مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

مصادر تكشف عن زيارة مرتقبة لـ "أردوغان" إلى العراق قريبًا

نشر
أردوغان
أردوغان

كشفت مصادر عراقية رسمية، النقاب عن زيارة مُرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعراق بهدف بحث الملفات العالقة بين البلدين، وذلك على الرغم من عدم تحديد موعدها. 

 

وفي حال قام أردوغان بهذه الزيارة، فإنها ستكون الأولى له رئيسًا للجمهورية بعد آخر زيارة لرئيس تركي إلى العراق، وهو توركت أوزال، نهاية ثمانينات القرن الماضي. لكن أردوغان سبق له أن زار العراق مرتين رئيسًا للوزراء على عهد رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي عامي 2008 و2011.

وفي الوقت الذي تعد فيه المشكلة المائية بين بغداد وأنقرة مزمنة، وتعود إلى أكثر من 7 عقود، فإن العلاقات العراقية ـ التركية أخذت بُعدًا جديدًا بعد التغيير في العراق عام 2003.

قاعدة إنجرليك

رفضت تركيا استخدام قاعدة إنجرليك التركية من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها عند احتلال العراق عام 2008، لكنها تعاملت مع الملف العراقي من أكثر من زاوية على غرار التعامل الإيراني مع هذا الملف، في وقت كانت العلاقة الإيرانية الأميركية سلبية، حيث استخدم كل من الطرفين الأراضي العراقية مكاناً لتصفية الحسابات بينهما. فإن تركيا وإن استفادت من علاقتها الإيجابية مع الولايات المتحدة لكنها نأت عنها على صعيد أجندتها في العراق. وفيما بدا أن لطهران أصدقاء شيعة من الطبقة السياسية الحاكمة في العراق، فإن أنقرة لها أصدقاء سنة من الطبقة السياسية الحاكمة في العراق، فضلاً عن اتهامها بأنها هي من تتحكم بالورقة التركمانية في العراق، وكذلك الورقة الكردية عبر تعاملها مع حزب العمال الكردستاني المعارض لها عن طريق مطاردته داخل الأراضي العراقية.

لكن تركيا، التي تتهم العراق بإيواء عناصر حزب العمال الكردستاني (البككا) داخل أراضيه، أقامت قواعد عسكرية في عدد من المناطق شمال العراق، وهو ما جعل علاقتها ملتبسة مع الأكراد في إقليم كردستان، فضلاً عن علاقة أخرى ملتبسة مع أطراف شيعية ترفض ما تعده بمثابة احتلال تركي لأراضٍ عراقية.

الورقة الاقتصادية

ما يميز تركيا عن إيران التي تحتفظ بعلاقات قوية مع الطبقة السياسية العراقية كلها (شيعية ـ سنية ـ كردية) هو استخدامها الذكي للورقة الاقتصادية التي كان يفترض أن تكون ورقة ضغط بيد العراق، لكنها تحولت إلى ورقة ضغط أقوى في يد أنقرة. فبسبب الفشل المتكرر للطبقة السياسية العراقية التي حكمت البلاد بعد عام 2003 في قيام صناعة وطنية قادرة على سد الحاجة المحلية على الأقل، فقد اعتمد العراق كلياً على الصادرات التركية أولاً، والإيرانية ثانياً، فضلاً عن الصينية.

وبحساب الموازين التجارية، فإن الميزان التجاري بين العراق وتركيا هو الأول، ويبلغ أكثر من 20 مليار دولار، تليها إيران التي إن كانت علاقتها مع العراق أكبر من تركيا لجهة نفوذها السياسي فإن البضائع التركية تتصدر الأسواق العراقية بسبب جودتها بالقياس إلى الإيرانية. وفيما بلغ فشل الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003 صناعة منتوجات الألبان فإن تركيا بدأت تتنافس داخل الأسواق العراقية في هذا النوع من الصناعة، حيث ترفع بعض الأسواق العراقية عبارة «لدينا (جبن عرب) تركي».

ملف الماء

وفي هذا السياق، فإنه في الوقت الذي يمكن لإردوغان أن يناقش في بغداد مع القيادات العراقية ملفات كثيرة، سيبقى الأبرز فيها هو ملف المياه، تليه قضية حزب العمال الكردستاني. وعلى صعيد ملف المياه، فإنه كثيراً ما تدعو كثير من القوى السياسية والفكرية العراقية إلى إشهار أخطر ورقة يمكن أن يتعامل بموجبها العراق مع تركيا، وهي الورقة الاقتصادية، لكن نتيجة الفشل في عدم توفير البضائع التي تحتاج إليها السوق العراقية جعل الورقة الاقتصادية خاسرة بالنسبة للعراق، رابحة بالنسبة لتركيا.

وفيما يبدو أن هناك رهاناً بشأن إمكانية حسم ملف المياه بين العراق وتركيا أثناء زيارة إردوغان المرتقبة إلى بغداد، فإن هذا الملف يعود إلى عقود طويلة من الخلاف المستمر بسبب غموض القانون الدولي. وطبقاً لأوساط عراقية كثيرة، فإن هذا التفاؤل بشأن ما يمكن أن يقدمه إردوغان من حلول لهذه الأزمة لا يستند إلى أرضية واضحة.

الحقب السابقة

وفي الوقت الذي كانت المياه في أفضل أوضاعها، سواء في العراق أو تركيا خلال الحقب السابقة، حيث كان العراق يطالب بحصته طبقاً للقانون الدولي، كانت تركيا ترفض ذلك. وكان يحصل ذلك في الوقت الذي لم يكن يعرف أحد الجفاف أو التغير المناخي. فالعراق الذي كان يرفض التجاوز على حصته المائية كانت المياه التي يحصل عليها تذهب معظمها إلى شط العرب فالخليج العربي. لكنه خلال العقدين الماضيين بدأت بوادر التغير المناخي تلقي بظلالها على تركيا التي بدأت تقل مناسيب الأمطار فيها، وراحت تقيم مزيداً من السدود التي أدت إلى حرمان العراق وسوريا من غالبية حصصهم المائية.

في الجانب الآخر، فعلت إيران الشيء نفسه حين قطعت المياه عن العراق من نحو أكثر من 70 نهراً وممراً مائياً، والحجة نفسها هي الجفاف والتغير المناخي. المهم في الأمر أن إردوغان قبيل وصوله إلى بغداد سوف يرى من طائرته الخاصة منظر نهر دجلة الذي سيمر عليه قبيل هبوطه في مطار بغداد الدولي، وهو في أدنى حالاته. وقد يجد شباناً يعبرونه مشياً على الأقدام في بعض المناطق.