رئيس تونس يطالب نقابات التعليم بالإفراج عن نتائج الإمتحانات
دعا رئيس تونس قيس سعيد إلى ضرورة وضع حدّ لمشكلة حجب الأعداد المتواصلة منذ أشهر، من أجل حلحلة الأزمة التي عمقت مشاكل التعليم في البلاد، في وقت تتمسّك فيه نقابات التعليم بالقرار كإجراء لتحقيق مطالب المدرسين العالقة.
ويقول مراقبون، إن الحكومة لا تقدر في الوقت الحالي على تحقيق المطالب المادية للمدرسين، ما ينذر بتواصل الأزمة بين الطرفين، وتفاقم صعوبات العائلات في تقييم المستوى التعليمي لأبنائها التلاميذ.
وأعلنت رئاسة جمهورية تونس يوم الخميس أن “الرئيس قيس سعيد أكد خلال استقباله بقصر قرطاج محمد علي البوغديري وزير التربية ومنصف بوكثير وزير التعليم العالي والبحث العلمي على ضرورة التوصل إلى حل في أقرب الآجال لوضع حد نهائي للأزمة المتصلة بحجب الأعداد”.
وأضافت الرئاسة في بلاغ صادر عنها نشرته بصفحتها على موقع فيسبوك أن سعيد “شدّد على قداسة دور المربين من معلمين وأساتذة في كافة مراحل التعليم”، وأوضح أن “التلاميذ أمانة في أعناق الدولة جميعا باعتبارهم والطلبة الثروة التي لا تنضب”.
كما أكّد قيس سعيد “على جميع الأطراف أن تعمل من أجل الحفاظ على هذه الأمانة وصونها”.
يأتي ذلك في وقت لا تزال تتمسك فيه نقابات التعليم بخطوة حجب النتائج للضغط على وزارة التربية من أجل تحقيق مطالبها.
وأعلن الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي في تونس (نقابة المدرسين) إقبال العزابي، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، أن “هيئة إدارية قطاعية إدارية ستُعقد يوم الاثنين المقبل للنظر في مقترحات وزارة التربية التي تقدمت بها خلال جلسة التفاوض الماضية”.
وأوضح عضو الجامعة العامة للتعليم الأساسي في تونس توفيق الشابي أن “الجلسة التفاوضية التي انعقدت مع وزارة التربية لم تأت بالجديد”، مبرزا أن “سلطة الإشراف ارتأت تأجيل كل ما يتعلّق بالمطالب المادية للمربين إلى السنة الدراسية المقبلة بتعلّة الوضع المالي الصعب للمالية العمومية”.
وأشار الشابي إلى أنه سيتم مطلع الأسبوع القادم عقد هيئة إدارية سيتم على إثرها اتخاذ الخطوات المناسبة، مؤكدا أن “قرار حجب الأعداد ما زال متواصلا”.
وسبق أن عبرت الجامعة العامة للتّعليم الأساسي، في بيان لها، عن رفضها لتصريح الرئيس سعيّد بشأن عملية حجب الأعداد، مؤكدة مضيّها في تنفيذ قرار حجب أعداد الثلاثي الثاني عن الإدارة.
واعتبرت أن اتهامها بممارسة السياسة بديلا عن دورها في الدفاع عن حقوق منظوريها مجانب للصواب، مشددة على أن كل فعل نقابي هو فعل سياسي باعتباره يهدف إلى رفع تداعيات وآثار السياسات المتبعة على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي للمدرسين.
وتمّ خلال أشغال الهيئة الإدارية للتعليم الأساسي المنعقدة في السابع والعشرين من فبراير الماضي اتّخاذ قرار إلغاء مقاطعة الثلاثي الثاني والتمسّك بمواصلة حجب الأعداد للثلاثي الثاني.
وقال وزير التربية السابق ناجي جلول لا بدّ من حلّ جذري لمشكلة التربية في تونس، وأول الحلول الجذرية هي أن يصبح التعليم مفتوحا أمام النخبة، بمعنى أن يتوجّه الأوائل في الباكالوريا إلى سلك التعليم، مع توفّر عنصر الكفاءة والقطع مع الهشاشة”.
