مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

محاولات لتغيير القوانين المجحفة بحق النساء في المغرب

نشر
الأمصار

أطلقت فنانات شهيرات في المغرب حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بتغيير قوانين “مجحفة” إزاء النساء وتحقيق المساواة بين الجنسين، في سياق نقاش حول إصلاح مرتقب للقانون الجنائي.

والحملة عبارة عن مقاطع فيديو تحكي فيها ثمانية وجوه مألوفة لجمهور التلفزيون والسينما قصص نساء كن ضحايا عنف أو زواج مبكر أو مظالم مرتبطة باللا مساواة في الإرث.

وتهدف الحملة إلى “الاستعانة بالحب والإنصات والاحترام الذي تحظى به أولئك الشهيرات لدى الجمهور من أجل تغيير شامل للقوانين”، كما أوضحت المخرجة السينمائية صونيا تراب لوكالة فرانس برس.

من بين المقاطع التي بدأ بثها على موقع إنستغرام، فيديو تتحدث فيه الممثلة بشرى أهريش بلسان شابة تدعى فاطمة، قائلة “كان عمري 15 عاما عندما تعرضت لاغتصاب متكرر من عمي وحملت منه. بدل أن يعرضوني على طبيب ذهبت بي والدتي إلى إحدى السيدات (لإجهاض سري)”.

ويضيف الفيديو، الذي حصد أكثر من 150 ألف مشاهدة، “بعدما تقدمنا بشكوى أدين (الجاني) بالحبس عامين، لكنه لم يقض منها سوى ستة أشهر. دمرتني هذه الحادثة وتمنيت الموت”.

بالموازاة مع الحملة الرقمية طرح الائتلاف الذي أطلقها، والمكون من عدة جمعيات نسوية، مذكرة تعرض قوانين “مجحفة” ضد النساء. وتطالب على الخصوص بإلغاء الاستثناءات التي تبيح تزويج قاصرات أقل من 18 عاما، وضمان الحق في الإيقاف الطبي للحمل، والمساواة في الإرث، وفي الولاية على الأطفال في حالات الطلاق.

كان المغرب تبنى قبل حوالي عقدين قانونا جديدا للأسرة، بعد جدل حاد وانقسام مجتمعي، استجاب للعديد من مطالب المساواة دون أن يلبيها كلها. وقد دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس في يوليو إلى “مراجعة بعض بنود” هذا القانون “لتجاوز الاختلالات والسلبيات”. لكن مراجعته لم تطرح رسميا بعد.

إضافة إلى القوانين المتعلقة بالأسرة يدعو الائتلاف أيضا إلى إلغاء قوانين جنائية تجرم حريات فردية، مثل العلاقات الجنسية الرضائية بين الراشدين. ويمكن أن تؤدي إلى عقوبات بالسجن، رغم أنها لا تطبق تلقائيا.

وعاد الجدل مؤخرا حول تغيير هذه القوانين، إثر تصريحات لوزير العدل عبداللطيف وهبي عبر فيها عن تأييده للحريات الفردية، في سياق إصلاح مرتقب للقانون الجنائي.

ورغم عدم طرح المشروع رسميا، انتقد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي ورئيس الحكومة الأسبق عبدالإله بنكيران تصريحات وهبي، واتهمه الاثنين بالسعي “إلى تغيير القرآن” و”شرعنة الزنا”.

والقانون الجنائي المغربي ليس مستمدا من الشريعة، إلا أن الإسلاميين يرفضون إباحة الحريات الفردية بالاستناد على الدين.

وفي العام الماضي، طالبت مؤسسات حكومية مغربية بتعديل الفصل 49 من قانون الأحوال الشخصية، بسبب إهدار حقوق النساء إثر المواد الفضفاضة في القانون، حسب وصفهم.

ويرى الحقوقيون أن الفصل يهدر حقوق المرأة المالية بشأن اقتسام التركة أثناء وقوع الطلاق، كما أنه لا يحفظ حقوقها في الثروة التي ساهمت في تنميتها خلال فترة الزواج.

