كواليس وأسرار القبض على قيادات حزب النهضة الإخواني
ألقت السلطات التونسية، القبض على اثنين من أبرز قادة حزب النهضة الإخواني، في أحدث سلسلة القبض على قيادات الجزب الإخواني في تونس.
وقال الحزب الإخواني إن الشرطة ألقت القبض على رئيس حزب النهضة الإخواني المؤقت منذر الونيسي، وتلاه بعد دقائق عبد الكريم الهاروني الذي وضع هذا الأسبوع قيد الإقامة الجبرية.
يأتي اعتقال الونيسي رئيس حزب النهضة الإخواني بعد نشر تسجيلات صوتية على وسائل التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع منسوبة إليه اتهم فيها بعض مسؤولين في حزبه بالسعي للسيطرة على الحزب وبتلقي تمويلات غير مشروعة.
وفتحت النيابة العامة الاثنين تحقيقا في التسجيلات. وقال الونيسي في مقطع فيديو على صفحته على فيسبوك إن التسجيلات مفبركة.
ويرأس الهاروني مجلس شورى حزب النهضة الإخواني الهيئة الأعلى في الحزب الذي كان أكبر حزب سياسي في البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد في 2021.
وألقت الشرطة القبض شهر أبريل/ نيسان على زعيم الحزب راشد الغنوشي، أبرز منتقدي سعيد، فضلا عن عدد من مسؤولي الحزب الآخرين.
كما حظرت الحكومة الاجتماعات في جميع مكاتب الحزب وأغلقت الشرطة جميع مقراته، في خطوة قال الحزب إنها تهدف لتكريس حكم دكتاتوري.
واعتقلت الشرطة هذا العام شخصيات سياسية بارزة اتهمت سعيد، بعد أن علق البرلمان المنتخب واتجه نحو الحكم بمراسيم قبل إعادة صياغة الدستور. ووصف سعيد من هؤلاء بأنهم "إرهابيون وخونة ومجرمون".
والغنوشي يقبع في السجن منذ أشهر على ذمة عديد من القضايا، مما جعله يفوض صلاحياته موقتاً إلى الونيسي الذي أطلق سلسلة من التصريحات اللافتة التي لم تخل من رسائل مهادنة إلى السلطة التي دخلت في مواجهة قوية منذ أشهر مع "النهضة"، إذ سجنت قيادات بارزة منها على غرار رئيسي الحكومة السابقين علي العريض وحمادي الجبالي ووزير العدل السابق والنائب في البرلمان السابق نور الدين البحيري.
وتسريبات الونيسي التي نفى صحتها، لكن الصحافية التي كانت بصدد التحدث إليه خلالها أكدت أنها حقيقية وقامت بنشرها كاملة عبر حسابها على ''فيسبوك"، جاءت بعد أيام من سلسلة حوارات أجراها لونيسي مع وكالة الأنباء الألمانية وغيرها من الوكالات، بعث خلالها برسائل تهدئة مع السلطة بقيادة الرئيس قيس سعيد، إذ دعاها إلى الحوار قبل أيام من مؤتمر الحزب.
تسريبات خطرة ودعاوى قضائية
التسريبات التي نشرت على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي تأتي مع استمرار القطيعة بين "حزب النهضة الإخواني" والرئيس قيس سعيد الذي يقود منذ الـ25 من يوليو (تموز) 2021 مساراً سياسياً انتقالياً مثيراً للجدل، غير خلاله الدستور وأعاد البلاد إلى نظام الحكم الرئاسي القوي وغيرها من الإجراءات.
وخلال التسريب قال الونيسي رئيس حزب النهضة الإخواني إن "هناك من يريد أن يتحكم في حركة النهضة من وراء قضبان السجن، فالغنوشي عندما عينني في منصب رئاسة الحزب يعرف جيداً من أنا، لكن موازين القوى داخل الحركة مختلفة جداً الآن".
وأردف رئيس "النهضة" بالإنابة بحسب التسريبات التي تعود لمحادثة بينه وبين صحافية مقيمة خارج تونس أن "الأشخاص الذين يقفون وراء راشد الغنوشي الذين يتحكمون الآن في الحركة، حسموا أمر القيادة الداخلية للحزب، بعضهم يرى أن الحركة ملك عائلي ومعاذ الغنوشي (نجل الغنوشي) وراء كل ذلك، لقد تفطنت لكثير منذ إمساكي برئاسة الحزب، ولو كشفت عن ذلك باكراً لما قبلت بقيادته لكني سأقوم بتنظيفه، سأنظف حركة النهضة لأن بعضاً منهم يعتاش منها وآخرون يتلقون أموالاً من الخارج".
ويسود ترقب داخل الدوائر المقربة من "حركة النهضة" لما سيسفر عنه المؤتمر الـ11 للحزب الذي أرجئ في عديد من المناسبات، وهو مؤتمر من المتوقع أن ينظم في الأشهر المقبلة وسط ملاحقات قضائية مستمرة ضد قياداتها.
وتوالت ردود الفعل أمس الإثنين تجاه هذه التسريبات، خصوصاً أن الصحافية التي أجرت الحوار مع الونيسي أكدت صحتها قبل أن تقوم هي بنفسها بنشر مقتطفات مثيرة له وهو يتحدث عن علاقته ببعض رجال الأعمال، أبرزهم رئيس نادي النجم الساحلي وقطب الإعلام عثمان جنيح، الذي كسر صمته في فيديو بثته صفحة النادي عبر "فيسبوك" متعهداً بتحريك دعوى قضائية ضد لونيسي.
من جهته قال القيادي في "حركة النهضة" بلقاسم حسن أن "محتوى التسريبات خطر جداً، ومجلس شورى حركة النهضة الذي انعقد في وقت سابق أعلن رفع دعاوى قضائية من أجل الكشف عن الحقيقة".
وأوضح حسن أن "الونيسي ينكر صحة هذه التسريبات ونحن نصدقه ونثق فيه، لكنه بذلك أصبح معنياً هو الآخر برفع دعاوى قضائية إذا كانت فعلاً هذه التسريبات مزورة أو مفبركة".