من هم وما أغرب عاداتهم؟.. اليوم العالمي للسكان الأصليين
يحتفل العالم في التاسع من أغسطس من كل عام باليوم العالمي للسكان الأصليين، في محاولة لتأكيد حقوق تلك الشعوب، والشعوب الأصلية هي جماعات اجتماعية وثقافية متميزة تتشارك في روابط جماعية متوارثة عن الأجداد بالأراضي والموارد الطبيعية التي تعيش عليها أو التي نزحت منها وغالبا ما تكون لديها زعامات أو تنظيمات عرفية تمثلها.
من هم السكان الأصليين؟
تم تعريف السكان الأصليين بأنهم الشعوب أو المجتمعات التي تعيش في منطقة معينة منذ زمن بعيد قبل وصول المستوطنين الأجانب إلى تلك المنطقة ويطلق عليهم ألقابا مختلفة حول العالم، مثل الهنود الحمر، الأبوريجين، الإنويت، البشتون، وغيرها.
وتتميز هذه الشعوب بالترابط العميق مع التاريخ والتراث الذي يمتد لآلاف السنين. بالإضافة لمجموعة متنوعة من الثقافات واللغات والنمط الحياتي، ويمثلون تراثًا ثقافيًا غنيًا في العديد من البلدان حول العالم وحتى الآن ليس لهم تعريف رسمي من قبل الأمم المتحدة بسبب اختلاف الهويات والتاريخ.
متى تم اعتماد اليوم العالمي؟
وتأكيدا لحقوق تلك الشعوب ولإحياء ذكرى تاريخهم والتأكيد على وجودهم كقوى هامة ومحركة، بدأ الاهتمام بقضية السكان الأصليين على نطاق دولي منذ عام 1982، مع انعقاد أول اجتماع لفريق عمل الأمم المتحدة المعنى بالسكان الأصليين التابع للجنة الفرعية، لدعم وحماية حقوق الإنسان.
وفي 23 ديسمبر 1994 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 9 أغسطس يومًا عالميًا للسكان الأصليين، وأدرك العالم المخاطر التى يتعرض لها هؤلاء السكان، وأصبح هناك تمثيل للسكان الأصليين ومصالحهم فى الأمم المتحدة، من خلال آليات مجموعة عمل السكان الأصليين (WGIP).
وفي أبريل 2000 قررت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنشاء منتدى الأمم المتحدة الدائم المعنى بقضايا السكان الأصليين (PFII) مع قرار إلزامى بمراجعة مشكلات السكان الأصليين.
وفي عام 2007 أصدرت الأمم المتحدة "إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية" بهدف المساعدة فى القضاء على ما يتعرضون له من انتهاكات لحقوق الإنسان. وخلق هذا الإعلان إطارا من القوانين، التى تؤكد معالجة القضايا الخاصة بالشعوب الأصلية، من خلال العمل المباشر مع مجتمعاتهم. وتضمن الإعلان 46 مادة، أبرزها أن السكان الأصليين وأبناءهم أحرار ومتساوون مع سائر الشعوب والأفراد، ولهم الحق فى ألا يتعرضوا لأى نوع من أنواع التمييز فى ممارسة حقوقهم، لاسيما التمييز استنادا إلى منشئهم الأصلى أو هويتهم الأصلية.
وهناك العديد من مبادرات المجتمع المدنى ومنظمات السكان الأصليين وغير الأصليين، التى ترتكز رؤيتها التأسيسية على حماية الحقوق الأصلية، ومن بينها حقوق الأراضي، ومراعاة أن كل جماعة من السكان الأصليين لها ثقافة مميزة، وأن جذور المشكلة تكمن فى التدخل فى أسلوب حياتهم، من خلال عدم احترام الدول لحقوقهم، وكذلك اجتياح الشركات المتعددة الجنسيات والشركات الصغيرة للأراضى الموروثة لهم، لاستغلال الموارد الطبيعية بها.
أعداد السكان الأصليين
يقدر عدد السكان الأصليين بنحو 476 مليون فرد في العالم يعيشون في 90 دولة ويشكلون 6% من سكان العالم وتتحدث الغالبية العظمى 4000 لغة من لغات العالم ويمثلون 5000 ثقافة وجماعة مختلفة.
تعيش الشعوب الأصلية على ربع مساحة سطح الأرض وتحافظ على 80% من التنوع البيولوجي المتبقي في العالم حيث يوجد أكثر من 20% من الكربون المخزن فوق سطح الأرض في غابات العالم التي تديرها الشعوب الأصلية في حوض الأمازون وأمريكا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإندونيسيا وكشفت الدراسات الحديثة أن أراضي الغابات الخاضعة للإشراف الجماعي للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية.
المشاكل التي تواجه السكان الأصليين
وتمثل مشكلة الأراضى أبرز المشاكل التى يواجهها السكان الأصليون، وذلك لعدم اعتراف حكومات كثيرة سوى بجزء صغير من هذه الأراضى على أنها مملوكة رسميا أو قانونيا لتلك الشعوب، على اعتبار أنها ملكية عرفية، ولذلك فإن انعدام الأمن فى حيازة الأراضي، يعد أحد الأسباب الرئيسية للصراعات، والتدهور البيئي، وضعف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يمثل خطرا على استمرارية تلك الشعوب وهويتها.