وتنص المادة 49 من مدونة الأسرة على أن “لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن الآخر، غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستُكتسب أثناء قيام الزوجية الاتفاق على استثمارها وتوزيعها”، ويُضمّن الاتفاق، وفق ما هو منصوص عليه في المادة المذكورة، في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج.

وقال عبدالإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان بالمغرب، إن تعديل الفصل 49 من مدونة الأسرة مطلب حقوقي بامتياز.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك” أن الفصل بطبيعته الفضفاضة والمبهمة تسبب في هدر الحقوق المادية للمرأة أثناء وقوع الطلاق، وكذلك في ما يتعلق بتوزيع التركة بعد وفاة الزوج.

وأوضح أن ارتهان اقتسام الممتلكات بوجود عقد “ودي” أو الرجوع إلى القواعد العامة للإثبات يصعب من حماية حقوق المرأة العينية في الممتلكات التي تحققت بعد الزواج، لكون الأزواج المغاربة لا يقدمون على إبرام عقد منفصل بين الزوجين بخصوص تقاسم الممتلكات إلا بنسبة ضئيلة جدا، لا تتجاوز 0.25 في المئة من الأزواج.

وحسب الحقوقي المغربي، يتعذر على الكثير من الزوجات إثبات طبيعة مساهمتهن في تنمية الممتلكات التي يسجلها عادة الأزواج باسمهم.

ولفت إلى أن الحركة الحقوقية المغربية تطالب المشرع المغربي بضرورة إعادة النظر في الفصل 49 من مدونة الأسرة، خاصة بعد ما أقر وزير العدل أمام البرلمان المغربي بالثغرة القانونية التي تعتري الفصل وبضرورة مراجعته.

وبخصوص العنف ضد المرأة، اعتمد المغرب في العام 2018 قانونا جديدا للعنف ضد النساء، وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن قانون المغرب الجديد بشأن محاربة العنف ضد النساء يوفر الحماية للناجيات، لكن فيه ثغرات تنبغي معالجتها.

وبعد أكثر من عقد من مناصرة منظمات حقوق المرأة المغربية، اعتمد المغرب القانون رقم 13 ـ 103.

وقالت روثنا بيغوم، باحثة حقوق المرأة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”، “يعترف قانون المغرب المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء أخيرا ببعض أشكال الإساءة التي تواجهها نساء كثيرات من قبل أزواجهن وأسرهن. لكن على المغرب أن يعالج الثغرات لضمان حماية جميع الناجيات من الإساءة، وقيام الشرطة والنيابة العامة بعملها”.

ويجرم قانون 2018 بعض أشكال العنف الأسري، وينشئ تدابير وقائية، ويوفر حماية جديدة للناجيات. لكنه يطالب الناجيات برفع دعوى قضائية للحصول على الحماية، ولا تستطيع سوى القليلات منهن فعل ذلك. كما أنه لا يحدد واجبات الشرطة والنيابة العامة وقضاة التحقيق في حالات العنف الأسري، أو تمويل مراكز إيواء النساء.

ووجدت دراسة وطنية أنجزتها الحكومة وشملت نساء يبلغن من العمر ما بين 18 و65 عاما أن 62.8 في المئة منهن عانين عنفا جسديا ونفسيا وجنسيا واقتصاديا في المغرب. وذكرت 55 في المئة من العينة التي تمت مقابلتها العنف “الزوجي”، وذكرت 13.5 في المئة العنف “العائلي”.

وقابلت “هيومن رايتس ووتش” 45 شخصا في المغرب، من بينهم 20 امرأة وفتاة عانين من العنف الأسري، في سبتمبر 2015. وذكرن تعرضهن للكم والركلي والحرق والطعن والاغتصاب، أو لشكل آخر من المعاملة السيئة من قبل أزواجهن أو أفراد أسرهن.

يتضمن القانون أحكاما إيجابية مثل تعريف العنف ضد المرأة على أنه “كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة”. ومع ذلك، فإنه لا يقدم تعريفا للعنف المنزلي ولا يجرم صراحة الاغتصاب الزوجي.