أدهم إبراهيم يكتب : صراع الجنرالات في السودان وإبعاده
اندلع القتال في السودان ، لا سيما الخرطوم ، بين قوات الدعم السريع شبه العسكرية التابعة للجنرال محمد حمدان دقلو ، والجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان
في الخامس عشر من نيسان/أبريل 2023 قبل اعلان هدنة هشة لوقف القتال .
أدخلت حرب الجنرالات البلاد في فوضى خلفت أكثر من 500 قتيلاً و 4700 جريحا ، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية .
وقد سبق وان دخلت البلاد في حرب اهلية طويلة بعد اكتشاف النفط وادت الى انفصال الجنوب عن السودان واستقلاله .
ومع هذا الاستقلال ، خسر السودان ثلثي عائدات تصدير النفط .
أدى فقدان موارد النفط إلى تفاقم النزاعات الداخلية بين مختلف الجماعات العرقية والميليشيات المسلحة في البلاد ، حتى تم العثور على الذهب باحتياطات كافية لانتشال البلد من الوضع الاقتصادي المتدهور .
ولكن اكتشاف الذهب قد تسبب مع عوامل اخرى في نزاع اخر خصوصا بعد سقوط نظام عمر البشير في ثورة شعبية رافقتها خلافات كثيرة ولاسيما بين العسكر .
طرفا الصراع العسكري الحالي هما الفريق اول عبد الفتاح البرهان الذي اصبح الرئيس الحالي للبلاد والقائد العام للقوات المسلحة السودانية في أعقاب قيادته انقلاب تشرين اول / أكتوبر 2021 الذي أطاح برئيس الوزراء عبد الله حمدوك .
اما الطرف الثاني محل النزاع فهو
الجنرال محمد حمدان دقلو الملقب بـ حميدتي ، قائد قوات الدعم السريع , وهي ميليشيا شبه عسكرية انشئت عام 2013 وكانت تسمى الجنجويد لقمع تمرد اقليم دارفور خلال عامي 2008 و 2012 . ثم اصبحت مسؤولة عن حماية الحدود وحفظ النظام .
تم تعيين محمد حمدان او حميدتي نائباً لرئيس المجلس العسكري الانتقالي الذي ترأسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان في أعقاب عزل الرئيس السوداني عمر البشير في 11 نيسان /أبريل 2019 .
اشتد الصراع بين الجيش وميليشيات الدعم السريع عند مناقشة تفاصيل دمج الميليشيات المسلحة بالجيش النظامي ، في مشروع التحول الديموقراطي وتسليم السلطة للمدنيين .
وكانت هناك على الدوام مساع حميدة لإقناع الخصمين بمقاومة الرغبة باستخدام العنف ، وتظاهر الطرفان البرهان وحميدتي بتقبل صوت العقل دون جدوى .
يضاف الى كل ذلك التأثير الخارجي في الصراع من اجل الثروة والسلطة ، مما سيكون من الصعوبة
استعادة الهدوء والسلام في هذا البلد العريق .
النزاع بين القوات المسلحة وميليشيا الدعم السريع سيؤدي إلى عرقلة الانتقال السياسي وتسليم السلطة الى المدنيين ، اضافة الى تقويض الديمقراطية ، مما يؤثر سلبا على سيادة ومكانة السودان كدولة مستقلة وسيقربها من النهج الليبي او السوري .
ليس من المستغرب أن عددًا كبيرًا من الدول تسعى للتأثير على مجرى الأحداث في السودان .
فالسودان بموقعه الاستراتيجي المهم . وما يحويه من معادن ومنتجات زراعية وصناعية مثل الصمغ العربي ، يمثل اهمية كبرى ليس للولايات المتحدة فقط بل ولروسيا والصين ودول اخرى ، وان مخاطر الصراع في هذا البلد كبيرة حيث يمكن أن تمتد الى دول الجوار .
كما ان هذه الحرب ستزيد من المعاناة الانسانية للشعب السوداني وستؤدي الى تدفق اللاجئين عبر الحدود .
وقد اغلقت كل من مصر وتشاد حدودهما مع السودان تجنبا للتصعيد وامتدادات الحرب .
وكلما طالت الحرب بين الاخوة الاعداء زاد احتمال التدخل الخارجي .
في نفس الوقت فإن عدد كبير من الوسطاء بما فيهم الولايات المتحدة والصين والاتحاد الاوروبي ودول الجوار والخليج وشرق إفريقيا المعروفة باسم غاد ربما ستعقد مهمة احلال السلام بسبب تعارض المصالح والاهداف في هذا البلد المأزوم .
وعلى العموم فاننا نأمل ان يستمع الطرفان الى صوت العقل والجلوس على طاولة المفاضات للتوصل الى حلول سلمية تضمن حقوق الشعب السوداني وتجنبه المزيد من الالام . وبعكسه فان الحرب بينهما ستكون قاسية وطويلة .
حفظ الله السودان واهله من كل سوء .
.