وهناك مناطق عدة تشهد فجوات واسعة بين الالتزامات المتعلقة بحقوق الانسان، والواقع الذى تواجهه تلك الشعوب. وعلى الرغم من وجود إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق السكان الأصليين، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 169 بشأن الشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة، فإن هذه الشعوب تعد الأكثر فقرا، وتعانى الإقصاء والتمييز، لذلك لابد من وضع خريطة طريق عملية تؤدى إلى اتخاذ إجراءات أقوى تعزز حقوق تلك الشعوب وتحميها، ووضع أهداف للتنمية المستدامة تعكس حقوقها، وعقد شراكات وثيقة مع تلك الشعوب ومع حكومات البلاد التى تضم فى أراضيها سكانا أصليين.
وقد أعيد طرح قضية معاناة السكان الأصليين على نطاق واسع فى 24 يونيو الماضى، إثر فضيحة مقاطعة ساسكاتشيوان الكندية، حيث تم العثور على أكثر من 750 قبرا فى عمليات تنقيب داخل موقع مدرسة داخلية سابقة للسكان الأصليين. وكشفت الفضيحة عن أنه مابين عامي 1890 و1969 أدخل نحو 150 ألف طفل من السكان الأصليين قسرا إلى 139 مدرسة داخلية، وأبعدوا عن ذويهم بالقوة، وتعرض كثير منهم لإساءات واستغلال جنسي، مما تسبب فى وفاة أكثر من أربعة آلاف منهم فى تلك المؤسسات. وهوما أثار استياء وغضبا دوليا شديدا، أعقبه تولى مارى سيمون أول كندية من السكان الأصليين منصب الحاكم العام والممثل الرسمى للملكة إليزابيث الثانية، فى خطوة وصفها رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بالتاريخية منذ 154 عاما.
ويأتى احتفال الاتحاد الأوروبي باليوم العالمي للسكان الأصليين في العالم، مؤكدا دعمه جهود الأمم المتحدة في الدعوة إلى عقد اجتماعي جديد "لا يتخلف فيه أحد عن الركب". ونشر الاتحاد الأوروبى بيانا على موقعه الرسمى، نبه فيه إلى زيادة استبعاد الشعوب الأصلية من عملية صنع القرار، وتزايد الاضطهاد والعنف ضد المدافعين عن حقوق الإنسان من السكان الأصليين. كما تعرض البيان لمشكلة التوسع فى الاستيلاء على أراضيهم، التى ترتبط بها ثقافاتهم ولغتهم وروحانياتهم، مما يستلزم احترام علاقتهم بالطبيعة والأراضى التى يعيشون فيها، خاصة أنها تسهم فى حماية نحو 80٪ من التنوع البيولوجى على مستوى العالم. ولذلك يحرص الاتحاد الأوروبى على تمويل عدد من المشاريع فى إطار الأداة الأوروبية للديمقراطية وحقوق الإنسان. وفى العام الماضى زاد من إسهامه فى برنامج "ملاحة السكان الأصليين" Indigenous Navigator، وهو نظام مفتوح المصدر ومجتمعى لجمع البيانات وأداة لرسم الخرائط بشأن تعداد وأماكن وجود السكان الأصليين.
وأكد البيان التزام الاتحاد الأوروبي ببناء وإعادة تصميم عقد اجتماعي جديد، من خلال تعاف عادل بعد انتشار الوباء فى كل مكان، حيث أثر فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" بالفعل على السكان الأصليين فى العالم، وشكل ضغطا على حقوقهم فى الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والأراضي والموارد الطبيعية، كما فاقم من معاناتهم من التهميش الاقتصادي والتمييز.
قبائل السكان الأصليين
-قبيلة الكاهويلا: تعيش في الولايات المتحدة، جنوب ولاية كاليفورنيا قرب نهر يحمل نفس الاسم ويعتبر أبناء الكاهويلا هذه المنطقة أرضهم الأصلية باعتبار أن أجدادهم استقروا فيها قبل حوالي ثلاثة آلاف عام.
-قبيلة النانتيس: تعيش في غابات الأمازون وهم من أقدم سكان المنطقة، ويعيشون في مجموعات صغيرة ويتنقلون باستمرار في الغابات بحثا عن أماكن أفضل للصيد والزراعة، ويعتقدون أن جميع الكائنات الموجودة في الغابة من نبات وطير وحيوان تمتلك أرواحا ويمكن التواصل معها عن طريق "الشامان".
-قبيلة الكيلاش: تعيش في المرتفعات الجليدية الشمالية من باكستان، ويعتقد أنها من نسل الإسكندر المقدوني أو أحفاد جنود جيشه وهم مختلفون تماماً عن باقي سكان باكستان في طريقة تفكيرهم وأشكالهم ومعتقداتهم.
-قبيلة الاندامن: تعيش بين الهند وتايلاند، وهي واحدة من الشعوب التي لا يعرف عنها الكثير لأنهم لا يخرجون من الغابات ولا يسمحون للغرباء بالوصول إليهم وتستقبل كل من يحاول زيارتها بوابل من السهام، ويعتقد أن أهل هذه القبيلة يعيشون على الصيد وتناول جمع النباتات البرية، وليس هناك أي آثار لزراعة أو صناعة لديهم.
-قبيلة الدوخا: تعيش فيما تسمى اليوم بدولة منغوليا وهم من السكان الأصليين لها، وأجداد هذه القبيلة ينتمون إلى سلالة التانغ، والمعروفة باسم "تساتان" المتجولة بين المراعي، والحياة الأساسية لأغلب أبناء هذه القبيلة تتمحور حول التنقل وتربية حيوان الرنة وتعد إحدى القبائل النادرة في العالم.