الجزائر: التحضير لإعلان «مبادرة لمواجهة المؤامرات»
انتهى قادة عدد كبير من الأحزاب السياسية في الجزائر من صياغة وثيقة «كفيلة بجمع كل الحساسيات السياسية»، حسبهم، أطلقوا عليها «المبادرة الوطنية لتعزيز التلاحم وتأمين المستقبل». وتلقت الأوساط السياسية والإعلامية، اليوم السبت، نسخة منها للاطّلاع وإبداء الرأي فيها.
ويقود المسعى حزب «حركة البناء الوطني»، ذو المرجعية الإسلامية بقيادة عبد القادر بن قرينة، مرشح انتخابات الرئاسة 2019، ووزير السياحة سابقا، ويضم 8 أحزاب، أربعة منها يشارك في الحكومة بوزراء، وهي «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«جبهة المستقبل».
كما يضم نقابات وجمعيات من المجتمع المدني وشخصيات دينية.
وينطلق أصحاب «المبادرة»، وفق ما جاء فيها، من وجود «تهديدات ومخاطر تستهدف الجزائر في أمنها ومؤسساتها ووحدة شعبها وترابها»، ما يستوجب حسبهم، «الرفع من التأهب لمواجهتها، ووجوب التعبئة العامة من أجل النهوض بوطننا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وتأمين مستقبل أجيالنا، وتحقيق تطلعات شعبنا في كنف الوحدة والانسجام والاستقرار والتطور».
وقد التقت الأحزاب والنقابات والشخصيات المعنية، في الرابع من يونيو (حزيران) الحالي بالعاصمة كخطوة أولى، على أن يتم الإعلان عن الصيغة النهائية لـ«المبادرة»، عشية الاحتفالات بالاستقلال في الخامس من يوليو (تموز) المقبل.
ولفتت الوثيقة إلى «التوتر الحاصل في العالم، وتصادم المصالح، ما انعكس سلبا على أوضـاع الدول اقتصـاديا واجتماعيا».
والجزائر، حسبما جاء فيها، «ليسـت بمنأى عن تداعيات هذا المخاض، سـواء في فضائها الإقليمي، الذي يتسم بعدم الاستقرار، أو الدولي الذي يتسم بتزايد مستوى الاستقطاب، ما يفرض عليها التكيف مع هذا الواقع، ويضع الطبقة السياسية والنخب والقوى الوطنية كافة أمام واجب المسـؤولية التاريخية، للاضطلاع بالأدوار الأصــيلة، التي كان آباؤنا المجاهدون يؤيدونها على مدار عقود من تاريخ الجزائر المستقلة».
ويتفق مضمون «المبادرة» إلى حد كبير مع الخطاب الرسمي السائد حاليا، ومفاده أن هناك «مؤامرات وتهديدات تحوم حول البلاد، مصدرها الحدود».
ويقصد بذلك، الاضطرابات في مالي وليبيا، وحدة التوتر المتزايدة مع المغرب، وهشاشة الأوضاع في تونس بفعل صعوبة ظروفها الاقتصادية.
وتقوم «المبادرة الوطنية لتعزيز التلاحم وتأمين المستقبل» على خمسة أسس، هي «واجب تحمل المسؤولية للحفاظ على وديعة الشهداء والوفاء لتضحياتهم»، و«تمتين الجبهة الداخلية بما يكفل حماية مؤسسات الدولة والسيادة الوطنية، والتصدي بشكل موحد لكل المؤامرات»، وكذا «تعزيز الاستقرار والسكينة العامة والسلم الاجتماعي والتماسك المجتمعي، والمســــار الديمقراطي والعدالة الاجتماعية والحقوق والحريات الفردية والجماعية»، و«بث الأمل لدى المواطن وتعميق ثقته في ذاته، بخلق مناخ لغد أفضل»، و«دعم استقلال القرار الوطني عن أي تبعية أو ارتهان».
أهداف المبادرة
ومن الأهداف التي حددها أصحاب المسعى، لـ«مبادرتهم» أيضا «تعميق الحوار في القضــايا والقرارات الوطنية الهامة، لصناعة الوعي واليقظة الاستراتيجية، وبناء رؤية متكاملة لكسب رهانات الأمن القومي»، و«رفع مقترحات عملية للسلطات العليا في كل ما من شأنه دعم الجبهة الداخلية في المجالات السياسية، والاقتصادية والاجتماعية».
ودعت الوثيقة إلى «نبذ خطاب الكراهية، وحماية التعددية الحزبية باعتبارها تشكل قاعدة سياسية وطنية في إطار شراكة حزبية، تجمع مختلف مكونات الساحة السياسية لتنسيق مواقفها، وتوحيد جهودها أمام المخاطر، وتعزيز أدوار المؤسسات الدستورية».
كما تدعو إلى «إحداث تغيير في النموذج الحالي للتنمية، وترقية مناخ الاستثمار واعتماد إصـلاحات هيكلية تدريجية قائمة على الفرص، وتأخذ بعين الاعتبار سـمـات وميزات الاقتصـاد الجزائري، وتصـحح مظاهر الاختلال، لا سيما في البنية التحتية، والتفاوت الجهوي وهدر الأراضي الزراعية».