رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بسبب تفاقم الأزمة في السودان.. مشروعات الطاقة الشمسية مهددة بالانهيار

نشر
الأمصار

يعيش السودانيون وسط المعارك كثيرة وهددت هذه المعارك الكثير من المرافق والصناعات بالتوقف عن العمل، كما تفجر القتال في السودان بصورة مفاجئة هذا الشهر بين الجيش وقوات الدعم السريع، وعلى وقع الصدمة ارتبكت الحسابات واختلت الأوضاع في منطقة دارفور الصحراوية.

 قطاع الطاقة الشمسية

تأثّر قطاع الطاقة الشمسية في السودان نتيجة النزاع الدائر في البلاد، والذي حال دون تنفيذ واستكمال مشروعات ضخمة في البلد الذي كان يُعدّ للريادة في الطاقة المتجددة بالقارة السمراء.

كما كان السودان من بين 9 دول أفريقية أعلن التحالف الدولي للطاقة الشمسية -في 29 مارس/آذار الماضي- استعداده لدعمها في نشر الطاقة المتجددة بالقطاع الزراعي، لمدة عامين، وصولًا إلى عام (2025).

واحتلّ السودان المركز الخامس في قائمة الدول العربية الأكثر امتلاكًا لقدرات الكهرباء النظيفة حتى نهاية العام الماضي 2022، وفقًا لبيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا".

كما أن شركات الطاقة الشمسية في السودان تتمركز عمومًا في العاصمة الخرطوم، رغم وجود أعداد كبيرة من الشركات الناشئة، وفروع الشركات الكبيرة في مختلف المناطق داخل السودان.

وأن النزاع الحالي قد تسبَّب في خسائر هائلة بسوق الطاقة الشمسية في السودان، إذ اضطرت بعض الشركات إلى وقف أعمالها كليًا، في حين تحاول بعض الشركات الكبيرة والرائدة في هذا المجال الاستمرار بالمشروعات، بما تملكه من مكاتب وفروع في الولايات والمدن المختلفة.

سرقة المعدات الشمسية

أنّ تدهور الوضع الأمني في العاصمة الخرطوم وتوقّف خدمات وزارة الداخلية والقوات النظامية منذ بداية النزاع تسبَّب في انتشار عمليات النهب وسرقة مخازن ومكاتب شركات الطاقة الشمسية في السودان، مما أدى لخسارة الكثير من المعدّات من ألواح ومحولات وبطاريات.

ونهب أحد مخازن المعدّات الشمسية خلال الأيام الماضية من قبل اللصوص المتجولين الذين سرقوا الألواح والبطاريات، وقد دفع الاقتصاد السوداني الثمن منذ انطلاق الشرارة الأولى للمواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع:

خروج مطار الخرطوم من الخدمة مما أدى لحرمان البلاد من منفذ تجاري حيوي يسيطر على 5 بالمئة من إجمالي حجم التبادل التجاري.

15 مليار دولار قيمة إجمالي واردات وصادرات السودان

2 مليار دولار قيمة خسائر عائدات صادارت الذهب، والتي تسيطر على 50 بالمئة من إجمالي الصادرات السودانية.

توقف حركة التجارة بين الخرطوم والقاهرة والتي يقدر حجمها بحوالي 1.5 إلى 2 مليار دولار أي ما يعادل 10 بالمئة من صادرات وواردات السودان.

قطاع الكهرباء

أن النزاع الدائر في السودان قد أثّر سلبًا في مناحي الحياة كافة، من البنية التحتية والخدمات العامة وانهيار مجموعة كبيرة من المحطات وخطوط النقل الكهربائي وسقوط أعمدة الكهرباء وتمزّق الأسلاك.

وقد تسبب انهيار قطاع الكهرباء في إظلام عدد كبير من أحياء العاصمة السودانية لمدة طويلة، وتوقُّف الخدمات كافة، والمرافق الخدمات الصحية والمصرفية، نتيجة انقطاع الكهرباء وعدم توفر الغازولين لتشغيل المولدات.

توقف العمل في المشروعات الكبيرة

توقف العمل في المشروعات الكبيرة، والقريبة من مناطق الصراع والاشتباكات واستمرار العمل في المناطق الواقعة خارج الخرطوم، والبعيدة عن النزاعات، مثل ولاية شمال كردفان وغرب دارفور، ما تزال هناك صعوبة في وصول فرق الصيانة للمناطق السكنية، مما يمثّل مشكلة كبيرة، ولا سيما في ظل انقطاع التيار الكهربائي لأوقات تمتد لأيام، وقد تصل لأكثر من شهر في بعض الأحياء داخل ولاية الخرطوم.

