أدهم إبراهيم يكتب: إقطاعيات عائلية في مؤسسات الدولة
أصبحت تعيينات أقارب وعوائل المسؤولين العراقيين في دوائر الدولة ظاهرة تتجذر يوما بعد يوم ، مما اثرت على عدالة توفير فرص التعيين للعراقيين كافة .
وقد صار من المألوف اليوم أن تهيمن عائلة او عشيرة او مكون معين على وزارة من الوزارات او مؤسسة عامة .
فهناك تشكيلات ادارية تضم المئات من الموظفين ليس من مكون واحد فقط بل ومن عشيرة واحدة او عائلة واحدة ، رغم وجود قانون مجلس الخدمة الاتحادي .
وهذه الظاهرة لاتؤثر على المساواة والعدالة في التعيين فقط ، بل تساهم في شيوع الفساد وتراجع الأداء الوظيفي للوزارات والدوائر بسبب تقدم الولاء على الخبرة .
مما جعل دوائر الدولة متخمة بموظفين غير اكفاء وفائضين عن الحاجة .
وهذا لايتعلق بمرفق واحد بل انتشر ليشمل اغلب مؤسسات الدولة ، التي اصبحت اقطاعيات لعوائل كبار المسؤولين بشكل شبه كامل .
هذه الظاهرة استفحلت واصبحت من اكبر علل البلاد .
وفي الوقت الذي اصبحت الوزارات والدوائر ملكا للمسؤول يعين فيها الاخ والابن ، والزوجة واولاد العم بغضّ النظر عن حاجة المرفق لخدماتهم، فإن الملايين من خريجي الجامعات محرومون من فرص التعيين مع كل مايملكون من شهادات وكفاءات .
وبالرغم من تشريع قانون الخدمة الاتحادية فان صلاحيات التوظيف خارج اطار مجلس الخدمة قد تم منحها للعديد من الوزارات والجهات الرسمية .
في ظل غياب الشفافية والمسائلة الجادة فان ازدياد ظاهرة تعيين الاقارب يعتبر من المخالفات الخطيرة بحق المجتمع والدولة ، وتندرج ضمن الاستغلال الوظيفي، وخيانة الأمانة واستغلال السلطة، وكلها من الجرائم الواقعة على الوظيفة العامة ، ويتوجب اتخاذ الإجراءات القانونية بحقها .
ان هذه الظاهرة المنافية للعدالة وتكافؤ الفرص تتطلب اصدار تشريع باخلاقيات الوظيفة العامة ، وإيقاف كل التعيينات المستندة على الأقارب من الدرجة الأولى والثانية ، والتعيين خارج مجلس الخدمة .
مع منع اصدار اي استثناء اوصلاحيات لرؤساء الدوائر او البرلمانيين بالتعيين خارج ضوابط قانون مجلس الخدمة الاتحادي.
كما يتوجب تفعيل دور مجلس الخدمة الاتحادي في ضمان التوزيع العادل للوظائف، وتعزيزه بانظمة الكترونية متطورة بعيدا عن المحسوبية .
ان كشف ممارسات توظيف الأقارب والشبكات العائلية هو جزء من متطلبات مكافحة الفساد المستشري في الدولة والمجتمع ، وعلى هيئة النزاهة تقديم كشوفات بالموظفين المعينين خارج الضوابط القانونية ومحاسبة المخالفين بعقوبات مشددة .
كما ان توصيف الوظائف وتحديد شروط ومتطلبات الوظيفة ومؤهلات شاغليها له دور مهم في الحد من تفشي ظاهرة تعيين اقارب المسؤول .
وكذلك التأكيد على نشر اعلانات التوظيف في وسائل الاعلام المختلفة ، مع تحديد مواصفات الوظيفة المطلوبة ، والمؤهلات اللازمة لاشغالها، ونشر أسماء من تم تعيينهم في تلك الوظائف، لتحقيق مبدأ العلنية والشفافية
تحت طائلة العقوبات الادارية والجزائية للمخالفين .
واخيرا فان تعيين الاقرباء اصبح عبء" على المجتمع ومنافيا" لمبادئ العدل والانصاف ، ويزيد من فساد الدولة فوق فسادها الحالي ، مما يتوجب الوقوف ازاءها بحزم ومعالجته بكل الطرق المتاحة ، فدولة القانون تستند على مفهوم المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات.
ما ورد في المقال لا يعبر عن وجهة نظر الموقع ويعبر فقط عن وجهة نظر كاتبه.