طهران تواجه إنهيار إقتصادي.. من سعر الدولار بإيران لعمال تحت خط الفقر
ارتفع سعر الدولار بإيران في الأسبوع الأول من العام الإيراني الجديد 1402 الى 52 ألف تومان ليثير المزيد من قلق خبراء النظام الذين تابعوا التقلبات الحادة في سعر العملة المحلية خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة من العام 1401، ولا يجدون لها مبررا اقتصاديا، بحسب تقرير أعدته المقاومة الإيرانية.
قال ابراهيم رئيسي في 27 فبراير الماضي أنه لا يعرف ما وراء الكواليس، وتساءل كيف يرتفع سعر الدولار بإيران ساعة بعد ساعة دون إجراء معاملات في السوق، معترفا بغياب الاسباب الاقتصادية، وعدم وجود علاقة لسعر الصرف بالسوق والتجارة.
مع احتداد الازمة الناتجة عن سعر الدولار بإيران تطرقت وكالة تسنيم للأنباء التابعة لقوة القدس لـ “الزوايا الخفية” لتحديد سعر الصرف، مشيرة الى ضرورة النظرة الشاملة لتفسير سبب الزيادة الأخيرة في سعر الدولار، ومن ناحيته رفض الخبير الاقتصادي الحكومي محمود جامساز محاولة القاء اللوم كله على البنك المركزي وأنظمته التنفيذية لكنه رأى في البنك المركزي جزء من الدورة الفاسدة، فيما اقترب موقع آسيا نيوز الحكومي من حل اللغز مؤكدا أن “عجز ميزانية العام المقبل” أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على سعر العملة في البلاد.
وضع موقع “رويداد 24” الحكومي النقاط على الحروف حول سعر الدولار بإيران حين اشار الى ان الزيادة المفاجئة في سعر الدولار جاءت بقرار الحكومة، مؤكدا قناعة الرأي العام الايراني بأن الحكومة ـ صاحبة أكبر موارد النقد الأجنبي ـ تبدأ في زيادة سعر العملة كلما واجهت عجزًا في الميزانية، لجمع السيولة من السوق.
تؤدي الزيادة الجامحة في أسعار العملات إلى الارتفاع الصاروخي في الأسعار، بدء بالمواد الغذائية حيث بلغت نسبة الزيادة 70٪، مرورا بأسعار المساكن التي بلغت ارقاما فلكية، وغياب الأدوية الأساسية عن الاسواق.
وبذلك يقود التلاعب الحكومي المتعمد باسعار العملة الى غرق غالبية الناس تحت خط الفقر، ليؤكد حقيقة مسؤولية رئيسي عن عجز الموازنة وافقار الايرانيين، لتوفير التكاليف الباهظة للإرهاب والقمع من جيوب الشعب الإيراني، وعلى حساب موائده الخاوية.
المقاومة الإيرانية تتهم النظام بالتلاعب المتعمد بأسعار العملة وسعر الدولار بإيران لجمع السيولة من السوق وتحميل الشعب الايراني تكاليف الإرهاب والقمع.
السياسة التي يتبعها خامنئي ورئيسي سيف ذو حدين، حيث اظهر الخبراء الحكوميون الفشل السابق لأوانه للإدارة الحكومية ووصول النظام إلى مرحلة انهيار الكفاة، مع اخذ الحالة المتفجرة للمجتمع في عين الاعتبار.
دخل الايرانيون عامهم الجديد، مع تداول مؤشرات تتجه نحو مزيد من تفاقم الاوضاع الاقتصادية والمعيشية، للشرائح والفئات الاوسع من المواطنين، الذين يتسارع انحدارهم من خط الفقر الى ما هو ادنى.
رفعت حكومة إبراهيم رئيسي الحد الأدنى لأجور العمال لعام 1402 بنسبة 27٪، حيث افاد تقرير لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية “إرنا” بارتفاع الراتب الشهري للعمال من 4،179،000 تومان إلى 5،307،330 تومان، في الوقت الذي يزيد معدل التضخم المعلن رسميًا عن 47٪.
الواضح من تقرير “ارنا” انها تحاول تقليل حدة الازمة المعيشية من خلال التلاعب بالارقام، حيث يزيد التضخم في المواد الغذائية الرئيسية عن 70٪، الامر الذي يتضح من مقارنة أسعار بعض المواد الغذائية بين مارس 2021 و مارس 2022 ، فقد كانت الزيادة على سعر زيت الطعام 288٪، الأرز 71٪، لحم الضأن 125٪، البيض 82٪، البصل 250٪، وبذلك يغطي راتب العامل ثلث النفقات الشهرية للأسرة او اقل قليلا.
كان قرار حكومة رئيسي في البداية زيادة رواتب العمال إلى الحد الأدنى، صرح علی صالح آبادی صالحي الرئيس السابق للبنك المركزي في الحكومة الحالية خلال ديسمبر الماضي بأنه من غير المسموح بعد الآن زيادة الأجور بأكثر من 20٪، لذلك تعمدت الحكومة التاجيل خلال مفاوضات تحديد الحد الأدنى لأجور عام 2023 ، ليتزامن الاعلان مع عطلة عيد الفطر، الامر الذي يحول دون حدوث تجمعات واضرابات، ولم تتخل عن هذا السيناريو، فقد اعلن عن الزيادة في 20 مارس وهو يوم عطلة رسمية.
وفي محاولة للمراوغة وقلب الحقائق زعم مسؤولون في حكومة رئيسي بأن سبب التضخم الحالي كان زيادة بنسبة 57٪ في أجور العمال العام الماضي، بغض النظر عن رفض الحكومة وأرباب العمل دفع هذا المبلغ لأسباب مختلفة، فيما تشير تحليلات الخبراء الحكوميين والمستقلين الى ان حصة إجمالي المدفوعات للقوى العاملة في قيمة الإنتاج الصناعي لا تتجاوز 5.1 ٪ و نتيجة لذلك لم يكن لأجور العمال دور حاسم في الحد من اثر أسعار السلع وزيادة التضخم، لاسيما وان التضخم يلتهم أي زيادات في الأجور، ويؤكد نقابيون بانه “في نهاية مارس 2022، كان بإمكان العمال تغطية نفقاتهم لمدة 21 يومًا بالحد الأدنى للأجور، لكن في مارس من العام الحالي يمكنهم تغطية نفقاتهم لمدة 9 أيام ونصف اليوم، ففي مارس وصل الدخل إلى 122 دولاراً أي أقل من النصف، وبالتالي من الأفضل إعادة نفس القوة الشرائية للعمال الى ما كانت عليه في نهاية مارس 2022 بدلاً من تحديد نسبة لزيادة الأجور.
وبذلك يعادل الحد الأدنى لأجور العاملين في العام الحالي 118 دولاراً، و إذا استمر التضخم وانخفاض قيمة الريال ستصل الأجور الحقيقية والقوة الشرائية للعمال إلى أقل من نصف المبلغ الحالي مع نهاية العام.
يحكم الأجر المحدد لمجتمع العمال الإيرانيين ـ الذين يتراوح عددهم بين 50 و 60 مليون شخص ـ بالموت التدريجي على أكثر من 65 ٪ من سكان إيران، الامر الذي لا تقبل به الشرائح المتضررة، التي وضعت بيضها في سلة الانتفاضة الشعبية، ونزلت الى الشارع لاعلان انحيازها لخيار الاطاحة بحكم الولي الفقيه.