أردوغان أم كليجيدار أوغلو...
بعد ١٠٠ عام على تأسيس الجمهورية التركية الحديثة.. من يكمل المسيرة؟
منذ قيام الانقلاب اللغوي في تركيا الذي نتج عنه بزوغ تركيا الحديثة على يد مصطفى كمال اتاتورك الذي صبغ الدولة بالطابع العلماني وقضى على الجذور العثمانية تماما والتي عدها المؤرخون من أقوى الحكومات التي مرت على تركيا الحديثة ليأتي بعد مئة عام نظام رجب طيب أردوغان الذي مثل ثاني أقوى الانظمة في تركيا الحديثة التي استطاعت النهضة بالدولة وفرض سطوتها و بزوغ نجمها ولكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن دائما فبعد مرور 20 عام على تواجد اردوغان في السلطة وصولا لتوليه حكم البلاد وسيطرته على مقاليد الحكم بدأت الأوضاع الداخلية في التدهور حتى قال بعض الخبراء الاقتصاديين أن ما قام به من تقليل لسعر الفائدة هو ما أدى لانهيار الليرة التركية أمام الدولار وما أدى بدورة لحدوث أكبر ارتفاع في نسبة التضخم تشهدها تركيا لتأتي الانتخابات الرئاسية التركية وتهز عرش حزب العدالة والتنمية و على رأسه رئيس البلاد أردوغان أمام مرشح المعارضة كمال كليجيدار أوغلو و اليوم بعد مرور أربعة أسابيع على بدء الانتخابات الرئاسية التركية تواجه تركيا الجولة الثانية والأخيرة لتحديد رئيس البلاد لتكون أصوات الناخبين الفيصل المحدد لرئيس البلاد القادم .. فهل يفوز اردوغان ، أم تنتصر المعارضة؟
انتخابات الرئاسة
بدأت الانتخابات الرئاسية التركية في 14 مايو/أيار 2023 الحالي بعدما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن تقديم موعدها، والذي كان مقرراً سابقاً في 18 يونيو/حزيران، وذلك بموجب مرسوم رئاسي وقّع عليه الرئيس يوم 10 مارس/آذار 2023.
وتوصف هذه الانتخابات داخلياً وخارجياً بأنها "الأكثر أهمية في تاريخ البلاد" منذ تأسيس الجمهورية قبل 100 عام، هناك إجماع داخل وخارج تركيا على أن الانتخابات هذه المرة تمثل مفترق طرق للبلاد. وفيما يلي كل ما تريدون معرفته عن الانتخابات التركية 2023.
أهمية الانتخابات التركية 2023
تنبع أهمية الانتخابات الرئاسية التركية هذه المرة من أنها تأتي بعد مرور 100 عام على تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك، حيث تدخل الجمهورية قرناً جديداً بوعود كبيرة من قِبَل الرئيس أردوغان. ولا شك أن هذه الانتخابات لها تأثير مباشر على صياغة الحسابات الجيوسياسية وتوازنات المنطقة في ظل الصراع الدائر بين الأقطاب الشرقية والغربية. وكما قال ضياء ميرال، الباحث في معهد خدمات رويال لدراسات الدفاع والأمن، لصحيفة واشنطن بوست: "ما يحدث في تركيا لن يبقى في تركيا فقط، تركيا قد تكون قوة متوسطة، لكن القوى الكبرى ستتأثر بنتائج الانتخابات في أنقرة".
فما سيقرره الناخبون الأتراك، خلال مايو/أيار، لن يتعلق فقط بمن سيحكم البلاد، لكن بكيفية الحكم أيضاً، والمسار الاقتصادي الذي ستسلكه تركيا، ودورها في تخفيف حدة الصراعات العالمية والإقليمية، مثل الحرب في أوكرانيا، والاضطرابات في الشرق الأوسط وإفريقيا.
الأحزاب المشاركة في الانتخابات الرئاسة التركية.
شارك في الانتخابات 36 حزباً بعد استيفائها الشروط المطلوبة، رغم أن عدد الأحزاب السياسية في تركيا 122 حزباً مسجلاً بشكل رسمي، وفق ما أعلن عنه الادعاء العام التابع للمحكمة العليا مطلع يناير/كانون الثاني 2023. وجاء من أبرز الشخصيات التي أعلنت ترشحها للرئاسة الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، ومرشح الطاولة السداسية زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو. و كان من بين المنافسين الآخرين كل من محرم إينجه الذي سبق أن خسر الانتخابات أمام أردوغان في الانتخابات السابقة، وسنان أوغان الذي كان سابقاً مع حزب "الحركة القومية" وانضم بعد ذلك إلى "حزب النصر" القومي المتطرف الذي يتزعمه أوميت أوزداغ، ودوغو بيرينجيك، رئيس "حزب وطن"، وأوزتورك يلماز، رئيس حزب الابتكار، وجيم أوزان الرئيس السابق لحزب "الشباب"، ورئيس الحزب الواحد أحمد أوزال، والطبيب التركي سيردار سافاش، والحقوقي عمر لطفي أفشار.
