وليد الزبيدي يكتب: أصداف.. الجوع يطرق الأبواب
هل يتمكَّن الجوع من عدد كبير من البَشر؟ وهل ثمَّة مخاوف حقيقيَّة من هيمنة مشكلة الجوع، بالمقابل فقَدْ فشلت السياسات الدوليَّة للحدِّ من هذه الآفة وما هو مفروغ مِنه احتمال استفحالها؟
في ضوء المتغيِّرات الكثيرة التي يعيشها العالَم تؤكِّد الإحصائيَّات الصادرة من المنظَّمات العالميَّة وفي مقدِّمتها منظَّمة الأُمم المُتَّحدة، أنَّ البَشَريَّة تعيش ثنائيَّة ازدياد البَشَريَّة وقَدْ تجاوز عدد نفوس العالَم الثمانية مليارات نسمة منذ أواخر العام 2022، يقابل ذلك ازدياد أعداد الجوعى في العالَم، بدرجات تتفاوت بَيْنَ الذين يهدِّد الجوع حياتهم والذين تطحنهم الأمراض بسبب سوء التغذية والذين يكدُّون ساعات طويلة دُونَ أن يتمكَّنوا من توفير سدِّ الرمق لهم وعوائلهم.
وتقول الأُمم المُتَّحدة في تقاريرها إنَّ أكثر من 828 مليون جائع قَدْ تمَّ رصدهم في العام 2021، وهذا يعني أنَّ ثمانية أشخاص من كُلِّ مئة شخص قَدْ وقعوا تحت أثقال الجوع، ورغم أنَّ العام 2021 لَمْ يكُنْ عامًا ورديًّا على هذا الصعيد حيث ألقى بظلال قاتمة على البَشَريَّة بسبب تداعيات وارتدادات جائحة كورونا، وفقَدَ الملايين من الناس وظائفهم بصورة نهائيَّة وتوقَّفت مصالح وأعمال الملايين أيضًا وتدنَّت موارد الملايين إلى نسب متدنية بسبب توقُّف الكثير من المصانع والشركات الكبيرة والصغيرة، ورغم الانفراجات التي حصلت منذ أواخر العام 2021 إلَّا أنَّها لَمْ تفلح في إيجاد حلول جوهريَّة لتلك الكارثة الكبيرة التي عصفت بالبَشَريَّة جمعاء، وعلى الطرف الآخر، وبَيْنَما ضربت الكارثة المفصل الرئيسي في سُوق العمل لِمَا يقرب من سنتيْنِ، فإنَّ كارثة لا تقلُّ خطورة قَدْ نشبت وضربت هذه المرَّة سُوق الغذاء، وقَبل أن تندملَ جراح كورونا اشتعلت المواجهة الروسيَّة الأوكرانيَّة، وسرعان ما برزت أزمتان متلازمتان؛ أزمة الطَّاقة حيث اصطدم العالَم أجمع وتحديدًا الدوَل الأوروبيَّة بالخوف حدَّ الهلع من نقص الطَّاقة بسبب المواجهة التي اندلعت وما زال شتاء العام 2022 على أشدِّه (اندلعت المواجهة في فبراير – شباط 2022)، وفي ظلِّ تلك الظروف فقَدِ ارتجف الفقراء من قسوة البرد وازدادت التحذيرات من القادم الأسوأ.
الأزمة الثانية ارتبطت بقضيَّة الجوع بصورة مباشرة، فقَدْ شهدت سُوق الغذاء ارتفاعًا غير مسبوق بسبب المواجهة التي اندلعت على أراضٍ متخصِّصة بإنتاج نسبة كبيرة من الغذاء في العالَم (روسيا وأوكرانيا)، وأصبحت عيون الناس تراقب بخوف مؤشِّرات ارتفاع أسعار المواد الغذائيَّة كلَّما ازدادت الهجمات أو اشتدَّت الخلافات أو حصلت تهديدات للمنافذ البحريَّة التي يتمُّ من خلالها تصدير المواد الغذائيَّة.
وبسبب ضبابيَّة النوافذ الخاصَّة بهذه المواجهة وعدم وجود حلول عمليَّة لتداعيات حرب كورونا، فليس ثمَّة مؤشِّرات تذهب صوب القدرة على إيقاف مسلسل الجوع أو تقليصه، وحتى قراءات خبراء الأُمم المُتَّحدة تذهب باتِّجاه زيادة تلك الملايين من الجوعى خلال السنوات القليلة المقبلة.
هذا المقال منقول عن صحيفة الوطن العمانية