من الصين لماليزيا.. أسرار استقبال رمضان بدول شرق آسيا
"هل هلالك شهر مبارك".. يتمتع العالم خلال شهر رمضان المبارك بعادات وتقاليد تميز كل دوله عن الأخرى، ولكن توجد ثوابت لاتتغير مهما تغير المجتمع أو عاداته وأهم هذه الأشياء هي أجواء الفرحة التي تغمر كل ركن في كل بيت ورائحة الصوم والصلاة التي يستنشقها الجميع، ويسري هذ ا الأمر على دول شرق آسيا أيضا حيث تتمتع بموروثِ ثقافي غنيّ بعادات وتقاليد خاصة بشهر رمضان الفضيل..
ويقبل شعب دول شرق آسيا بشكل كبير على العبادات وفي مقدمتها صلاة التراويح، كما يحيون ليلة القدر بشكل خاص.
ماهي دول شرق آسيا؟
تعد شرق آسيا هي منطقة فرعية من آسيا، وتشمل دول كالصين، هونغ كونغ، اليابان، ماكاو، منغوليا، كوريا الشمالية، كوريا الجنوبية وتايوان، ومع الأخذ في الاعتبار أن المنطقة ذات توتر سياسي شديد، تحديداً في تقسيم كوريا والوضع السياسي لتايوان.
وتخضع هونغ كونغ وماكاو، إلى الحكم الذاتي رسميًا ولكنهما يخضعان بحكم القانون للسيادة الصينية.
أما سنغافورة وفيتنام فتعتبرا جزءا من الصورة الثقافية التي تحملها شرق آسيا نظرا لأوجه التشابه الثقافية والدينية والعرقية.
وتعتبر شرق آسيا، وخاصة الحضارة الصينية، من أوائل الحضارة في العالم، حيث تشمل الحضارات القديمة الأخرى في شرق آسيا التي لا تزال قائمة إلى وقتنا الحاضر الحضارة اليابانية، الكورية والمنغولية.
وقد أثرت العديد من الحضارات الأخرى المختلفة تكوين شرق آسيا خلال العصور القديمة، مثل الحضارات المجاورة، مثل التبت، منشوريا وريوكيو، وقد أثرت الصين بشكل كبير في شرق آسيا حيث كانت الحضارة الرائدة في المنطقة..
ويبلغ عدد سكان شرق آسيا حوالي 1.7 مليار نسمة، ويمثلوا ما يقرب من 38٪ من سكان القارة الآسيوية و حوالي 22٪ من سكان العالم.
في الصين
بحلول شهر رمضان المبارك تتغير ملامح الصين لتتكسي البلاد في استقبال رمضان بدول شرق آسيا بالروحانيات وتنتشر رائحه الصلوات في كل مكان حيث يبدأ الدعاة وأئمة المساجد في إلقاء دروس حول تعاليم القرآن وآداب السنة النبوية خاصة المرتبطة بالصيام وأخلاق الصائمين.
ويبلغ عدد المسلمين في الصين حوالي 20 مليون نسمة يقعون في مقاطعتي "زينج يانج" و"نينج زيا" جنوب غرب البلاد، وأيضا تحظى مقاطعة "هينان" في وسط الصين بعدد من المسلمين.
ويواظب كل أطياف المسلمين في رمضان في أغلب أنحاء العالم على صلاة التراويح ليرفعوا أصواتهم بالدعاء بعد انتهاء كل ركعتين: "يا مقلب القلوب والأبصار، يا خالق الليل والنهار، اللهم قوي إيماننا لنثبت على طريق الحق"، غير الصلوات الدينية المستمرة على مدار اليوم مثل تلاوة القرآن قبل صلاة التراويح والاحتفال بليلة القدر.
في ماليزيا
وفي ماليزيا يشكل المسلمون غالبية السكان وتعدد الأعراق فيها، حيث يصل عدد المسلمين إلى نحو 12 مليون نسمة - حوالي 60 في المائة من إجمالي عدد السكان - بعد أن دخل الإسلام عن طريق التجارة مع الدول الإسلامية ودخول الدعاة.
وفي ماليزيا شهر رمضان له مذاقه الخاص حيث يبدأ احتفال الماليزيين منذ نهاية شهر شعبان عن طريق شراء حاجياتهم الغذائية وإعداد المساجد للمصلين وإضاءتها.
وتعلن وزارة الشؤون الدينية عن بداية الشهر الكريم في كل وسائل الإعلام أو بقرع الطبول في بعض الأقاليم ، وذلك في الليلة التاسع والعشرين من شهر شعبان بعد استطلاع هلال رمضان.
وعلى الفور، تملأ الفرحة كل القلوب فتقوم الإدارات المحلية بتنظيف الشوارع وتعليق الزينات الكهربائية في المناطق الرئيسية.
وماليزيا مثلها مثل الصين في استقبال رمضان بدول شرق آسيا ب، يقبل المسلمون رجالا ونساء وأطفالا مثلهم على صلاة التراويح ، وإشعال البخور، ورش العطور في المساجد، حيث يصلون المغرب ثم يتناولون إفطارهم ويعودون من أجل أداء صلاتي العشاء والتراويح وتلاوة القرآن الكريم.
ومن أجمل ما يميز ماليزيا في رمضان ما تقوم به الدولة من تنظيم لمسابقات حفظ القرآن في كل المناطق وتوزع الجوائز في حفل كبير على الفائزين ومعلميهم.
