“لا تقنطوا من رحمة الله”.. يوم عرفة بداية عهد جديد مع ربنا

"لبيكَ وَإِن قست القلوب، لبيكَ وَإِن فاضت الذنوب، لبيكَ إنَّا عائِدُون، تائِبُون، نادِمُون، لبيّك إنّا مُتعبون، اجبُرنا كأننا لم نرى حُزناً قط".. هي لحظات تتجلى فيها النفوس وتخشع لبارئها الذي لا حول ولا قوة إلا به، لحظات تشعرك بالدفئ الذي لطالما بحثت عنه ولكنك لم تجده سوا في كنف الله -جل علاه-.

وها قد جاء يوم عرفة ليسحبنا من ايدينا ليعيدنا تارة أخرى لطريق الله -جل علاه-، في يوم يبوح به القلب عما يكتمه، وترفع الأيادي لعنان السماء، خاشعة طالبة الرحمة والغفران من رب غفور رحيم.

ولعل رحمة ربنا تتجلى في اختياره لأيام تذكرنا بما قد نسيناه تعمدًا أو جهلًا، فبرحمته جعل بعد شهر رمضان وعتقه فيه من النار، يأتي شهر ذي الحجة وليالي عشر أقسم بهم الله -جل علاه-، ليعطي لنا فرصة أخرى للعودة إلى الطريق القويم الذي لا يحيد.

قد نكون الأيام شغلتنا عن طاعة الله، ولكن يوم عرفة جاء ليكون بداية عهد جديد من الله، مليئ بالحرص على طاعته، والتقرب منه، والخروج من الضيق لأوسع طريق وهو طريق التوبة.

وللعودة إلى الله خطوات لابد أن تحرص على فعلها؛ لكي تكون التوبة والعودة صادقة ومتقبلة بإذن الله.

ويمكن تلخيص مطالبات التوبة في عدة نقاط، وهي:

1- الإقلاع عن الذنوب: يجب على المؤمن أن يتوقف عن المعاصي والذنوب التي ارتكبها، وأن يحاول جاهداً عدم الوقوع فيها مرة أخرى.

2- الندم والاستغفار: يجب على المؤمن أن يشعر بالندم الصادق على ما ارتكبه من ذنوب، وأن يستغفر الله تعالى بصدق وإخلاص، وأن يعد نفسه بعدم العودة إلى تلك الأفعال المعصية.

3- العمل الصالح: يجب على المؤمن أن يعمل على الاقتراب من الله تعالى بالأعمال الصالحة، وأن يحافظ على الصلاة والذكر والصوم والصدقة وغيرها من الأعمال الصالحة.

4- التوبة الحقيقية: يجب على المؤمن أن يتوب بصدق وإخلاص، وأن يكون عزمه على عدم العودة إلى تلك الأفعال المعصية، وأن يتحلى بالإرادة الصلبة في هذا الأمر.

5- الاعتراف بالذنب: يجب على المؤمن أن يعترف بذنبه بصدق وإخلاص، وأن يتحمل مسؤولية أفعاله، وأن يبادر إلى تصحيح ما أفسده.

6- الاستمرار في العمل الصالح: يجب على المؤمن أن يستمر في العمل الصالح والاقتراب من الله تعالى، وأن يحافظ على العبادات والأعمال الصالحة التي يقوم بها.

7- الدعاء والتضرع إلى الله: يجب على المؤمن أن يدعو الله تعالى بالهداية والتوفيق، وأن يتضرع إليه بصدق وإخلاص، وأن يطلب منه العون والمساعدة في تحقيق هذا الأمر.

8- الصبر والاستقامة: يجب على المؤمن أن يتحلى بالصبر والاستقامة في هذا الأمر، وأن يحافظ على العمل الصالح والاقتراب من الله تعالى، وأن يثبت على هذا الطريق رغم كل الصعاب.

وفي النهاية، علينا جميع أن نستغل هذا اليوم المبارك، في كتابة عهد جديد من علاقتنا بربنا وعلاقتنا مع أنفسنا، وأن نسير سويًا في اتجاه الهداية، وأن نترك طريق المعصية للأبد.