يلتقي الرئاسات الثلاثة.. وزير الخارجية التركي بالعراق في زيارة تستمر ليومين
تجمع العراق وتركيا علاقات وثيقة تعود إلى عمق التاريخ حيث العهد العثماني، أذ تجمع كلا البلدين العديد من الروابط الثقافية والاقتصادية والدينية وحتى العرقية حيث التداخل بين مختلف القوميات الكردية وحتى التركمانية، وأتسمت العلاقات بين العراق وتركيا بالتطور في مختلف الحقب التاريخية.
وزير الخارجية التركي يزور بغداد اليوم
يصل وزير الخارجيَّة التركي هاكان فيدان، الثلاثاء، إلى العاصمة العراقية بغداد في زيارة رسميَّة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية احمد الصحاف في بيان، إن "وزير الخارجية التركي يصل الى بغداد في زيارة رسمية تستغرق يومين، يلتقي خلالها الرئاسات الثلاث، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة فؤاد حسين".
وفي نفس اليوم، بحث وزير النفط في العراق حيان عبد الغني، مع وزير الطاقة والموارد الطبيعية في تركيا ألب أرسلان بيرقدار، العلاقات الثنائية بقطاع النفط والطاقة.
وذكر بيان للوزارة، أن"وزير النفط حيان عبد الغني، استقبل وزير الطاقة والموارد الطبيعية في الجمهورية التركية ألب أرسلان بيرقدار" .
وأضاف أنه"جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية في قطاع النفط والطاقة وسبل تعزيز مجالات التعاون المشترك".
العلاقات العراقية التركية
لم تكن العلاقات العراقية التركية السياسية حسنة في عهد نظام صدام حسين وذلك لوجود مشاكل ترتبط أساساً بالعلاقات التركية المميزة مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة إلى العلاقات المائية، فالمعروف أن دجلة والفرات ينبعان من تركيا، والموقف التركي من هذين النهرين يتناقض مع الموقف القانوني الدولي.
وفي 15 يونيو 2020، أطلقت تركيا عملية جوية باسم مخلب النسر زعمت أنها تستهدف من خلالها مواقع حزب العمال الكردستاني داخل أراضي إقليم كردستان العراق، وبعد يومين بدأت حملة برية باسم مخلب النمر في منطقة حفتانين في دهوك، وما زالت العمليات متواصلة. وتزعم تركيا أن الهدف من تحركها العسكري هو الرد على هجمات شنها أو خطط لها عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تحاربه تركيا على مدار أكثر من 3 عقود داخل البلاد وخارجها.
وتوترت العلاقة بين أنقرة وبغداد، من جراء هذه العمليات العسكرية التركية، شمالي العراق، تحت ذريعة التصدي للمسلحين الأكراد. وأسفرت عمليات القصف التركي المستمرة، عن خسائر كبيرة طال ممتلكات ومنازل المدنيين، كما أدت إلى تهجير أعداد كبيرة من سكان القرى الواقعة ضمن الإقليم العراقي. لكن ما تسعى إليه تركيا، بحسب متابعين، هو تعزيز النفوذ وتثبيت القوات على الشريط الحدودي بين البلدين، رغم تحذيرات دولية ودعوات إلى ضبط النفس.
وفي 11 أغسطس 2020، أعلن الجيش العراقي عن مقتل ضابطين بقوات حرس الحدود فيبقصف جوي، شنته طائرة تركية مسيرة، عن طريق الخطأ لسيارات تابعة للمؤسسة العسكرية، قرب بلدة سيدكان، شمال شرقي أربيل.
وأضاف أن الهجوم استهدف "عجلة عسكرية لحرس الحدود في منطقة سيدكان، وأسفر عن مقتل آمر اللواء الثاني حرس الحدود المنطقة الأولى وآمر الفوج الثالث اللواء الثاني وسائق العجلة". كانت المسيرة التركية قد استهدفت قادة حرس الحدود العراقي فيما كانوا يعقدون اجتماعاً مع مقاتلين من حزب العمال الكردستاني المناهض لتركيا.
وأعلنت الخارجية العراقية، إدنتها للقصف التركي على أراضيها، كما أعلنت إلغاء زيارة وزير الدفاع التركي إلى العراق المقررة، 12 أغسطس، واستدعاء السفير التركي، وتسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة، وإبلاغه برفض البلاد المُؤكّد لما تقوم به تركيا من اعتداءات وانتهاكات.
التبادل التجاري بين العراق وتركيا
بلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا أكثر من 15 مليار دولار خلال العام الماضي 2022 حسب موقع trade map الذي يوفر خريطة التجارة للدول للصادرات والواردات والطلب الدولي والأسواق البديلة والأسواق التنافسية.
وذكر الموقع في احصائية نشرها على موقعه؛ ان "التبادل التجاري بين العراق وتركيا بلغ 15.172.268 دولارا، كانت أبرز المستوردات الأحجار الكريمة والوقود المعدني".
وأضاف أن "العراق استورد من تركيا خلال العام الماضي 101 مادة من السلع بقيمة بلغت 13.744.082 دولار"، مبينا ان "استيرادات العراق شملت الاحجار الكريمة والمعادن الثمينة 1.719 مليار دولار، تليها البلاستيك ومصنوعاتها بقيمة مالية بلغت 682 مليون دولار، تليها الحبوب والدقيق 667.5 مليون دولار، تليها الدهون والزيوت بقيمة بلغت 662 مليون دولار، واللحوم الصالحة للأكل بقيمة بلغت 650 مليون دولار".
