مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

تراث السودان يحترق أثناء اشتباكات الجيش السوداني والدعم السريع

نشر
الأمصار

رسم كتب ووثائق محترقة أثناء اشتباكات الجيش السوداني والدعم السريع داخل واحدة من أعرق المكتبات في العاصمة الخرطوم صورة مظلمة لمستقبل دُور حفظ التأريخ والإرث الثقافي بالسودان في ظل نيران الحرب المحيطة بها، وسط مخاوف من أن يسبب الصراع في محو ذاكرة هذا البلد الغنية بمنتوج معرفي وفكري.

 

وقضت النيران بالكامل  في اشتباكات الجيش السوداني والدعم السريع  على مكتبة مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية في جامعة أمدرمان الأهلية، وتركت حاملات الكتب خاوية تكسوها أثار اللهب شديدة السواد، لتروي فصلاً من تراجيديا فاجعة معرفية، نظراً لما كانت تحتويه من كتب ووثائق ومخطوطات يدوية نادرة لشخصيات ذات اسهامات وطنية برزت خلال حقب متفرقة من تاريخ هذا البلد.

ويخشى مهتمون في البلاد أن تمتد الحرائق لتلتهم مكتبات رئيسية تحفظ التأريخ السوداني بكل وقائعه بسبب  اشتباكات الجيش السوداني والدعم السريع ، وتحمل بداخلها إنتاج فكري ومعرفي كبير في مختلف المجالات، وسبب تصاعد المخاوف هو وجود أغلب هذه المكتبات والدُور الوثائقية وسط منطقة تشتد فيها المعارك العسكرية.

وتحيط نيران الصراع بـ5 مكتبات كبرى في السودان وهي :

حسرة كبيرة

وأعرب مدير جامعة أمدرمان الأهلية البروفسيور المعتصم أحمد الحاج عن تحسره على حرق مكتبة مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية، في  اشتباكات الجيش السوداني والدعم السريع  فهي عصارة مجهود علمي مدته 37 عاماً في جمع الكتب والوثائق النادرة إذ تحتوي على مؤلفات ومخطوطات يدوي لشخصيات وطنية كانت لها اسهامات سياسية وفنية وأدبية.

ويقول الحاج قضت النيران في  اشتباكات الجيش السوداني والدعم السريع  على كل شيء، الكتب والوثائق والذكريات كذلك، وليس هناك أرشيف الكتروني لهذه المؤلفات التي يستحيل وجودها في أي مكان آخر، فقد استبيحت الجامعة الأهلية بشكل كامل ولم يتبق منها سوى المباني”.

ويضيف “هذا عمل مدمر من شأنه أن يعصف بالإرث الثقافي والأدبي وتاريخ هذا البلد، ونخشى أن يمتد ليشمل مكتبات أخرى مهمة تقع داخل نطاق المواجهات المسلحة في الخرطوم ومدينة أمدرمان، وقد باتت ذاكرة السودان مهددة بأن يمحوها هذا الصراع المتطاول”.

إجلاء الوثائق

ويشير الكاتب والروائي السوداني منصور الصويم، إلى إمكانية نشوء مبادرات شبابية تتولى مهمة نقل الوثائق المؤلفات النادرة من مقرات المكتبات في المناطق الملتهبة الى جهات آمنة، وذلك على النحو الذي تم مع إخراج الأشخاص الذين كانوا عالقين في تلك الأماكن الملتهبة، وذلك رغم المخاطر التي قد تواجه مبادرات من هذا النوع الا انها تعتبر السبيل الوحيد لإنقاذ جزء من الوثائق التاريخية النادرة، فلا يمكن مناشدة أي طرف عسكري في هذه المرحلة حيث لا صوت يعلوا على الرصاص”.

ويضيف “لقد سيطر اليأس علينا بعد أن رأينا البلاد تتدمر في كل مناحيها وسالت الدماء في كل مكان، وليس ببعيد ان يلحق هذا الدمار بالمكتبات وما تحويه من إرث تاريخي، وأيضا المتاحف الغنية بالآثار وهي في منتصف مناطق الصراع المسلح، فأخشى ضياع موروثنا الثقافي وسط هذه الفوضى”.

متحف التاريخ الطبيعي

بعد شهر من الاستغاثات المتواصلة، كشفت مديرة متحف التاريخ الطبيعي بالخرطوم، سارة سعيد، موقف الحيوانات البرية الحية بالمتحف، والتي تأثرت بشكل فادح جراء الصراع المسلح بين الجيش السوداني والدعم السريع.

 

 

وتسببت الاشتباكات التي لم تتوقف منذ 15 أبريل الماضي، في تعذر الوصول إلى موقع المتحف الذي يضم ما لا يقل عن 100 حيوان، جرى وضعها داخل أقفاصها قبل يوم واحد من اندلاع القتال.

وقالت مديرة متحف التاريخ الطبيعي، في تصريحات خاصة لـ”سكاي نيوز عربية”، إنَّ الأمور لا تزال غير واضحة بالنسبة لموقف الحيوانات داخل المتحف، قبل أن تصلني معلومات بشكل غير رسمي أن بعض أفراد الجيش السوداني قاموا بتوفير المياه للحيوانات، ما يمثل انفراجة للاستغاثات المتكررة طول الأسابيع الماضية.

وعلى الرغم من تلك الانفراجة، لا يزال الوضع صعبًا بالنسبة لحيوانات متحف السودان، في الوقت الذي حددت “سعيد” هذا الأمر في عدد من النقاط: الحيوانات تواجه مصيرًا صعب، وبالطبع هناك بعضها مات من تلك الظروف شديدة التعقيد، حسب الزمن الذي تُركت فيه مهجورة.

توقعت  وفاة الكثير من الحيوانات، على رأسها الطيور والثدييات التي لا تتحمل شهرًا دون متابعة أو تغذية أو إشراف، ولا نستطيع إلى الآن الوصول لها، إذ أن إمداد أقفاصها بالمياه كان في الأيام الأولى للحرب، ولا نستطيع تحديد موعد زمني لقيام قوات الجيش بالاستجابة للاستغاثات، والاحتمال الأرجح أن تكون قد قضت نحبها جوعا وعطشا.

توجد بعض الحيوانات الأخرى تستطيع مقاومة تلك الظروف لأطول فترة مُمكنة، وهي الزواحف مثل السلاحف الصحراوية؛ لأنها تخزن المياه في أجسامها.

ومن الناحية العلمية، فالطيور لا تستطيع المقاومة أكثر من 5 أيام متواصلة دون غذاء أو ماء، خاصة في درجات الحرارة الشديدة التي تصل إلى 46 درجة مئوية، والحيوانات الأليفة التي كان يقتنيها بعض السودانيين في منازلهم، في وضع صعب أيضًا؛ لأن الكثير من المواطنين نزحوا وتركوا خلفهم هذه الحيوانات.

 لا نستطيع الذهاب إلى مقر حديقة الحيوانات، فالأمور شديدة التعقيد بالنظر لموقع المتحف على مقربة من القيادة العامة للقوات المسلحة، والتي تعد منطقة شديدة الخطورة بالنسبة لتحرك المدنيين، والذي قد يتعرضون للاستهداف من طرفي النزاع.

 حاولت قدر الإمكان الوصول للمتحف، لكنها  كانت تتواجد في منطقة لم تسكت بها أصوات الرصاص يومًا، ولم استطع ذلك؛ ومن ثم لا يوجد شخص لديه معلومة أو تقييم للوضع وعدد الحيوانات التي ماتت.