سارة علام تكتب: التجربة الروحية بين الإسلام والمسيحية
في ظني إن التجربة الروحية في الإسلام تختلف عن نظيرتها في المسيحية بالشكل الذي يتسق مع البنية العامة والفلسفة الحاكمة لكل دين ومن هنا يمكن أن نتأمل طبيعة المعجزة ومفهومها في المسيحية والإسلام بطريقة تتوازى مع فلسفة الدين.
إن مفهوم المعجزة في الإسلام قد انتقل من المعجزات الحسية الميتافيزيقية مثل شفاء المرضى وإقامة الموتى لمعجزات ذات نمط مختلف كأن يتم اعتبار القرآن معجزة نصية في حد ذاتها تتناسب مع بيئة الصحراء حيث الشعر لسان العرب فيلعب الإعجاز النصي هنا كآلية تمنح هذا الدين تمايزًا وخصوصية تمامًا كما كانت المعجزات الحسية في حياة المسيح كما أرجح
في النص القرآني المفتوح هذا تجليات وطبقات تتسع لتجارب روحية وفلسفية أفقية فتفتح أبوابًا للحديث عن ظاهر النص وباطنه ومع اشتداد عود الدولة الإسلامية تظهر علوم الإسلام وفرقًا إسلامية كالمعتزلة والأشاعرة تناقش النص وبنيته ومفاهيمه واتسعت التجارب الروحية ليأتي التصوف الإسلامي كزاوية نظر جديدة لهذا النص المحمل بالدلالات المفتوحة فيأخذ الروح معه بعيدًا لمناطق جديدة في العلاقة بين العبد وربه وفي رؤية هذا العبد للحياة بشكل عام.
النص كمعجزة
بينما وكما يبدو إن النص كمعجزة لم يكن كافيًا لإقناع بعض التيارات الإسلامية التي أرادت أن تقفز على فكرة النص المعجز لتذهب به بعيدًا كنص علمي فظهر ما يسميه نصر حامد أبو زيد "أسلمة العلوم" في محاولة لاستنباط حقائق علمية من النص القرآني الذي يتسم بالمجازية والبلاغة اللغوية والسردية الحكائية في مناطق كثيرة
أجادل إن كل هذه الأسباب تجعل تصديق المعجزة الحسية التي يرويها المسيحي عصية على الفهم الإسلامي الذي لم يعتاد هذا النمط الميتافيزيقي من المعجزات مع الأخذ في الاعتبار فرضية إن زمن النبوة قد ذهب بوفاة محمد صلى الله عليه وسلم فانغلق باب المعجزات للأبد إلا ما يمر به المؤمن من تجارب روحية يومية في علاقته مع الله.