كما اشارت الإحصائية الى ان تركيا استوردت من العراق بقيمة 1.428.186 دولارا". وأوضحت أن، استيراد تركيا شمل الوقود المعدني والزيوت بمقدار 822 مليون دولار، تليها النحاس ومصنوعاته بقيمة 72 مليون دولار، تليها عجائن من الخشب أو من مواد ليفية سليلوزية أخرى الورق المستعاد (النفايات والخردة) بقيمة 67 مليون دولار، تليها الألمنيوم ومصنوعاته بقيمة 32 مليون دولار.
العلاقات الاقتصادية
وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو ورئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، أثناء زيارة أوغلو للعراق، 10 أكتوبر 2018.
على الصعيد الاقتصادي، إذ يرتبط البلدان بعلاقات تجارية واسعة النطاق تأخذ شكل استيراد العراق للبضائع التركية بكميات كبيرة، بما جعل نقطة العبور بين البلدين من أهم المناطق التجارية التي تشهد حركة دخول الشاحنات التركية الى العراق بشكل يومي وكبير، وبالمقابل فأن العراق يصدر نفطه المستخرج من كركوك عبر أنبوب النفط الذي يمر بالاراضي التركية وصولاً الى ميناء جيهان حيث يصدر الى انحاء العالم، ومع زيادة قدرة العراق على التصدير وضرورة فتح منافذ جديدة ،فقد تقرر فتح خط أنبوب نفطي آخر وأنبوب نقل الغاز عبر تركيا ليكون عاملاً من عوامل توثيق الروابط الاقتصادية بين البلدين الجارين وبما يعود بالمنفعة المشتركة عليهما.
وفي 11 أكتوبر 2018، زار وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو العراق وصرح: "تركيا ستزيد الإطلاقات المائية المتجهة إلى العراق استجابة لطلب رئيس البرلمان الحلبوسي!"
تصدير النفط والتحكيم
وفي 25 مارس 2023 ذكر مسؤولون في قطاع النفط العراقي، أن العراق كسب قضية تحكيم ضد تركيا في صراع مستمر منذ فترة طويلة بشأن صادرات النفط من إقليم كردستان العراق وقال مسؤول نفطي عراقي كبير إن تركيا أبلغت العراق بأنها ستحترم قرار التحكيم.
وعلق العراق صادرات النفط الخام من إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي ومن حقول شمال كركوك، بعد إعلان قرار محكمة التحكيم لصالح بغداد.
وبحسب وثيقة اطلعت عليها رويترز، فإن مسؤولي شحن أتراك أبلغوا الموظفين العراقيين في مركز تصدير النفط بميناء جيهان التركي بأنه لن يُسمح لأي سفينة بتحميل شحنات من النفط الخام الكردي بدون موافقة من الحكومة العراقية. وأظهرت وثيقة أخرى أن تركيا قامت تبعاً لذلك بوقف ضخ النفط الخام العراقي من خط الأنابيب الذي يؤدي إلى ميناء جيهان.
الموارد المائية
شهد ملف الموارد المائية بين العراق وتركيا تقلبات وأزمات تمثلت في بناء تركيا لسدود ومشاريع على منابع نهري دجلة والفرات في داخل أراضيها، ما أدى الى نقص شديد في كميات المياه الداخلة الى العراق وانعكاس ذلك سلبياً على الزراعة والري والسقي، وزيادة مساحات التصحر والملوحة وانعدام الزراعة في مناطق كبيرة ما جعل القطاع الزراعي يعاني من نقص كبير في الانتاج والاضطرار الى استيراد أكثر احتياجات العراق الزراعية من الخارج. ولاشك أن هذا الوضع لايمكن القبول به لما يمثله من مخاطر حقيقية على الواقع الزراعي والمعيشي في العراق، وذلك يستدعي اتفاقاً منصفاً مع الجانب التركي يؤمن حصة مناسبة للعراق من مياه النهرين ويجنبه مواجهة مواقف مماثلة في المستقبل. صحيح ان على الحكومة العراقية اتخاذ اجراءات عملية من جانبها لأقامة السدود الصغيرة واستثمار المياه في موسم الوفرة ، ولكن أي أتفاق مع تركيا سيضع الامور في نصابها ويرتب التزامات تدخل ضمن المصالح المتبادلة ومباديء حسن الجوار.
وفي 25 مايو 2011 رفضت الحكومة العراقية التوقيع على اتفاقية القتصادية مع تركيا حتى تضمن لها حصة مائية محددة حسب اتفاق رسمي. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ إن “تركيا لا تزال ترفض توقيع اتفاقية تزود بها العراق بنسب محددة”. وأضاف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الزراعة عز الدين الدولة “لا نزال نستعمل كل علاقتنا مع تركيا في موضوع ضمان حصتنا المائية” وكان العراق اتهم العام الماضي تركيا وإيران بمواصلة حجب المياه عن نهري دجلة والفرات رغم هطول الأمطار والثلوج في كلا البلدين.