصوص الأمن في المنطقة وفي العالم، وتم التركيز على مسألة حظر التسلح.
وأضافت أن "الشراكة التقنية بين البلدين تلعب دورا في بناء وتقوية العلاقات الأمنية على جميع الأصعدة".
وتابعت نائبة وزير الخارجية الأمريكي المكلفة بمراقبة الأسلحة وشؤون الأمن الدولي، قائلة :"إن الشراكة الثنائية بين البلدين تلعب دورا هاما في تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي, حيث أن هناك شركات أمريكية تبحث عن فرص للاستثمار في الجزائر وأخرى مستقرة بالجزائر تعمل على خلق فرص عمل في مختلف المجالات".
تهريب الأسلحة بمنطقة الساحل الإفريقي يثير قلقًا أمميًا
تصاعدت وتيرة التحذيرات الأممية من تهريب الأسلحة بمنطقة الساحل الإفريقي، إذ دعا مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، في تقرير له، دول الساحل في أفريقيا إلى بذل مزيد من الجهود لمكافحة تهريب الأسلحة على أراضيها التي تشهد هجمات مسلحة وأعمالا إجرامية وأخرى إرهابية ونزاعات بين جماعات إثنية متناحرة، في وقت تعد منطقة الساحل الإفريقي «مركبًا أمنيًا» بالغ التعقيد؛ كونها بؤرة للعديد من الجماعات الإرهابية العابرة للحدود والأسرع تمددًا في العالم كـ«داعش» و«القاعدة» و«بوكو حرام».
واعتبر المكتب الأممي في تقريره، أن حالة الفوضى التي غرقت فيها ليبيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011 أدت إلى تدفق الأسلحة من الدولة الواقعة في شمال القارة إلى دول الساحل الواقعة جنوبها.
وشهد النشاط الإرهابى في منطقة الساحل (بوركينا فاسو، مالى، تشاد، مورتانيا، النيجر)، تصاعدًا مضطردًا في الآونة الأخيرة، حتى أن الجماعات الإرهابيية تتناحر لبسط نفوذها؛ نظرًا لطبيعة المنطقة الجيوسياسية والاجتماعية وحدودها التي يسهل اختراقها؛ وشكلت وفيات الإرهاب في المنطقة 35٪ من إجمالى الوفيات الناجمة عن الإرهاب في العالم في 2021، مقارنة بنحو 1٪ فقط في2007، وذلك وفقًا لمؤشر الإرهاب العالمى.
وسلط تقرير الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، الصادر الثلاثاء، الضوء على السمات المميزة لعمليات تهريب الأسلحة، والتي غالبا ما تكون وجهتها بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد، مشيرا إلى أنه إذا كان جزء من هذه الأسلحة يأتي على متن طائرات من فرنسا أو تركيا عبر نيجيريا فإن القسم الأكبر منها يأتي من القارة الأفريقية نفسها.
ووفق التقرير فإن المصدر الأول اليوم للأسلحة المهربة في دول المنطقة، هو أسلحة القوات الحكومية التي يتم الاستيلاء عليها خلال معارك أو هجمات، أو التي تسرقها عصابات، أو التي يبيعها عناصر فاسدون في هذه القوات الحكومية لتجار السلاح.
وقال رئيس الأبحاث في مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة فرانسوا باتويل، خلال عرضه التقرير أمام الصحفيين، إن كميات أخرى من الأسلحة والذخيرة تم تهريبها إلى دول الساحل من ليبيريا وسيراليون اللتين دارت فيهما حتى مطلع القرن الـ21 رحى حروب أهلية طاحنة.
ولفت باتويل إلى أسلحة حديثة بدأت تصل مؤخرا إلى منطقة الساحل من ليبيا، في انتهاك لحظر الأسلحة المفروض على هذا البلد.
وحتى الآن هناك محاولات مستمرة من جانب مختلف الدول وعلى رأسهم الجزائر للحد من انتشار الإرهاب بمنطقة الساحل وتضيق الخناق عليه حتى ينتهي للأبد.