نقص الأدوية.. الحرب تضرب صحة السودان
منذ اندلاع المعارك في السودان، يعاني سكان العاصمة، الخرطوم، وبعض المدن من انهيار في الخدمات خاصة الصحية، في ظل تضرر بعض المستشفيات والمنشآت الطبية ناهيك عن نقص الأدوية والمستلزمات الطبية.
وتعاني ثلاث ولايات في السودان، وهي الخرطوم وجنوب ووسط دارفور، من أزمة في الخدمات الصحية.
وخرج نحو 25% من مستشفيات العاصمة عن الخدمة، ونزوح المرضى إلى مختلف الولايات بحثاً عن علاج.
وأدت الاشتباكات إلى "خروج 30 مستشفى في الخرطوم عن العمل"، وذلك من أصل 130 مستشفى في العاصمة التي تعتبر قبلة المرضى من جميع أنحاء السودان في ظل مركزية النظام الصحي، بحسب وزير الصحة الذي اتهم قوات الدعم السريع بالاستيلاء عليها.
نقص الأدوية
وكشف وزير الصحة أن المخزون الدوائي لأمراض الكلى والدم يكفي فقط لمدة تتراوح بين شهر إلى شهرين، مع توقعات بحدوث فجوة في أدوية الأمراض المزمنة، لافتاً إلى أن وزارته تعمل على معالجة هذه المعضلة مع الشركاء الدوليين.
وأضاف أن المخزون الاستراتيجي من الدواء "خارج سيطرة الوزارة"، مرجعاً السبب إلى "تواجد قوات الدعم السريع في المركز الرئيسي للإمدادات الطبية وصعوبة الوصول إلى المكان".
وذكر أن الوزارة تعمل على توزيع نحو 530 طناً من المساعدات الطبية في جميع الولايات باستثناء ولايات دارفور "بسبب الأوضاع الأمنية"، والخرطوم "في ظل وجود مخزون جيد من الأوية مقارنةً بأعداد المرضى القادرين على الوصول لتلقي العلاج".
وتعد المستهلكات الطبية الخاصة بأمراض الكلى والقلب والسرطان الأعلى استهلاكاً، بجانب أدوية الأمراض المزمنة وأكياس الدم.
ولفت إلى توافر نحو 70% من مخزون ولايات دافور في المستشفيات باستثناء ولاية جنوب دارفور التي شهت إحراق المخزون الدوائي، بحسب قوله.
وحسب تقارير نقابة الأطباء السودانيين ومنظمة الصحة العالمية، فإن الحرب أدت إلى انتهاكات لحقوق الإنسان واقتحام المستشفيات وبنك الدم والقصف العشوائي للمستشفيات، واستخدام الكوادر الطبية والمدنيين كدروع بشرية، والاعتداء على الطواقم الطبية وعربات الإسعاف، وقصف مصانع الأدوية والصيدليات.
وتفاقم الأزمة الصحية في السودان لم يكن فقط بسبب الحرب، بل تزامن ذلك مع نقص حاد في الموارد الطبية والإمدادات الطبية الأساسية، مثل الأدوية والأكسجين، وانعدام الوقود والكهرباء والماء، مما أثر سلبا على النظام الصحي بالبلاد.
وهناك مبادرات طوعية تعمل على إعادة الخدمة لعدد من المستشفيات بمجهود شعبي ومناشدات للطواقم الطبية في ظل غياب وزارة الصحة.
وتعمل الأجسام الطبية والنقابات المهنية داخل تجمع المهنيين مع منظمات حقوق الإنسان على المطالبة بفتح ممرات آمنة لإيصال الإمدادات الطبية الأساسية إلى المناطق المتضررة.
وتمت مناشدة المنظمات الدولية بإيصال المساعدات الطبية والإنسانية للسودان، وحث الأطراف المتحاربة على احترام حقوق الإنسان والحفاظ على البنية التحتية الصحية في البلاد. وتدعو لوقف فوري لإطلاق النار، والاتجاه للتفاوض وفتح الممرات الإنسانية.
معونات خارجية
في موازاة ذلك، قال مدير الصليب الأحمر في السودان ألفونسو فردور بيريز "نواجه انهياراً فعلياً للنظام الصحي فيما السكان في أحوج ما يكون إليه، والمستشفيات بحاجة ملحة كذلك إلى المياه والكهرباء، فضلاً عن حد أدنى من الشروط الأمنية لمرضاها والعاملين فيها".
من جهته قال وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم إن "جملة المعونات الإنسانية التي وصلت البلاد نحو 690 طناً منها 367 طناً إمدادات طبية، وموقف الإمداد مطمئن بخاصة مستهلكات مرضى غسيل الكلى والتي تم توفيرها عبر آليات الصندوق القومي للإمدادات الطبية".
وشدد على أهمية التنسيق مع الشركاء في توفير الحاجة الفعلية من الأدوية والمستلزمات المختبرية، وناشد الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الأممية والدولية، مواصلة تقديم الدعم الإنسان
هجرة الأطباء
وهناك "ما يقارب 4 ملايين امرأة مرضى أو حامل وطفل يعانون نقصاً حاداً في التغذية، وبالأخص 50 ألف طفل يعانون من نقص حاد في التغذية يحتاجون إلى عناية على مدار الساعة".
و النظام الصحي في السودان كان يحتاج قبل المعارك "إلى مئات الملايين من الدولارات، وأن الأمم المتحدة كانت وجهت نداءً لدعم السودان في العام 2023 في الجانب الإنساني والذي يشمل الجانب الصحي، بما يقارب من 1.7 مليار دولار، ولم يتمكن السودان من الحصول إلا على 13% من هذه المساعدات".
و"فر الكثير من العقول العاملة والمدرّبة في النظام الصحي إلى خارج السودان"، وفيما تعاني البلاد من نقص في كل شيء تقريباً، كما انضم العديد من الأطباء إلى عشرات الآلاف من السودانيين الذين يهاجرون هرباً من الأوضاع المتردية.
وتشير منظمة الصحة الى أن 3 ملايين سيدة وفتاة تعرضوا لعنف جنسي وذكوري، وبحسب الأمم المتحدة، فإن الأطفال خصوصاً كانوا ضحايا "معاناة نفسية" بسبب النزوح وانعدام الأمن والمعارك.
وهناك أزمة دواء طاحنة لأن صيدليات كثيرة تعرضت للكسر والتخريب مما أسهم في شح الدواء، كما أن عديداً من مصانع الأدوية تعرضت للاستهداف، وهو ما ستنتج عنه كارثة كبيرة لأن ذلك يعني فقدان الدواء المصنع محلياً وفقدان المواد الخام".
ويؤثر "انقطاع الكهرباء بشكل كبير في من يتلقون العلاج لأن تعرق المريض في ظل ارتفاع درجات الحرارة يعرض الجروح لمضاعفات خطرة".
وأوقعت الحرب، التي اندلعت في الـ15 من نيسان/أبريل، 1800 قتيل، وفق منظمة "أكلد" غير الحكومية، المتخصصة برصد النزاعات.
وأرغمت هذه الحرب ما يزيد على مليون شخص على النزوح داخل السودان، أحد أفقر بلدان العالم، وهجّرت 300 ألف سوداني، على الأقل، إلى الدول المجاورة، التي تعاني في الأصل أزمات، بحسب الأمم المتحدة.
ويحتاج أكثر من نصف السودانيين، الذين يبلغ عددهم 25 مليوناً، من أصل 45 مليوناً، إلى مساعدات إنسانيةً، من أجل البقاء على قيد الحياة.