3 إصدارات متنوعة بـ "مهرجان أفلام السعودية" في دورته التاسعة
يقدم مهرجان أفلام السعودية في دورته التاسعة، ثلاثة إصدارات متنوعة لعدد من النقاد والكتاب من مصر ومختلف أنحاء الوطن العربي.
تتضمن إصدارات الدورة، كتاباً للناقد والكاتب السينمائي المصري "أمير العمري"، بعنوان "وودي آلن.. ضحك وفلسفة"، الذي ينقل لنا صورة دقيقة عن عوالم هذا السينمائي الفذ ومسيرته الفنية، وفلسفته في صناعة الأفلام والضحك على حد سواء، بل ويعرّج أيضاً على حياته الخاصة التي تتشابك ولا تكاد تنفصل عن حياته العملية، وذلك من خلال الكثير من المحطات التي يتناول فيها أمير العمري أهم أعمال وودي آلن نقداً وتحليلاً وتشريحاً.
يقول العمري: "سوف أتوقف في هذا الكتاب، أمام فلسفة وودي آلن، وملامح مدرسته الخاصة في الكوميديا الأمريكية، واختلافها عن غيرها، من خلال تناول أهم أفلامه التي تعبر عن هواجسه وأفكاره وتعكس رؤيته كأفضل ما يكون خلال مراحل مسيرته السينمائية المختلفة، وتجسد أسلوبه الخاص ولغته السينمائية التي نجحت دائما في جذب المشاهدين في شتى أرجاء العالم"
أمير العمري كاتب وصحفي وناقد سينمائي مصري تخرج في كلية الطب بجامعة عين شمس عام 1976، ثم درس الصحافة والتليفزيون في لندن في الفترة ما بين عامي 1987 و1989، وهو مؤسس موقع عين على السينما، ترجم وألف عدداً من الكتب السينمائية من بينهم كتاب (مارتن سكور سيزي سينما البطل المأزوم) الصادر عن مهرجان أفلام السعودية في دورته الثامنة.
كتاب "الشاعر في مرآته... أندري تاركوفسكي"
كما يصدر المهرجان كتاب مترجم بعنوان "الشاعر في مرآته... أندري تاركوفسكي"، للكاتب والمترجم التونسي منير عليمي.
يحتوي الكتاب على حوارات مختارة أُجريت مع المخرج الروسي أندري تاركوفسكي (1932 - 1986) الذي يعد رائداً من روّاد السينما الشعرية، إن لم يكن المؤسّس لهذا التيار والمعمّق لمجراه، وهذه الحوارات التي تغطّي زمنيّاً فترة اشتغال تاركوفسكي من أوائل الستينيات حتى مرحلة ما قبل وفاته بمدّة قصيرة، تشمل تجربة المخرج العظيم مع أفلامٍ وُصِفت يوماً بالغموض والنخبوية: (فيلم طفولة إيفان، فيلم أندريه روبليف، فيلم سولاريس، فيلم، ستالكر، فيلم المرآة، فيلم نوستالجيا).
فقد كانت أفلاماً مختلفة لا تُقدّم المعنى المعهود والمتوقّع، إنما تقدّم التأثير قبل كل شيء، مصحوباً بنظرة إنسانية عميقة تتناول الفرد والطبيعة فيما يشبه التناغم الروحاني، رغم الحاجة إلى النضال وعبور المواقف المؤلمة والحيرة الوجودية التي يقاربها تاركوفسكي ببصيرته الشعرية، وبعينه المتمهّلة وبترتيب التفاصيل المشهدية على نحوٍ لا يباريه فيه أحد.
الكتاب إبحار حواري، وعن قُرْب، مع مخرج ما يزال علامةً كبيرة في المشهد السينمائي العالمي، عبر حوارات تكشف فلسفته وآراءه في الساحة الفكرية والفنية في بلده والعالم، وصلته بمخرجين مؤثّرين وقريبين إلى ذائقته ورؤيته الإخراجية والفنية.
