تفاصيل رفع إثيوبيا لجبهة تحرير تيجراي من لائحة الإرهاب
على هامش جلسة استثنائية صدق اليوم الأربعاء، خلالها البرلمان الإثيوبي على رفع جبهة تحرير تيغراي من لائحة الإرهاب وذلك، بالأغلبية.
ويأتي قرار البرلمان الإثيوبي اليوم بعد تقدم غير مسبوق في عملية السلام الموقعة بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي وُقعت في بريتوريا بجنوب أفريقيا نوفمبر الماضي، وأنهت عامين من الاقتتال شمالي البلاد الذي أسفر عن مقتل مئات الآلاف.
ووفق البرلمان الإثيوبي فقد تمت مناقشة وتداول مقترح الحكومة الإثيوبية برفع جبهة تحرير تيغراي من قائمة الإرهاب الإثيوبية، وتمت الموافقة عليه بالأغلبية.
حكومة إثيوبيا وجبهة تيغراي توقعان اتفاق تنفيذ الهدنة
وقعت الحكومة الإثيوبية وجبهة تيغراي، نوفمبر الماضي، على تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية بالبلاد، في خطوة قد تضع حدا لعامين من حرب أودت بحياة الآلاف وشردت الملايين، فيما دفعت بمئات الآلاف نحو المجاعة.
متى تبدأ الهدنة؟
أوضح الاتحاد الإفريقي، أن تنفيذ هدنة إثيوبيا سيبدأ "فورا" من أجل وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين ونزع السلاح.
متى بدأت الحرب بين جبهة تيغراي وإثيوبيا؟
اندلعت الحرب في نوفمبر 2020، بين قوات إقليم تيغراي من جهة وقوات الجيش الاتحادي الإثيوبي وحلفائه، ومن بينهم قوات من أقاليم أخرى ومن إريتريا، من جهة أخرى.
وتجاوز الصراع أحيانا نطاق تيغراي وامتد إلى إقليمي أمهرة وعفار المجاورين، وسط مخاوف دولية من انزلاق الوضع نحو المزيد من الفوضى والعنف.
أسباب الحرب؟
قامت الحرب نتيجة انهيار كارثي في العلاقات بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وهي حركة مسلحة تحولت إلى حزب سياسي سيطر على إثيوبيا لمدة 27 عاما، وأبي أحمد الذي كان ذات يوم جزءا من ائتلافها الحاكم، لكن تعيينه رئيسا لوزراء البلاد في 2018 أنهى هيمنة الجبهة.
الأسباب التي أدت إلى تجدد الصراع واستمراره؟
يمكن تفسير أبرز الأسباب التي دفعت طرفي الصراع إلى تجدد القتال بينهما في إقليم تيجراي شمالي إثيوبيا على النحو التالي:
1- الخلاف حول وضع منطقة غرب تيجراي: يعد الوضع في غرب تيجراي هو المحدد لشكل ومستقبل الصراع في المستقبل.
إذ تصر جبهة تيجراي على استعادة منطقة الغرب التي تقع تحت سيطرة أمهرة قبل البدء في مفاوضات السلام، في حين تتخوف الحكومة الإثيوبية في حالة استعادة المنطقة لجبهة تيجراي من فتح قناة إمداد لوجستي للجبهة عبر السودان، بما يعزز قدراتها العسكرية ضد الحكومة المركزية في المستقبل.
2- إصرار جبهة تيجراي على تنفيذ شروطها لإجراء المفاوضات: وهي نقطة خلافية محورية في مسار الصراع الإثيوبي.
إذ تصر جبهة تيجراي على فك الحصار المفروض عليها من قبل الحكومة الإثيوبية بما في ذلك الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والاتصالات والخدمات المصرفية والوقود. إضافة إلى استعادة السيادة على غرب تيجراي الواقع تحت سيطرة أمهرة منذ اندلاع الصراع في نوفمبر 2020، فضلًا عن طرد القوات الإريترية من شمال إثيوبيا، وهو ما قوبل بمماطلة من جانب حكومة أديس أبابا مما يقوض مساعي السلام في البلاد.
3- استمرار الموقف العدائي لجبهة تحرير تيجراي: لا تزال الجبهة مدرجة على قائمة التنظيمات الإرهابية الإثيوبية منذ مايو 2021 .
4- تمسك أديس أبابا بفرض رؤيتها لمفاوضات السلام: تدعم الحكومة الفيدرالية وساطة الاتحاد الأفريقي دون دخول وساطات دولية أو إقليمية أخرى.
بينما ترفض بشكل قاطع جبهة تحرير تيجراي هذه الوساطة بسبب اتهامها للاتحاد الأفريقي بالتحيز لصالح حكومة آبي أحمد على حسابها، فضلًا عن اقتراح أوباسانجو، مبعوث الاتحاد الأفريقي لدى إثيوبيا، بضرورة انضمام إريتريا للمفاوضات المرتقبة وهو ما قد يعني فشلها من الأساس في ضوء العداء الواضح بين الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي وقادة تيجراي.
5- فشل الجولات السرية بين طرفي الصراع: اعترف ديبرتسيون جبريمايكل، زعيم جبهة تحرير تيجراي، بعقد جولتين من المحادثات المباشرة التي جرت مع مسئولين مدنيين وعسكريين في الحكومة الفيدرالية، والتي استضافتهما دولتا سيشل وجيبوتي.
