كيف تتعامل تونس مع ملف المهاجرين غير الشرعيين؟
كشف مسؤول بمجلس الأمن القومي بتونس في اجتماع عن تلقي المهاجرين غير الشرعيين المقيمين بشكل غير قانوني في تونس تحويلات بثلاثة مليارات دينار (نحو مليار دولار) من دول إفريقيا جنوب الصحراء خلال النصف الأول من 2023، في وقت دعت منظمات تونسية إلى الإسراع في إيواء هؤلاء المهاجرين الذين طردوا من محافظة صفاقس.
ومن جهته، قال الرئيس التونسي قيس سعيد الذي ترأس الاجتماع إن هذا الرقم صادم ويشير إلى أن تونس مستهدفة.
ويبلغ حجم التحويلات المعلن عنها المهاجرين غير الشرعيين أعلى من عائدات صناعة السياحة الحيوية في تونس خلال النصف الأول من العام والتي بلغت 2.2 مليار دينار.
وقال سعيّد "نرفض أن نكون أرض عبور أو أرض توطين"، مجدداً الاتهامات لأطراف بالداخل لم يسمِّها بمحاولة استغلال ملف المهاجرين غير الشرعيين لأغراض انتخابية، متسائلاً في الآن نفسه "كيف يشككون في الانتخابات التشريعية ويطالبون في الوقت نفسه بالانتخابات الرئاسية؟".
واعتبر سعيّد أن ما يعرف بالمهاجرين غير الشرعيين هي هجرة غير انسانية وعملية تهجير غير مألوفة تتولاها شبكات إجرامية تتاجر بالبشر وبأعضائهم وتستهدف الربح، مؤكداً أنّ "تونس دولة لن تسمح بإقامة محاكم ومحاضن أطفال (أجنبية) على أراضيها، لأن الجميع يخضع لنفس القانون التونسي".
وأضاف أن الإتجار بالبشر وأعضائهم أصبح من أكبر الأسواق العالمية للشبكات الإجرامية لافتا الانتباه إلى تسجيل تحويلات مالية طائلة نحو تونس لفائدة الأفارقة الموجودين في تونس وهو ما اعتبره دليلا على أن من يتاجرون بالبشر وبأعضائهم يستهدفون أيضا الوطن.
وأكد سعيّد أنه نبه من هذه الأفعال في الاجتماع السابق لمجلس الأمن القومي في 11 فبراير الماضي، حينما قامت الدوائر التي خططت لها في الخارج بإطلاق حملات مسعورة، مشيرا إلى أن هذه الحملات وجدت في الداخل من روج لهذه الغاية المغرضة وهذه الاتهامات الكاذبة من أجل تحقيق مآرب انتخابية.
وتابع "نحن أفارقة ونعتز بانتمائنا الإفريقي.. نجير من يلجأ إلينا.. ولكن نرفض أن نكون أرض عبور أو أرض توطين".
ورداً على الانتقادات بخصوص معاملة المهاجرين غير الشرعيين، قال سعيّد إنّ "ما قدمته تونس بالرغم من كل الصعوبات التي تعيشها أفضل وأرقى مما يجده هؤلاء المهجّرون في العديد من المناطق الأخرى، ومنها ما يقدمه الهلال الأحمر التونسي الذي يقدم أكثر من ألف وجبة طعام في اليوم، وكذلك ما تقدمه بقية أجهزة الدولة والشعب التونسي والقوات المسلحة".
وأضاف في المقابل أن المنظمات التي كان يفترض أن تقدم يد العون لم تتدخل إلا عن طريق وسائل الإعلام أو أنها تعد دون أن تفي بوعودها.
أدى وفد من الهلال الأحمر التونسي زيارة إلى عدد من المهاجرين العالقين على الحدود البرية بين تونس و ليبيا.
وأكّد رئيس المنظمة عبد اللطيف شابو في تصريح اعلامي أنه تم تقديم الاسعافات اللازمة لعدد منهم ونقل حالتين إلى مستشفى بن قردان.
وقال إنه سيتم التنسيق بين كل السلط المعنية لتمكين الراغبين طوعيا من العودة إلى بلدانهم، مضيفا أن حوالي 90 بالمائة منهم يرغبون في العودة الى بلدانهم.
وأشار شابو إلى أنه تم تقديم المواد الغذائية و مياه الشرب للمهاجرين إضافة إلى الدعم النفسي مع تمكين من يرغب منهم في الاتصال بعائلاتهم في بلدانهم.
أفادت وسائل إعلامية تونسية ومصادر بولاية مدنين في تونس، أن أكثر من 200 مهاجر افريقي من جنوب الصحراء عالقين حاليا على الحدود التونسية الليبية.
وأكدت وسائل الإعلام، أن وضعية المهاجرين غير النظاميين صعبة جدا، مبينا أن الموضوع حاليا بيد الهلال الأحمر التونسي حيث تم التدخل لتقديم الإغاثة والإعانة لهؤلاء المهاجرين.
وأشارت إلى أنه وبعد توجيه 10 مهاجرين إلى المستشفى الجهوي ببن قردان تم الإبقاء على شخص بالمستشفى فيما تم تقديم الإسعافات للبقية والسماح لهم بالمغادرة.
الرئيس التونسي ينفي وجود انتهاكات منظمة ضد المهاجرين
علق الرئيس التونسي قيس سعيد، على أزمة المهاجرين المتفاقمة في البلاد، قائلا إن "تونس ليست شقة مفروشة للبيع والايجار"، نافيا وجود انتهاكات منظمة ضدهم.
وتقطعت السبل بعدد كبير من المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في أعقاب التوتر وأعمال العنف التي شهدتها مدينة صفاقس قبل أسبوع بسبب مصادمات مع سكان محليين، وهي المدينة الأكثر استقطابا للمهاجرين غير النظاميين على أمل العبور بحرا إلى الأراضي الإيطالية.
وغادر المئات المدينة مضطرين نحو العاصمة أو مدن أخرى فيما اتهمت منظمات حقوقية من بينها هيومن رايتس ووتش، السلطات بنقل أعداد منهم قسرا على متن حافلات نحو الحدود الليبية أي تركهم لمصيرهم في العراء وسط درجات حرارة قياسية تشهدها تونس خلال هذه الفترة.
لكن الرئيس سعيد نفى اي انتهاكات منظمة ضد الأقليات المهاجرة وقال، في بيان صدر عن الرئاسة ، "قوات الأمن التونسية قامت بحماية هؤلاء الذين جاءوا إلى تونس ويريدون الاستقرار بها عكس ما يشاع".
وأضاف، في كلمة خلال لقائه رئيسة الحكومة نجلاء بودن "تونس ليست شقة مفروشة للبيع أو للإيجار وأن هؤلاء المهاجرين الذين هم في الواقع مهجرون لم يتخذوا من تونس مقصدا لهم إلا لأنه تم تعبيد الطريق أمامهم من قبل الشبكات الإجرامية التي تستهدف الدول والبشر".
وتتصدر الهجرة غير النظامية النقاشات بين تونس ودول الاتحاد الأوروبي لكبح التدفقات الكبيرة على متن قوارب عبر السواحل التونسية ولا سيما صفاقس.
وعرض الاتحاد حزمة مساعدات تفوق المليار يورو لانعاش الاقتصاد والمالية العامة لتونس مقابل جهود أكثر فعالية في منع المهاجرين من الوصول إلى الأراضي الإيطالية وتسريع عمليات الترحيل.