الانتخابات الرئاسية التركية.. من سيحسم أصعب ماراثون منذ 20 عامًا
تستأنف الانتخابات الرئاسية التركية جولتها الثانية بين أردوغان، وكليجدار أوغلو، في أصعب انتخابات رئاسية تشهدها البلاد منذ 20 عام.
بعدما رأت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن الإنتخابات الرئاسية التركية أن اللجنة العليا للانتخابات في تركيا أظهرت أنها لا تتمتع بالشفافية في إدارتها للعملية التي أجريت الأحد الماضي، دعا جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي تركيا اليوم الثلاثاء إلى معالجة أوجه قصور في العملية الانتخابية أشارت إليها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وأضاف في بيان، أن الاتحاد يلاحظ النتائج في الإنتخابات الرئاسية التركية والاستنتاجات الأولية للبعثة الدولية لمراقبة الانتخابات التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومجلس أوروبا، داعياً السلطات التركية إلى معالجة أوجه القصور المذكورة.
كما أكد أن الاتحاد الأوروبي يولي أهمية قصوى لضرورة إجراء انتخابات شفافة وشاملة وذات مصداقية في ساحة منافسة متكافئة في الإنتخابات الرئاسية التركية .
"قلقون مما جرى"
جاء ذلك في حين اعتبر فريق منظمة الأمن والتعاون الأوربية، أن التغطية الإعلامية الحكومية المنحازة للانتخابات تعد مبعث قلق في الإنتخابات الرئاسية التركية .
وذكر وفد من المنظمة أن الرئيس رجب طيب أردوغان والأحزاب الحاكمة في البلاد تمتعوا بامتيازات غير مبررة على أحزاب المعارضة، التي واجهت ظروفاً غير متكافئة في أثناء حملتها الانتخابية.
وأصدرت هذه النتائج بعثة مراقبة مشتركة تضم مكتب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا للمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان والجمعية البرلمانية لنفس المنظمة والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا.
كذلك رأى أن عملية التعامل مع الشكاوى على جميع مستويات إدارة الانتخابات تفتقر إلى الشفافية، وقرارات اللجنة العليا للانتخابات التي نشرت لم تكن مؤيدة بمبررات كافية بشكل عام.
وقالت البعثة، التي نشرت 401 مراقب من 40 دولة في جميع أنحاء تركيا، إن حزب اليسار الأخضر الموالي للأكراد تعرض لترهيب واسع النطاق بدون أن تحدد المسؤول عن ذلك. وأضافت دون الخوض في تفاصيل أن بعض السياسيين المعارضين يخضعون لقيود.
ودعا الوفد السلطات إلى اتخاذ خطوات ملموسة لضمان زيادة إقبال الناخبين في المدن المتضررة من الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب شرقي تركيا في فبراير/شباط.
درت الانتخابات التركية الحديث على منصات الإعلام العالمي ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث تشهد تركيا منافسة قوية على الرئاسة، وتستعد لأول "جولة إعادة" في الانتخابات الرئاسية، بعد منافسة انتخابية حامية شهدت عدم حسم كلاً من المرشحين الرئاسيين رجب طيب اردوغان ومنافسه كمال كليجدار أوغلو لنتيجة الانتخابات بشكل قاطع. وسوف تُجرى جولة الإعادة يوم 28 مايو الجاري.
وتشير النتائج التي استطاعت تحقيقها المعارضة من خلال مرشحها ضد أردوغان إلى توحد كبير في صفوفها تحدثت عنه أغلب الصحف العالمية والمحللين السياسيين.
يتكون التحالف الوطني المعارض الواسع من ستة أحزاب سياسية، بقيادة حزب الشعب الجمهوري بقيادة كيليجدار أوغلو، ويُعرف حزب الشعب الجمهوري بسياساته المؤيدة للعلمانية، ولهذا السبب واجه معارضة شديدة من قبل الشريحة الدينية من الناخبين الأتراك، ولتغيير هذه الصورة وعد أوغلو بسياسة مصالحة واسعة لتوحيد البلاد، كما اتبع استراتيجية تهدئة من خلال تشكيل حزب الخير الوطني والمحافظ الميول تحت مظلة التحالف الوطني وثلاثة أحزاب دينية ثانوية هم: حزب السعادة المحافظ وحزب المستقبل وحزب الحل، بحسب موقع "ذا كونفيرزيشن".