6- التورط الإريتري في الداخل الإثيوبي: تشير تقارير عديدة إلى وجود عسكري إريتري مكثف في أجزاء من المناطق الشرقية والوسطى والشمالية الغربية من تيجراي، حيث تسيطر القوات الإريترية على بعض المساحات هناك.
7- ضعف الضغوط الدولية على أطراف الصراع: يظل الموقف الدولي متذبذبًا تجاه الصراع في إثيوبيا، يدلل عليه حالة الانقسام الدولي حول مواقف الأطراف الداخلية إزاء الصراع، وهو ما عكسته الانتقادات الغربية والأمريكية للحكومة الإثيوبية بسبب سياساتها تجاه الصراع.
الرأي الدولي في تفاقم الصراع بين الطرفين
يدرك المجتمع الدولي أن انهيار الوضع الهش في شمال إثيوبيا من القتال الذي كان يدور بين الأطراف المتصارعة والذي يعزز حالة عدم الاستقرار في الداخل الإثيوبي وما له من انعكاسات كارثية على استقرار الوضع الإقليمي في القرن الأفريقي.
إضافة إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في الإقليم الذي يعاني بالأساس من تداعيات موجة الجفاف التي ضربت العديد من المناطق.
وهو ما عكسته المواقف الدولية إثر تفجر الأوضاع في شمال إثيوبيا مجددًا، حيث أعرب أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، عن قلقه من استئناف الصراع في البلاد ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار.
كما أبدت بعض القوى الدولية والإقليمية قلقها من تجدد القتال في البلاد وحذرت من اندلاع حرب شاملة مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وغيرها.
قوات تيغراي تبدأ تسليم أسلحة ثقيلة للجيش الإثيوبي
وعلى خلفية الهدنة الموقعة لوقف القتال بين الجانبين، بدأت قوات تيغراي، التي خاضت حربا استمرت عامين ضد الحكومة الاتحادية الإثيوبية، في يناير الماضي، تسليم أسلحة ثقيلة للجيش الوطني في إطار عملية سلام يقودها الاتحاد الأفريقي.
وينظر إلى تسريح قوات تيغراي على أنه أمر محوري في اتفاق وقف إطلاق النار في الثاني من نوفمبر، إلى جانب استعادة الخدمات واستئناف المساعدات الإنسانية وانسحاب القوات الإريترية التي قاتلت إلى جانب الجيش الإثيوبي لكنها لم تكن طرفا في الهدنة.
خلق الصراع ظروفا شبيهة بالمجاعة لمئات الآلاف من سكان إقليم تيغراي، وقتل الآلاف وشرد الملايين في جميع أنحاء شمال إثيوبيا.
وأشرف على التسليم فريق مراقبة يتألف من أعضاء من الجانبين والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) في بلدة أجولاي الواقعة على بعد حوالي 30 كيلومترا شمال شرقي مقلي عاصمة الإقليم.
وخلال حفل للتسليم، قال مولوجيتا جبريكريستوس ممثل قوات دفاع تيغراي إن بدء نزع السلاح سيلعب دورا رئيسيا في استعادة السلام.
من هي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي
الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، هو حزب سياسي قديم في إثيوبيا، تحول لمجموعة قومية إثنية شبه عسكرية يسارية، أسس في 18 فبراير 1975، يقع مقره في ميكيلي، في ديديبت ، شمال غرب تيغراي، وفقًا للسجلات الرسمية.
شارك كحزب في الحكم في إثيوبيا ، لكن صنفته الحكومة الإثيوبية في عهد آبي أحمد علي كمنظمة إرهابية. في غضون 16 عامًا ، تطور الحزب من عشرة أعضاء إلى أقوى حركة تحرير مسلح في إثيوبيا. وقادت تحالفًا من الحركات تحت اسم الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية (EPRDF) من 1989 إلى 2018.
وخاضت حربًا دامت 15 عامًا ضد نظام الديرغ (الحكومة العسكرية المؤقتة لإثيوبيا الاشتراكية) الذي أطيح به في عام 1991. لقدراتها القتالية الحربية ، كان في طليعة هزيمة الديرغ. وهي معروفة على نطاق واسع باسم Woyane و Weyane في النصوص القديمة والمنشورات الأمهرية.
بدعم حليفها السابق ، الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا (EPLF) ، أطاحت TPLF بدكتاتورية جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الشعبية (PDRE) وأنشأت حكومة جديدة في 28 مايو 1991 التي حكمت إثيوبيا حتى الإطاحة بها من الحكومة الفيدرالية في عام 2018.
وأضاف في كلمة أذاعها تلفزيون تيغراي "نعمل انطلاقا من اعتقادنا أنه إذا أردنا أن نحقق السلام فيجب ألا يكون ما يفتح الباب للاستفزاز موجودا. السلام أمر حيوي لنا جميعا".
وقال أليمي تاديسي ممثل الجيش الإثيوبي "نحن جميعا (جزء) من إثيوبيا واحدة. لقد انتقلنا نحن وقوات الدفاع عن تيجراي من مواقعنا الدفاعية بسلام وتفاهم ومحبة".
وقال سكان إن الجنود الإريتريين انسحبوا من عدة بلدات رئيسية في تيغراي أواخر الشهر الماضي لكنهم لم يغادروا أراضي الإقليم. ورفضت إريتريا التعليق على ما إذا كانت القوات ستغادر.