ناغورني كاراباخ.. الصراع الممتد منذ 100 عام
قصة الحرب في إقليم ناغورني كاراباخ
تقدر مساحة ناغورني كاراباخ بنحو 4400 كيلو متر مربع، تأسست جمهورية أذربيجان الديموقراطية وجمهورية أرمينيا عام 1918، وكان إقليم كاراباخ تابعا لجمهورية أذربيجان الديموقراطية آنذاك.
وفي 1920، تم تأسيس الحكم السوفيتي في كلا البلدين وفي 1921 أكد المكتب القوقازي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي (البلاشفة) بقراره الصادر في 5 يوليو 1921 على بقاء ناغورني كاراباخ داخل جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفياتية.
وفي عام 1923 مُنح لإقليم ناغورني كاراباخ الذي كان جزءا من أذربيجان، حكما ذاتيا داخل أذربيجان. وأثناء فترة حكم ستالين، عمل على تغيير التجمعات الديموغرافية المنتمية لعرق واحد، واستبدالها وخلطها مع الأعراق الأخرى، ونقل السكان من منطقة لأخرى، كي يخلق شعبا لا ينتمي إلا إلى الأيديولوجية الماركسية.
قام ستالين خلال السنوات 1936- 1938 ما سمي في التاريخ التطهير العظيم أو الذي أودى بحياة ملايين البشر، تحت شعار الثورة المضادة رحلت مجموعات أرمينية لتستقر في إقليم ناغورني كاراباخ، وعند بداية تصدع الاتحاد السوفييتي، قامت المجموعات الأرمينية في الإقليم بإعلان جمهورية أرستاخ واعترفت بها أرمينيا فورا، وقامت بتسليح الناس وبدأت عملية تطهير عرقي واسعة ضد الأذربيجانية.
وفي نهاية عام 1987، أعلنت الجمهورية الأرمنية الاشتراكية السوفياتية عن مطالبتها بأراضي منطقة ناغورني كاراباخ المتمتعة بالحكم الذاتي التابعة لجمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفياتية. عندما انهار الاتحاد السوفيتي، قامت أرمينيا هاجم على أذربيجان مما أدى سيطرة منطقة ناغورني قره باغ والمناطق السبع المجاورة لها.
منذ أواخر الثمانينيات حتى مايو لعام 1994، حدث حرب قرة باغ بين جمهورية أذربيجان والأرمن لقره باغ الذين يلقي الدعم من جمهورية أرمينيا في منطقة كاراباخ في شرق أرمينيا وجنوب غرب أذربيجان.
بعد إعلان إستقالالها أذربيجان من جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفيتية، أغلب من الأرمن في ناغورني قرروا خرج من الأذربيجان، وأعلنوا إستقلالها لجمهورية مرتفعات كاراباخ.
بدأت الحروب واسعة النطاق بين الطرفين في شتاء، عام 1992، حيث قُتِلَ 11,557 جندي أذربيجاني في عملية عسكرية من قبل الأرمن في حدود البلد وفي كاراباخ، في 1991 و 1994.
قامت أرمينيا بسيطرة على الإقليم بحجة أنه أرض أرمينية، حيث تم تشريد ما يقرب من مليون من السكان، الذين أصبحوا لاجئين في بلدهم.
لقد استغلت أرمينيا حالة التفكك والضعف عشية الاستقلال، مدعومة بروسيا، سيطرة سبع مناطق أخرى محاذية للإقليم، تعادل 9% من البلاد، ليصبح مجموع ما اقتطعته أرمينيا من أراضي أذربيجان نحو 20%.
اعتمد مجلس الأمن نتيجة هذا الصراع أربعة قرارات خلال ذروة المواجهات عام 1993. كان أولها القرار 822 بتاريخ 30 إبريل، الذي دعا في فقرته العاملة الأولى إلى انسحاب جميع قوات فورا من منطقة كيلبيدجار والمناطق الأخرى، التي جرى سيطرتها مؤخرا.