وقد انتُقِيت هذه الحوارات من بين حوارات كثيرة نشرت في صحف غربية، لتقدم لمحة جديدة حول الفلسفة التي يتّبعها تاركوفسكي في أفلامه، وهي ليست إلا محاولة بسيطة -على حد تعبير المترجم- للغوص في تجربة إشكالية عميقة، تماماً كالشعر، حيث يكون الضياع هو العلامة الأولى على اندهاشنا.
منير العليمي مترجم وشاعر تونسي حاصل على جائزة أيام قرطاج الشعرية عن مجموعته "مقبرة على قيد الحياة"، وله العديد من الترجمات والإصدارات الشعرية.
كتاب "الفيلم الوثائقي: في جماليات الإنشاء والتقبل – تجارب علمية رائدة"
كما يقدم المهرجان كتاب "الفيلم الوثائقي: في جماليات الإنشاء والتقبل – تجارب علمية رائدة"، للدكتور أحمد القاسمي.
الكتاب تجربة للتبحّر في جماليات الفيلم الوثائقي على اختلاف عصوره، والغوص في بعض خصائص تشكيله ومسارب معانيه، وهذا ما تطرّق له الكتاب في جميع فصوله، التي اشتركت في قيامها على الجدل بين نزعات متضادّة، وانتقلت من جدل الممتع مع المفيد، إلى جدل التّسجيل مع التّخييل، إلى جدل الإنشاء مع التّقبل، إلى جدل مقاومة العولمة مع الخضوع لقانونها.
وفيها وجدنا الفيلم الوثائقي يتبنّى غالبا مقاربات موضوعية تعتمد أساليب الحجاج والإقناع، وتستثمر مختلف الشهادات والموارد البصرية لتحقيق هذه الغاية. ولكن يجب ألا نثق مطلقا بالمبدعين. فمكرهم يجعلهم يسرّبون الذّاتي طي الموضوعي ويعتمدون مختلف الحيل التّقنية والأسلوبية لإذعان المتفرّج وحمله على التّفكير بطريقة يحدّدونها مسبقا. ولذلك فمن الخطأ الاعتقاد بأنّ الوثائقي يقدّم صورا أمينة للواقع. فعلى اختلاف أجناسه يمثّل، الأصيل المتقن منه رؤية جمالية ذاتية توظّف لعرض الموقف الفكري الخاص، بحيث لا يكون الشّكل مسألة شكلية، ولا ينفصل الممتع عن المفيد.
يقدم هذا الكتاب "مادّة خصبةً ومتشعّبة، على أساس علمي متقن، للدارسين والمهتمين بالسينما الوثائقية. كما أنه يفتح نافذة ثقافية للقارئ العام تقرّبه من جماليات هذه السينما في قراءات تطبيقية مختارة بعناية لأفلام تأسيسية ريادية منذ عشرينيات القرن الماضي ابتداءً بأبِ الفيلم الوثائقي؛ المخرج الأمريكي روبار فلاهرتي بأفلامه التي تبدأ بالانتصار للطبيعة وتختم بالانتصار للإنسان وسلطة الآلة والعوامل التي جعلت المخرج يصل إلى تلك القناعة، ويتزامن مع هذا المؤسس الأمريكي هناك رائد آخر هو الروسي دزيغا فرتوف الذي بذلَ جهداً رائداً لتنقية السينما الوثائقية من المظاهر الأدبية والمسرحية وجعلها خالصة للصورة السينمائية وذلك في فيلم "الرجل صاحب الكاميرا" (1928)."
المؤلف الدكتور أحمد القاسمي، أكاديمي وناقد سينمائي تونسي له العديد من الإصدارات في النقد السينمائي، كما أصدر روايتين ومسرحية، وهو حالياً أستاذ مادة "سيميائيات الأدب والسينما" بكلية منوبة.
يذكر بأن مهرجان أفلام السعودية تبنى برنامجاً منتظماً لإصدار الكتب بأهداف مستدامة، بتنظيم من جمعية السينما وشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وبدعم من هيئة الأفلام في وزارة الثقافة، وذلك بهدف رفد المكتبة السعودية والعربية بالكتب المتخصصة في مجال السينما.