وفي 26 من ابريل انطلقت المرحلة الاولى من الانتخابات التركية في السفارات والقنصليات التركية في الخارج والبوابات الحدودية. وبالنظر إلى أن النتائج الانتخابية لم يتم حسمها من الجولة الاولى وتم الاعلان عن جولة إعادة ثانية للانتخابات الرئاسية والتي كانت تشتمل على المرشحين كل من رجب طيب اردوغان و كمال كليجيدار اوغلو .
ومن جانبهم، يقول منتقدو اردوغان إن حكومته كممت أفواه المعارضة وقوضت الحقوق وأخضعت النظام القضائي لنفوذها، وهو اتهام ينفيه المسؤولون الذين يقولون إنها وفرت الحماية للمواطنين في مواجهة تهديدات أمنية من بينها محاولة انقلاب عام 2016.
أما خبراء الاقتصاد فيقولون في تحليلاتهم إن دعوات أردوغان لخفض أسعار الفائدة أدت إلى ارتفاع التضخم لأعلى مستوى في 24 عاما عند 85 بالمئة العام الماضي، كما أدت لهبوط الليرة التركية إلى عُشر قيمتها مقابل الدولار على مدار العقد الماضي.
ومن أجل الإطاحة بحكم أردوغان والتفوق عليه، سعت المعارضة التركية إلى تحالف جمع حزبي المعارضة الرئيسيين، حزب الشعب الجمهوري العلماني والحزب الصالح القومي المنتمي ليمين الوسط، مع أربعة أحزاب أصغر على أساس برنامج من شأنه إلغاء الكثير من السياسات التي اتسم بها حكم أردوغان. وتعهدت هذه الأحزاب بإعادة استقلال البنك المركزي والتخلص من سياسات أردوغان الاقتصادية غير التقليدية. كما أنها اعتزمت إلغاء رئاسته التنفيذية والعودة للنظام البرلماني السابق، بالإضافة إلى إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.
واليوم في 28 من مايو يمثل جولة الاعادة الاخيرة والحاسمة للانتخابات التركية بين المرشحين رجب الطيب اردوغان و كمال كليجيدار اوغلو حيث واصل الناخبون الاتراك التصويت في جولة الاعادة اليوم الاحد التي قد تشهد تمديد الرئيس رجب طيب أردوغان حكمه إلى عقد ثالث. أو فوز مرشح المعارضة كليجيدار اوغلو.
وعقب فتح مكاتب التصويت، أدلى رجب طيب أردوغان بصوته في أحد مراكز الاقتراع بإسطنبول، حيث دعا المواطنين "إلى المشاركة والتصويت من دون تقاعس". من جهته، دعا كيليتشدار أوغلو الناخبين إلى "التصويت من أجل التخلص من نظام استبدادي"، بعد الإدلاء بصوته في مركز اقتراع في العاصمة أنقرة.
الجولة الحاسمة
واليوم بدأت في تركيا عملية فرز الأصوات في الجولة الحاسمة لانتخابات الرئاسة بين الرئيس رجب طيب أردوغان وزعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو. و وفقا لما ذكرته وكالة الأناضول فلقد حصل أردوغان على 54.03 في المئة وكيليجدار أوغلو على 45.97 في المئة، بعد فرز 77.46 في المئة من الأصوات. بينما قالت وكالة أنكا أن أردوغان حصل على 49.87 في المئة وكيليجدار أوغلو على 50.13 في المئة، بعد فرز 79.3 في المئة من الأصوات. وستصدر النتائج تباعا خلال الساعات المقبلة، حيث من المتوقع أن تكتمل في وقت مبكر مقارنة بتوقيت إعلانها بعد التصويت في الجولة الأولى نظرا لأن بطاقات الاقتراع أبسط ولا تضم سوى أردوغان و كليجدار أوغلو. ومن الجدير بالذكر أن مكاتب الاقتراع في تركيا أغلقت أبوابها اليوم الأحد في تمام الساعة 17,00 بالتوقيت المحلي، بعدما دعي أكثر من ستين مليون ناخب الى الإدلاء بأصواتهم فيها لاختيار رئيسهم.
من يكون القائد القادم لتركيا هو ما ستكشف عنه اصوات الناخبين بعد دقائق لتحدث تغيير كبير بعد مرور 100 عام من إقرار النظام التركي الحديث .