ثم اعتمد القرار 853 في يوليو والقرار 874 في أكتوبر، ثم القرار 884 في 12 نوفمبر، الذي أدان انتهاكات أرمينيا لوقف إطلاق النار، واستئناف القتال، سيطرة مناطق جديدة في أذربيجان من بينها مدينة غوراديز ومنطقة زغلان، وطالبها بالانسحاب الفوري. لكن أرمينيا لم تلتزم بهذه القرارات. وفي عام 2006، أقر أرمن الإقليم الوليد دستورا كرسه باعتباره «جمهورية» مستقلة ومنفصلة عن أذربيجان، واختاروا مدينة «إستبانا كريت» عاصمة لهم.
وفي 5 يوليو 2015، أعلنت أذربيجان تمكن قواتها العسكرية من إسقاط طائرتين من دون طيار تابعتين للجيش الأرميني، قالت إنها اكتشفتهما لدى قيامهما بجولات استطلاع فوق المواقع الأذرية بمنطقة.
وفي 2 أبريل 2016، تبادل الجانبان اتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار على خط التماس، مما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا، وهدد باشتعال الحرب بينهما، لكن وزارة الدفاع الأذرية أعلنت لاحقا وقف إطلاق النار من جانب واحد، مهددة بالرد في حال تعرض قواتها للهجوم مجددا.
عززت علاقتها بتركيا والولايات المتحدة لتحديث قدراتها العسكرية والحصول على أسلحة متطورة.
تشعر أذربيجان الآن بأنها قادرة على استعادة أرضها، بعد أن بنت جيشا حديثا ومتطورا ومسلحا بطريقة متينة يشرف على تدريبه ضباط أتراك وقد خصصت ميزانية كبيرة للجيش، وأعدت البلاد كلها لمواجهة.
وفي 27 سبتمبر 2020، لاحت نذر الحرب بين أذربيجان وأرمينيا مع اندلاع جولة عنيفة من التصعيد العسكري في الإقليم، حيث سقط قتلى وجرحى من الجانبين، وأعلن الأرمن حالة الحرب والتعبئة العامة بالإقليم. وبدأ الجيش الاذري يسترجع بعض القرى والمناطق.
وبعد اندلاع الحرب، نشرت وزارة الدفاع الأذرية مشاهد توثّق ما قالت إنه تدمير أهداف للجيش الأرميني وقد شارك سلجوق بيرقدار رائد مشروع الطائرات المسيرة في تركيا مقطع فيديو للضربات الجوية مرفقا إياه بوسم «أذربيجان».
المشهد الأخير في ناغورني كاراباخ
ومنذ أمس، اشتعل الصراع مرة أخرى في إقليم ناغورني كاراباخ، ذي الغالبية الأرمينية في قلب أذربيجان، ويبدو أن الأخيرة عازمة هذه المرة على إخضاع الإقليم، مع تصريحها بأنه يجب حل السلطات الانفصالية.
أطلقت أذربيجان في وقت سابق من أمس الثلاثاء عمليات قالت إنها "ضد الإرهاب" في ناغورني كاراباخ، جاء ذلك بعد أن قتل 6 من مواطنيها في انفجار لغمين في حادثين منفصلين.
ويبدو أن نطاق العمليات أكبر بكثير مما هو معلن من جانب أذربيجان، إذ قالت أرمينيا إن ما يحدث "عدوان شامل"، ودعت القوات الروسية الموجودة بصفة قوات حفظ سلام في المنطقة إلى وقفه.
وفي وقت لاحق، ذكرت باكو أنه يجب حل كل السلطات الأرمينية الانفصالية في الإقليم.
أبرز المواقف الدولية لتهدئة الصراع
الاتحاد الأوروبي ندد بالتدخلات الخارجية في إقليم ناغورني كاراباخ.
الأمم المتحدة دعت لوقف المعارك فورا.
الولايات المتحدة أكدت ضرورة وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات.
روسيا ناشدت كل الأطراف وخاصة المتنازعيَن لضبط النفس.
الصين دعت للحوار السياسي لحل الخلافات.
تركيا أكدت وقوفها إلى جانب أذربيجان في النزاع.