توقف المشروعات الضخمة

إن النزاع قد تسبَّب في وقف تنفيذ أو استكمال عدد من المشروعات الضخمة، نظرًا إلى أن معظم مخازن المعدّات الشمسية التابعة للشركات يقع في مناطق الاشتباك، كما أن صعوبة الحركة والتجوال قد تُسبّب -أيضًا- توقُّف أعمال الصيانة والزيارات الميدانية والتركيب في الخرطوم، على خلاف الولايات الأخرى التي استمر فيها العمل.

وأن بعض شركات الطاقة الشمسية في السودان قد نقلت نشاطها إلى ولايات ومدن أخرى، وتمارس عملها.

تطورات الأزمة في السودان

شهدت العاصمة السودانية بعض الهدوء صباح السبت في ظل هدنة تستمر سبعة أيام أدت على ما يبدو إلى تقليل الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، غير أنها لم تقدم بعد المساعدات الإنسانية المنتظرة لملايين المحاصرين في العاصمة.

وتهدف الهدنة التي وقعها طرفا الصراع يوم الاثنين لضمان ممر آمن للمساعدات الإنسانية والتمهيد لمحادثات أوسع نطاقا برعاية الولايات المتحدة والسعودية.

واتهمت قوات الدعم السريع في بيان لها الجيش بانتهاك الهدنة وشن ضربة جوية دمرت شركة سك النقود، وكان الجيش اتهم قوات الدعم السريع أمس الجمعة باستهداف الشركة نفسها.

وفي غضون ذلك، قال الجيش إن دعوته لقوات الاحتياط أمس الجمعة هو تعبئة جزئية وإجراء دستوري، وأضاف أنه يتوقع استجابة أعداد كبيرة للدعوة.

وأدى الصراع الذي اندلع في 15 أبريل نيسان إلى مقتل 730 مدنيا على الأقل ونزوح 1.3 مليون سوداني عن ديارهم إما إلى الخارج أو إلى مناطق أكثر أمنا داخل البلاد.

ويعاني من بقوا في الخرطوم من انهيار الخدمات مثل الكهرباء والمياه وشبكات الاتصالات، بينما ينهب اللصوص المنازل، ومعظمها في الأحياء الميسورة.

وقالت الشرطة السودانية إنها توسع نطاق انتشارها واستدعت أيضا القادرين من رجالها المتقاعدين للمساعدة، وامتد القتال أيضا إلى منطقة دارفور الهشة، وجاء أكبر تأثيراته على مدينة الجنينة غربا التي تعرضت لهجمات من جماعات محلية تسببت في تدمير البنية التحتية وقتل المئات.

وقالت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل، وهي جهة حكومية، فيوقت متأخر من أمس الجمعة إنها تلقت تقارير عن 25 حالة اغتصاب لنساء وفتيات في دارفور و24 حالة في الخرطوم منذ اندلاع الصراع.

وأردفت: "تعرب الوحدة عن قلقها البالغ من ورود تقارير بوقوع حالات اعتداء جنسي جماعي وحالات اختطاف في أحياء طرفية في الخرطوم ومن تعرض النساء والفتيات لخطر الاعتداء الجنسي خلال رحلة بحثهن عن الغذاء والخدمات"، وتنفي قوات الدعم السريع تورط جنودها في الاعتداءات الجنسية أو عمليات النهب.

أزمة الخبز

أرتفعت أسعار الخبز والكثير من مكونات سلة غذاء السودانيين اليومية بنسب تراوحت بين 50 إلى 100 بالمئة، بينما ارتفع سعر الوقود وغاز الطبخ في السوق السوداء، بنسب تفوق 500 بالمئة.

وخرجت أكثر من 400 منشأة تعمل في مجال الصناعات الغذائية ومختلف المجالات الأخرى في العاصمة السودانية الخرطوم عن الخدمة تماما بعد التخريب الكبير الذي تعرضت له بسبب الفوضى المصاحبة للقتال الدائر حاليا.

ومع استمرار القتال واتساع نطاق تدمير سلاسل الإمداد تتزايد المخاوف من حدوث نقص حاد في السلع الغذائية وارتفاع أكبر في الأسعار. وفي الجانب الآخر؛ يعاني الكثير من السودانيين المعتمدين على تحويلات معيليهم العاملين في الخارج في ظل إغلاق البنوك ومحلات الصرافة وتوقف التحويلات الخارجية تماما.

وتدفع كل هذه الأوضاع المزيد من سكان العاصمة الخرطوم البالغ عددهم نحو 10 ملايين نسمة للنزوح إلى الأقاليم او البلدان المجاورة في ظل ظروف إنسانية بالغت التعقيد؛ وسط مخاوف من أن تتفاقم الأزمة أكثر في الأقاليم التي تعاني من محدودية الموارد وضعف بنية الإيواء.

وفي تحليل لوكالة رويترز، نقلت من خلاله الصورة على الأرض في ظل الصراع القائم، فقد تعرضت مصانع كبرى وبنوك ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار، ونقص في السلع الأساسية.

كان الاقتصاد السوداني يعاني في الأساس حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.