بعد احتدام الصدام بين أمريكا والصين.. هل يتصاعد الصراع لمواجهات مباشرة؟
بدأت منذ 10 أيام مواجهة بين كل من القوات الأمريكية و القوات الصينية في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي وذلك بعد وقوع حادثتين متتاليتين بين قوات البلدين حيث قامت بكين بمناورة عسكرية ضخمة في مضيق تايوان ضد المدمرة الأمريكية.
واتهمت البحرية الأميركية، أمس السبت، السفينة الصينية بالإبحار بشكل متعرج "خطير" حول إحدى مدمراتها، التي كانت تبحر في مضيق تايوان مع سفينة كندية.
ولم تأت الصين على ذكر هذه الحادثة لكنها اتهمت الولايات المتحدة وكندا بالتسبب "عمدا باضطرابات في مضيق تايوان"، الذي تطالب بحقوق سيادية فيه. فيما وجهت واشنطن الاتهام لطيار مقاتلة صينية بإجراء "مناورة عدوانية غير مبررة" قرب طائرة استطلاع أميركية كانت تحلق فوق بحر الصين الجنوبي في 26 مايو. غير أن الجيش الصيني قال إن الطائرة الأميركية "توغلت عمدا" في منطقة تدريب عسكرية صينية "لإجراء عمليات استطلاع". و هو ما يُنبى بتصاعد و تزايد حدة التوتر بين كلا البلدين.
وتكمن أهمية بحر الصين عالمياً في تأثيره المباشر على الاقتصاد العالمي، حيث أن ثلث حركة النفط والتجارة البحرية العالمية يمر عبر المسطح المائي الصيني عبر مضيق تايوان، الذي أصبح منطقة مضطربة منذ بدء زيارة نانسي بيلوسي رئيسة الكونجرس الأمريكي سابقا.
تصاعد حدة التوتر
وفي هذا السياق، نددت وزارة الدفاع الأميركية، اليوم الأحد، بالتصرفات "الخطرة بشكل متزايد" للجيش الصيني في آسيا، بعد الحادثتين بين قوات البلدين في الأيام الأخيرة.
فيما اعرب المتحدث باسم البنتاغون بات رايدر الذي يرافق وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن خلال مؤتمر "حوار شانغريلا" الأمني بسنغافورة اليوم الأحد عن قلقه من إمكانية تصاعد الأحداث بين البلدين نتيجة لما حدث في الأيام الأخيرة قائلا: "ما زلنا نشعر بقلق إزاء الأنشطة الخطرة والإكراهية بشكل متزايد لجيش التحرير الشعبي في المنطقة، بما في ذلك (ما حدث) في الأيام الأخيرة".
على جانب آخر، أكد وزير الدفاع الصيني، لي شانغفو، في ذات المؤتمر، على أن "هناك تجدداً في عقلية الحرب الباردة، مما يزيد بشكل كبير من التهديدات الأمنية"، وأشار إلى أن "بعض الدول توسع قواعدها العسكرية وتزيد من سباق التسلح في المنطقة".
وأضاف شانغفو، أن "بعض الدول تتدخل مباشرة في الشؤون الداخلية لدول أخرى"، وأكد أن "يجب على الدول أن ترسخ علاقات متبادلة من الاحترام، بدلاً من السعي لتحقيق الهيمنة".
اتهامات أمريكية للصين
اتهمت التقارير الأمريكية الصين بالسعي المتنامي إلى تحويل بحر الصين الجنوبي منطقة عسكرية من خلال المعدات العسكرية المتطورة التي شملت صواريخ مضادة للسفن ومدافع مضادة للطائرات وصواريخ أرض جو ومعدات التشويش الإلكتروني على الجزر الاصطناعية في المناطق المتنازع عليها. وفي تطور ملحوظ لبث السيطرة الصينية على المناطق المتنازع عليها في البحر الصيني الجنوبي، حيث أعلن الإعلام الصيني المحلي أحقية خفر السواحل الوطني الصيني بمطالبة السفن الأجنبية بالكشف عن ماهية شحناتها عند عبور المياه التي تزعم الصين سيادتها عليها، ويخول القانون الصيني الجديد رفض دخول أي سفن أو قوارب يرى فيها خطراً على الأمن القومي الصيني.
وعلى الرغم من ذلك تنفي الصين السعي وراء الاستحواذ على منطقة بحر الصين الجنوبي، أو خلق إمبراطورية بحرية في المنطقة، كما يقول المتحدث باسم وزير الخارجية، وتؤكد الحكومة الصينية أنها تعامل جيرانها على قدم المساواة وتسعى إلى حماية سيادتها وحقوقها في المنطقة البحرية.
أراء المراقبون
ويرى مراقبون صينيون أن التحالفات العسكرية وزيادة التسلح، والسماح لكل من اليابان وكوريا الجنوبية بزيادة قدراتها العسكرية بهدف زيادة نفوذ الولايات المتحدة الجيوستراتيجي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، وكل ذلك لتطويق الصين ومحاصرتها، وجعلها ترضخ للإدارة الأمريكية، مع التركيز على أهداف عسكرية أقوى، بينما ينفي محللون غربيون خطوات الأحلاف العسكرية وزيادة المخاطر، ويبررون بأن ذلك لا يمكن تشبيهه بما حدث في الحرب الباردة، أو تأسيس تحالف "الناتو"، معللين ذلك بالتوجه العام السائد المبني على التكامل الاقتصادي العالمي، والذي يختلف كثيراً عن الانقسام والمواجهة بين المعسكرين في الحرب البادرة، مشيرين إلى صعوبة اجتذاب الولايات المتحدة مزيداً من الدول الغربية في التحالف بسبب تراجع الهيمنة الأمريكية وفقدانها للثقة بين حلفائها.
نزاع جيوسياسي بعيد المدى
تعود بدايات النزاعات في منطقة المحيط الهادئ إلى السيادة الإقليمية للجزر في بحر الصين الجنوبي لفترة طويلة، والتي تسببت في خلق توترات واضطرابات في المنطقة، وعملت الأمم المتحدة على الحد من هذه النزاعات بإقرار معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1994، التي تعد الإطار القانوني الذي وضعته الأمم المتحدة لموازنة المصالح الاقتصادية والأمنية للدول التي تطل على بحر الصين الجنوبي.
وتنص هذه المعاهدة على امتلاك الدول المطلة على بحر الصين الجنوبي، بما يعرف بـ "المنطقة الاقتصادية الخالصة"، فهي المنطقة التي تمتد لـ 200 ميل بحري من ساحل البلد، ووفقاً لقانون الأمم المتحدة للبحار، منح المنطقة الحصرية الاقتصادية حقوقاً خاصة تابعة لتلك الدول، والامتياز الحصري لها بالاستكشاف والتنقيب في المنطقة البحرية والاستفادة من مواردها البحرية، مع إتاحتها للمرور البحري للسفن الدولية.