السعودية دعت لوقف إطلاق النار والتوجه للطرق السلمية
الرئاسة الأذربيجانية تؤكد إجراء مفاوضات الخميس بشأن إعادة دمج كاراباخ مع أذربيجان
أفادت تقارير إعلامية بأن الأرمن في إقليم ناغورني كراباخ وافقوا على شروط أذربيجان بنزع سلاحهم لوقف العملية العسكرية.
فقد ذكرت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء أن الانفصاليين الأرمن في ناغورني كراباخ وافقوا على شروط وقف لإطلاق النار اقترحته قوات حفظ السلام الروسية بعد تعرضهم لسلسلة انتكاسات في أرض المعركة على يد جيش أذربيجان.
وسيبدأ مفعول وقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة التاسعة صباحا بتوقيت غرينتش اليوم الأربعاء، على أن تعقد محادثات الخميس بشأن إعادة الدمج مع أذربيجان.
وفي وقت لاحق، أكدت الرئاسة الأذربيجانية إجراء مفاوضات الخميس بشأن إعادة دمج إقليم ناغورني كراباخ مع أذربيجان.
كذلك أكدت وزارة الدفاع في أذربيجان، اليوم الأربعاء، أنها توصلت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار معقوات عرقية الأرمن في منطقة ناجورني كراباخ.
وقالت الوزارة إن قوات الأرمن في المنقطة الجبلية وافقت على"إلقاء أسلحتها والتخلي عن المواقع القتالية والمواقع العسكرية ونزع سلاحها بالكامل"، وإنه يجري تسليم جميع الأسلحة والمعدات الثقيلة إلى جيش أذربيجان.
من جهته، أعلن رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، اليوم الأربعاء، أن يريفان لم تشارك في صياغة اتفاق وقف إطلاق النار في ناغورني كراباخ.
وتأتي هذه التطورات بعد أنباء من يريفان عن مقتل 32 وسقوط أكثر من 200 جريح في العملية العسكرية الأذرية في ناغورني كراباخ.
وكان القتال في إقليم ناغورني كراباخ تواصل، اليوم الأربعاء، لليوم الثاني على التوالي، حيث هزت انفجارات عنيفة عددا من مناطق الإقليم، بعد يوم من استخدام القوات الأذرية نيران المدفعية الثقيلة لقصف مواقع أرمينية في الإقليم الانفصالي.
ووصفت أذربيجان القصف المدفعي بأنه "عملية لمكافحة الإرهاب"، مؤكدة استمراره إلى أن تعلن حكومة ناغورني كراباخ الانفصالية حل نفسها وتسلم "التشكيلات العسكرية الأرمينية غير الشرعية" أسلحتها.
كما أعلن الجيش الأذري أن القصف استهدف المواقع العسكرية فقط، لكن مقاطع مصورة أظهرت دمارا كبيرا في شوارع العاصمة الإقليمية ستيباناكيرت، حيث تحطمت نوافذ المتاجر وأحدثت الشظايا أضرارا في المركبات.
وتردد دوي الانفجارات في أنحاء ستيباناكيرت صباح الأربعاء، مع وقوع بعض الانفجارات على مسافة بعيدة وأخرى أقرب إلى المدينة.
وأثار القصف المدفعي مخاوف من احتمال استئناف حرب واسعة النطاق في المنطقة بين أذربيجان وأرمينيا، اللتين تخوضان صراعا للسيطرة على إقليم ناغورني كراباخ الجبلي منذ أكثر من ثلاثة عقود.
واستمر آخر قتال عنيف بين البلدين نحو 6 أسابيع عام 2020.
وأعلنت وزارة الدفاع الأذرية بدء العملية العسكرية بعد ساعات من إعلانها مقتل أربعة جنود ومدنيين اثنين في انفجار لغم أرضي في ناغورني كراباخ.
ولم تقدم الوزارة تفاصيل على الفور، لكنها قالت إنه تم تعطيل مواقع القوات الأرمينية في الخطوط الأمامية والمعدات العسكرية "باستخدام أسلحة عالية الدقة"، وأن الأهداف العسكرية المشروعة فقط هي التي تتعرض للهجوم.