وأضاف أن “المدرّسين مطالبهم مشروعة، ولكن حجب الأعداد هو أخذ التلاميذ والأولياء والمدرسة رهائن، وانعكاسات هذه العملية نفسية بالأساس لأن التلميذ لن يتمكن من معرفة نتائجه ومستواه التعليمي، وبالتالي حجب الأعداد ليس شكلا نضاليا”.
وأشار جلول إلى أنه “يمكن زيادة 30 في المئة من رواتب المدرسين، مقابل تطبيق القانون على كل مدرّس يحجب الأعداد من جديد، وأصبحت هناك حالة من الفوضى وعدم الانضباط في المدارس التونسية”، لافتا أن “هناك مسؤولية مشتركة بين الحكومات المتعاقبة ونقابات التعليم والأولياء الذين لم يدافعوا عن مدارس أبنائهم بعد 2011”.
واستطرد قائلا “ما يُرتكب اليوم هو جريمة في حق الأجيال القادمة”.
ولم تفض جلسة التفاوض بين الجامعة العامة للتعليم الثانوي ووزارة التربية، خلال الأسبوع الجاري، إلى حلول مجدية، حسب ما أفاد به كاتب عام الفرع الجامعي لنقابة التعليم الثانوي بصفاقس محمد الصافي.
وقال الصافي “لقد تم تعليق الجلسة بسبب مقترحات سلطة الإشراف، التي لم ترتق إلى مستوى المطالب المهنية لأهل القطاع”، مشيرا إلى أن “قرار حجب الأعداد بالنسبة إلى الثلاثيتين الأولى والثانية لازال قائما في انتظار المزيد من التشاور مع الهيئة الإدارية القطاعية لنقابة التعليم الثانوي”.
وأشار إلى أن “وزارة التربية في تونس علّلت عدم تفاعلها مع المطالب المهنية للعاملين في القطاع بالوضع الصعب للمالية العمومية، التي لا تتحمل أعباء إضافية”، لافتا إلى أن “مقترحات سلطة الإشراف في ما يتعلق بالترقيات لم ترتق إلى المستوى المطلوب بالنسبة إلى الجامعة العامة للتعليم الثانوي”.
وأفاد فريد الشويخي الخبير في شؤون التربية أن “الدعوة لحلّ مشكلة حجب الأعداد ليست مطلب الرئيس قيس سعيد فقط، بل مطلب كل أبناء الوطن، والعمل النقابي هو نضال من أجل حقوق العمال بالأساس، لكن ما يحدث اليوم هو ليّ ذراع، ولا يمت إلى قيم العمل النقابي بصلة”.
وأكّد أن “مطالب المدرسين مشروعة، لكن الشكل النضالي المتّبع بحجب الأعداد مرفوض، وهذا فيه تجنّ على جميع الأطراف”، داعيا إلى “ضرورة إعلاء صوت الحكمة بعد تضرّر التلاميذ وأوليائهم من هذه الأزمة”.
وأردف الشويخي “التلاميذ يدفعون ضرائب الأزمات منذ 2016، فضلا عن دخول الاتحاد العام التونسي للشغل على الخطّ كفاعل سياسي، وتمّ تسيس العمل النقابي في مجال التربية والتعليم”.
وطالب الخبير في التربية بـ”ضرورة الثورة على المنظومات وأنه لا يمكن المطالبة بمطالب تعجيزية، ولا بدّ من احترام السيادة الوطنية”، قائلا “من يريد أن يمارس مهنة التدريس فمرحبا به، ومن لا يريد فعليه أن يتحمل مسؤولية ذلك”.
وتابع “يوجد 270 ألف مدرس في تونس، وأمام هذه المشكلة يمكن الالتجاء إلى ممارسة نشاط التدريس عن بعد عبر منصات الإنترنت”.