ويفطر مسلمو ماليزيا في منازلهم أو في المساجد، حيث يعد القادرون بعض الأطعمة التي تمد على بسط في المساجد من أجل الإفطار الجماعي.
ومن أروع ما يشرح القلوب في ماليزيا في رمضان هو ما تقوم به بعض الأسر في المناطق الريفية حيث يقوم كل شخص بإطعام أهل قريته يوما خلال الشهر الكريم في مظهر يدل على التماسك والتراحم.
وتتبادل الأسر والعائلات الماليزية الهدايا والأطعمة والحلويات مع بعضها البعض في هذا الشهر الكريم، تدعيما لأواصر المحبة والوئام فيما بينهم.
وسفره ماليزيا الرمضانية محلاه بأشهى المأكولات منها وجبة "الغتري مندي" والتي تعتبر الطبق الماليزي الأشهر، وكذلك "البادق" المصنوع من الدقيق، كما تزين الطاولة بالدجاج والأرز والتمر والبرتقال، و يحرص الماليزيون على وجود شراب يسمى الكولاك بعد الانتهاء من تناول طعام السحور الذي يساعد على تحمل العطش، وتزويد الجسد أثناء الصيام.
واستكمالا للأجواء الرمضانية في ماليزيا واستقبال رمضان بدول شرق آسيا، يقوم الشباب بأرتداء ملابسهم الوطنية خلال هذا الشهر، حيث يضعون على رؤوسهم القبعات المستطيلة الشكل، كما ترتدي الفتيات الملابس الطويلة الفضفاضة، ويضعن على رؤوسهن الحجاب الشرعي..
في تايلاند
يحتفل مسلمو تايلاند باستقبال شهر رمضان الكريم مثل استقبال رمضان بدول شرق آسيا بإضاءة جميع المساجد - التي يصل عددها هناك لنحو 1830 مسجدا - بالأنوار، والزينات.
ويحرص المسلمون في تايلاند خلال شهر رمضان على تعلم القرآن الكريم، وتلاوته، كما يجلس أفراد الأسرة المسلمة في بيوتهم غالبية أيام وليالي هذا الشهر معا، لاعتباره فرصة مناسبة لجمع شمل الأسرة، والتشارك في تناول طعام الإفطار، وإحياء تلك الليالي بما تيسر من الطاعات والعادات.
ولتايلاند اعتقاد محير جدا عن ليلة وهي أن وقوع ليلة القدر يحدث بظهور آيات كونية، مثل انحناء الأشجار، وغور الآبار، وأن الإنسان إذا رأى هذه المظاهر ودعا الله استجاب له مباشرة، بشرط أن يطلب شيئا واحدا فقط، كما أنه من المعتاد عند مسلمي تايلاند ختم القرآن في ليلة السابع والعشرين من رمضان التي يعتقدون أنها ليلة القدر.
في الهند
الهند هي ثاني أكبر تجمع إسلامي بعد إندونيسيا ولذلك لها طعمها الخاص في استقبال رمضان بدول شرق آسيا، بإجمالي 150 مليون مسلم، يختلف فيها ثبوت رؤية هلال رمضان من مكان لآخر بسبب تواجد المسلمين في مناطق متفرقة في هذا البلد الشاسع، لذلك توجد هيئة شرعية خاصة من العلماء تتولى متابعة أمر ثبوت هلال رمضان، وعند ثبوتها تصدر بيانا عاما، ويتم إعلانه وتوزيعه على المسلمين.
وكحال أغلب الدول الإسلامية خلال شهر رمضان المبارك، تضاء المساجد ومآذنها، وتكثر حلقات القرآن، وتمتلئ المساجد بالمصلين، وتتجدد حياة المسلمين في هذا الشهر الذي يكسر عاداتهم اليومية، ويخرق كثيرا مما ألفوه واعتادوه.
ومن عادات الهند أن يبدأ الإفطار برشفات من الماء إذا لم يجدوا التمر، كما يتناول بعضهم الملح الخالص عملا بقول تذكره بعض كتب الحنفية أن من لم يجد التمر أو الماء ليفطر عليه، يفطر على الملح وهي عادة لا تعرف إلا بالهند.
وتشتمل مائدة الإفطار الهندية على الأرز، وطبق (دهى بهدى) يشبه الفلافل مع الزبادي، والعدس المسلوق، وطبق آخر يسمى (حليم) و(الهريس) ويتكون من القمح واللحم والمرق، وكل هذه الأنواع من الطعام يضاف إليها (الفلفل الحار)، كما يحرص غالبية المسلمين في الهند على سنة السحور، حيث من المعتاد تناول الأرز والخبز الذي يعد الغذاء الرئيسي إلى جانب أنواع أخرى من الأطعمة.
ويتصدر المشروبات عصير الليمون، واللبن الممزوج بالماء، بينما يوجد في ولاية (كيرالا) جنوب الهند مشروب يتكون من الأرز والحلبة ومسحوق الكركم وجوز الهند لوجبة الإفطار، ويشربونه بالملاعق المصنوعة من قشور جوز الهند، معتقدين أن هذا المشروب يزيل تعب الصيام، وينشط الصائم للعبادة ليلا.
ومن أشهر العادات الروحانيه في الهند في الشهر المبارك هو سنة الاعتكاف، خاصة في العشر الأواخر من رمضان، ويولون عناية خاصة بليلة القدر التي يحتفلون بها ليلة السابع والعشرين حيث يستعدون لإحيائها بالاغتسال ولبس أجمل الثياب، ومن العادات المعهودة في صباح هذه الليلة زيارة القبور وقراءة ما تيسر من القرآن.