يعد انضمام الحزبين الأخيرين يعد أمراً مهماً للتحالف، حيث يقودهما على التوالي أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية السابق لأردوغان ، وعلي باباجان ، الذي شغل منصب وزير الاقتصاد حتى عام 2019 في ظل حكومات أردوغان المتعاقبة.
واعتمد أغلوا على ثلاث أركان أساسية في حملته ضد أردوغان:
- فشل أهداف وغايات حزب العدالة والتنمية الحاكم لعام 2023، حيث كان من المفترض أن تدخل تركيا قائمة أكبر 10 اقتصادات في العالم، ولكنها بالكاد تظل ضمن أفضل 20 دولة في المرتبة 19.
-أن الاقتصاد في حالة ركود خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث تراجعت قيمة الليرة التركية ووصل التضخم إلى 85.5٪ . وأشار أوغلو خلال حملته إلى تفاقم تكاليف المعيشة بالنسبة للعديد من الأتراك.
-انتشار الأحاديث حول المحسوبية والفساد والإسراف في الإنفاق الحكومي، وهو الأمر الذي لطالما انتقد من قبل العديد من شرائح المجتمع التركي، وتعرض سوء إدارة الحكومة لانتقادات واسعة على الفور بعد زلزال فبراير 2023 مما وجه ضربة أخرى لأردوغان وحكومته.
حاول أوغلو تقديم رؤية جديدة للناخبين، وأعلن عن برنامج إصلاح من أربع خطوات من شأنه أن يجعل تركيا (أكثر ديمقراطية وأكثر إنتاجية مع الاستثمار في الزراعة والصناعة وحالة اجتماعية تتلقى خدمات أفضل، وقدرة على الحفاظ على هذه الإصلاحات) .
استراتيجية أردوغان تكتسح في المناطق الريفية
تتمثل الإستراتيجية الرئيسية لأردوغان في السيطرة على وسائل الإعلام التركية، فتركيا لديها واحد من أعلى معدلات الصحفيين المحتجزين والسجناء في العالم، فهي في المرتبة الثانية بعد الصين، بحسب تقارير عالمية منها تقرير مجلة فوربس لعام 2019، وخلال شهر أبريل عرض لأردوغان أكثر من 33 ساعة من البث على قناة TRT التي تديرها الدولة، بينما كان لدى أوغلو 32 دقيقة فقط للظهور.
لذلك لم يستطع جميع الناخبين سماع رسالة أوغلو، لا سيما في المدن الصغيرة والمناطق الريفية الذين يعتمدون بشكل أساسي على وسائل الإعلام التقليدية للتلفزيون والصحف، ونتيجة لذلك فاز بأغلبية الأصوات في المدن الكبرى مثل اسطنبول وأنقرة وإزمير ، لكن أردوغان كان في المقدمة في المناطق الداخلية والمدن الأصغر والريف.
وركزت سياسة أردوغان المضادة للمعارضة على ثلاث جوانب رئيسية:
-أولاً التاريخ العلماني لحزب الشعب الجمهوري الذي أسسه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك ويقودها الآن أوغلو، ومن بين سياسات الحسب حظر الحجاب على النساء وقاد حملة لتحقيق ذلك في التسعينيات .
-الثانية كانت الهوية الدينية العَلوية لأوغلو، والعلوية هي فرع من الإسلام الشيعي يتبعها حوالي 5-10٪ من الأتراك بينما الأغلبية للسنة.
-اتهام أوغلو بالتواطؤ مع حزب العمال الكردستاني المنظمة الانفصالية الكردية المسؤولة عن العديد من الأنشطة الإرهابية في تركيا، وهي تهمة نفىها أوغلو بشدة.