وجبة الغبقة القطرية.. موروث أصيل يحتفظ بعادات وتقاليد الأجداد
اعتاد أهل قطر قديماً خلال شهر رمضان، عقب صلاة التراويح، على التجمع في المجالس والبيوت حول وجبة الغبقة القطرية بين الإفطار والسحور، لتصبح الغبقة الرمضانية تقليداً تاريخياً اجتماعياً في الخليج تعارف أهله على إحيائه منذ مطلع القرن العشرين.
يبلغ مجموع السكان في قطر في عام 2013 م، 1.8 مليون نسمة: يبلغ عدد المواطنين القطريين الأصليين 300،000 والأجانب 1.5 مليون. تعد دولة قطر هي المجتمع الأكثر محافظة بعد المملكة العربية السعودية في دول مجلس التعاون الخليجي.
تعد قطر من الدول المرتفعة الدخل التي يدعمها ثالث أكبر إحتياطيات العالم من الغاز الطبيعي، وثالث عشر أكبر إحتياطي مؤكد من النفط، وتصنف الأمم المتحدة قطر دولة ذات تنمية بشرية عالية جداً إذ أنها أحد الدول العربية الأكثر تقدماً في مجال التنمية البشرية.
تعتبر وجبة الغبقة القطرية إحدى العادات الرمضانية القديمة التي ما زالت تعيش في المجتمع القطري والخليجي تعزيزاً للتعارف والترابط الاجتماعي، كما تطورت لأشكال متعددة مع الحداثة.
معنى كلمة "الغبقة"
تعني وجبة الغبقة القطرية العشاء الرمضاني المتأخر، الذي يسبق وجبة السحور، وهي أيضا كلمة عربية أصيلة من حياة البادية، ويرجع أصلها إلى "الغبوق"، وهو حليب الناقة الذي يشرب ليلًا، وتُقام غالباً بين الساعة الحادية عشرة ليلاً والثانية.
ويحرص القطريون والخليجيون على إقامة الغبقات الرمضانية ووجبة الغبقة القطرية في ليالي شهر رمضان، ويدعون لها الأهل والأصدقاء في بيوتهم ويعتبرونها فرصة لتعزيز التعارف والترابط الاجتماعي بينهم.
وجبة "المحَمَر"
وتعتبر وجبة "المحَمَر" هي سيدة وجبة الغبقة القطرية الرمضانية التي لا يزال الخليجيون يحافظون عليها والتي تتكون من سمك الصافي المقلي والأرز المطبوخ بالسكر أو بالدبس (خلاصة التمر).
وظل طبق البرنيوش الوحيد في الغبقة حتى ستينيات القرن الماضي عندما دخلت الأطباق الجانبية ومنها بعض الأكلات الشامية.
تقليد اجتماعي
وقبل ستينيات القرن الماضي عندما كانت العوائل الخليجية تقيم طبقا واحداً للغبقة يأكل منه الرجال أولا ثم تأتي النساء لتأكل بعدهم.
وطبق المحَمَر بالغبقة يعود إلى ارتباط هذه الوجبة بالمناطق الساحلية في منطقة الخليج العربي، وهي وجبة الغواصين في البحر، أما في المناطق الداخلية فيستبدل السمك باللحم.
وسبب اختيار أهالي الخليج العربي لهذه الوجبة في الغبقة يعود إلى أنها تجعل الصائم لا يشعر بالعطش في اليوم التالي.
ويرى الكثير من الناس أن الغبقة اختلفت في الوقت الحاضر من ناحية أنواع الأكلات، ففي حين كانت تقتصر المائدة في السابق على طبق أو طبقين على الأكثر، إلا أنها حالياً عامرة بشتى أنواع المأكولات سواء الشعبية أو الأجنبية.
ورغم اختلاف "الغبقة" بين الماضي والحاضر لكنها تبقى تجمعاً يحرص الجميع على حضوره، كما تُعَدُّ أحد الموروثات الشعبية التي ترجع بنا إلى ماضي جلسات الأجداد الذين تركوا لنا تقاليد وعادات تعزز أواصر العلاقات الاجتماعية وخصوصاً في هذا الشهر الفضيل.