القمة السورية الصينية.. أبعاد سياسية ومكاسب اقتصادية "تفاصيل"
تُطلق الزيارة التي يجريها رئيس النظام السوري إلى الصين، تساؤلات بشأن الدلالات المرتبطة بهذه الخطوة الأولى من نوعها منذ 19 عاما، والنتائج التي قد تتمخض عنها، إن كانت لصالح دمشق أو بكيّن.
ومن المقرر حسب الرواية الرسمية أن يجري الأسد ونظيره الصيني، شي جين بينغ، قمة مشتركة، وستشمل زيارته مع زوجته أسماء عددا من اللقاءات والفعاليات في مدينة خانجو والعاصمة بكين.
ويرافقه في الزيارة وفد سياسي واقتصادي، مكون من وزير الخارجية ومعاونه ووزير الاقتصاد ومستشارة الرئاسة، بثينة شعبان، ولونا الشبل، وسفير سوريا في الصين، محمد حسنين خدام.
حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية
وتستضيف مدينة خانجو الصينية دورة الألعاب الآسيوية، حيث يقام حفل الافتتاح في 23 من سبتمبر الحالي، ووفق مصادر فإن الأسد سيحضر حفل افتتاح الألعاب الآسيوية.
وتعد هذه أول زيارة للأسد إلى الصين منذ عام 2004، وتأتي في وقت يعجز النظام السوري وحكومته عن تقديم أية حلول لوقف تداعيات الأزمة المعيشية التي تضرب البلاد منذ سنوات طويلة، فيما استعرت على نحو أكبر خلال الشهرين الماضيين، ما أسفر عن احتجاجات شعبية، ما تزال متواصلة في محافظة السويداء.
كما تأتي خطوة الأسد بينما يتواصل الخناق الذي تفرضه الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية عليه، لدفعه للانخراط في مسارات الحل السياسي، وأبرزها القرار الذي أصدره مجلس الأمن في عام 2015، ويضمن انتقالا سلميا للسلطة.
أبرز الدول الغير عربية التي زارها بشار الأسد
والصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد خلال سنوات النزاع المستمر في بلاده منذ العام 2011، بعد روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق، حيث تقدمان لها دعماً اقتصادياً وعسكرياً غيّر ميزان الحرب لصالحها.
وتندرج هذه الزيارة في إطار عودة الأسد تدريجيا منذ أكثر من سنة إلى الساحة الدولية بعد عزلة فرضها عليه الغرب خصوصا بسبب قمعه الحركة الاحتجاجية في بلاده التي تطورت إلى نزاع مدمر.
وبذلك، يُصبح الأسد آخر رئيس دولة، تُعدّ معزولة على نطاق واسع، تستضيفه الصين العام الحالي بعد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، والإيراني إبراهيم رئيسي. كما استضافت الصين عددا من المسؤولين الروس.
"مستوى جديد" من العلاقات
ومن جانبها، اعتبرت الصين أن الزيارة التي بدأها الرئيس السوري، تشكّل فرصة لدفع العلاقات بين دمشق وبكين الى "مستوى جديد".
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ "نرى بأن زيارة الرئيس بشار الأسد ستعمّق الثقة السياسية المتبادلة والتعاون في مجالات مختلفة بين البلدين، بما يدفع العلاقات الثنائية الى مستوى جديد".
وتعد الصين من أبرز الدول التي حافظت على علاقتها مع النظام السوري، ودعمته سياسيا واقتصاديا وإنسانيا منذ انطلاق الثورة السورية، لكن على نحو أقل وغير معلن كما هو الحال بالنسبة للدور الخاص بروسيا وإيران.
ولعبت أيضًا دورا نشطا من حيث التحركات الدبلوماسية في سوريا، إذ شاركت في عملية "أستانة"، وأعاقت قرارات مجلس الأمن المتعلقة بسوريا، لتأكد موقفها الداعم لدمشق، مستخدمة حق النقض "الفيتو" لأكثر من مرة في مجلس الأمن، ضد قرارات اعتبرت على أنها ضربة لـ"شرعية الأسد".
وفي سبتمبر 2017، كان النظام السوري قد صنّف الصين، إلى جانب روسيا وإيران، "بالحكومات الصديقة" التي ستمنح الأولوية لمشاريع إعادة الإعمار.
بعد ذلك أظهرت بكين بعض الاهتمام، وحضرت أكثر من ألف شركة صينية المعرض التجاري الأول حول مشاريع إعادة الإعمار السورية في بكين، بينما تعهدت باستثمارات بقيمة ملياري دولار.
كما حضرت 200 شركة أخرى معرض دمشق التجاري الدولي 2018، وكان هناك أيضا بعض الاستثمار المحدود في قطاع السيارات السوري، بينما وافقت بكين على إرسال مساعدات بقيمة 16 مليار دولار، بما في ذلك 150 ألف جرعة لقاح سينوفارم Covid-19.
مبادرة الحزام والطريق
وفي يناير من عام 2022 وقعت حكومة النظام السوري على اتفاقية الانضمام إلى مبادرة "الحزام والطريق"، والتي تعمل بكين من خلالها على توسيع نفوذها في المناطق النامية من خلال مشاريع البنية التحتية.
وتشمل هذه المصلحة "التضامن الدبلوماسي لتحمل الضغوط الجوية، والعلاقات الاقتصادية لتحل محل تجارتهما المتناقصة (بالنسبة للصين) أو التي لا تذكر (بالنسبة لسوريا) مع الولايات المتحدة وأوروبا وحلفاء الغرب".
وفي غضون ذلك "يسعى الأسد إلى الشرعية والمساعدة في إعادة بناء البنية التحتية والتعويض عن الاعتماد على إيران وروسيا".
دلالات سياسية
ورغم الدعم الذي قدمته روسيا وإيران للنظام السوري، وصولا إلى اتجاه الدول العربية مؤخرا لفتح أبواب التطبيع أمامه، إلا أن العزلة السياسية التي تفرضها الدول الغربية والولايات المتحدة الأمري كية ما تزال على حالها.
وتعرض النظام السوري خلال السنوات الماضية لسلسلة عقوبات، فيما تقول الدول الغربية إنها تهدف إلى إجباره في الانخراط بمسارات الحل السياسي.
الاقتصاد السوري
ولا يختلف الواقع الاقتصادي كثيرا عن السياسة، إذ بات النظام السوري بعد 12 عاما من الحرب في أسوأ حالاته الاقتصادية، في ظل تدهور كبير لسعر صرف الليرة السورية، وما يرافق ذلك من ارتفاع مستويات التضخم، ودمار معظم البنى التحتية اللازمة للإنتاج.
وتعتبر سوريا إحدى النقاط الساخنة التي تعيق تحقيق السلام في الشرق الأوسط.