مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

السوداني: قادرون على فرضِ إرادة الدستور وحماية الترابِ العراقي من كل إساءة

نشر
الأمصار

أكد رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء، القدرة على فرضِ إرادة الدستور وحماية الترابِ العراقي من كل إساءة، فيما أشار إلى أن الرئيس طالباني رجل قارع الدكتاتورية وواجه البعث الصدّامي بكل شجاعة وإيمان وصبر.

وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في نص كلمته خلال حفل تأبين الرئيس الراحل جلال طالباني:

قبلَ ستةِ أعوام، رَحَلَ عنّا مُناضلٌ صُلب، وإنسانٌ كبيرُ المعنى والأثر، صاحبُ نفسٍ عراقيةٍ كرديةٍ معطاءة، وضميرٍ استوعبَ تنوّعَ مجتمعِنا وحاجتَهُ إلى التآلفِ والأخوة، مثلَ الحاجةِ لبناءِ المؤسساتِ الدستورية وترسيخِ العراقِ المتعددِ الديمقراطي الاتحادي.

السوداني

رجلٌ قارعَ الدكتاتورية، وواجهَ البعثَ الصدّاميَّ بكلِّ شجاعةٍ وإيمانٍ وصبر، واعتنق فكرةَ أنَّ العراقَ بعرَبِه وكُردهِ، بالتركمانِ والآشوريين، وبمسلميهِ ومسيحييهِ وصابئتِه، بالإيزيديينَ والكاكائيينَ والشبك، بكلِّ ما فيهِ من تنوّع، لا تحكمهُ عائلةٌ أو حزبٌ أو فرد، عراقٌ كانَ يحَلُمُ به، وكرّسَ حياتهُ من أجله،  فإلى روحِ مام جلال طالباني ولذكراهُ أجملُ كلماتِ الوفاءِ والرحمة. 

أسهمَ الراحلُ الكبير، في وضعِ أسسِ العراقِ الجديد، الدستوري التعددي، وبذلَ من جهدهِ وذاتهِ المتفانيةِ الكثيرَ مما نقطفُ ثمارهُ اليوم.

تواصلتِ العمليةُ السياسية، وتوالتِ الانتخاباتُ الحرّة، وجرى التداولُ السلميُّ للسلطةِ والمسؤولية، وباتتِ الأجيالُ تتعاقب، يدٌ تُسندُ أخرى من أجلِ المضي إلى الأمام، كلُّ هذا حصلَ بفعلِ تضحياتٍ لا نظيرَ لها، قدّمتها أجيالٌ من المُناضلين والمُجاهدين العراقيين، ومواقفَ مشرّفةٍ وطنيةٍ ناصعة، ركنَ إليها رجالٌ من عيّنةِ مام جلال، في منعطفاتٍ تاريخيةٍ صعبةٍ من مسيرةِ شعبِنا العراقيّ.

حرصَ الراحلُ الكبير، على غرسِ لغةِ الحوارِ بين أبناءِ البيتِ العراقي بجميعِ وِجهاتِه، وأنْ تزدانَ كلُّ الخلافات، مهمها كَثرت تفاصيلُها، بوافرٍ من إرادةِ الإصغاءِ لبعضِنا البعض، والاعتصامِ بحبلِ الأخوّة. 

وإني على ثقة، بأنَّ كلَّ المشاكلِ التي قد تظهرُ بين ثنايا الظروفِ والتحدياتِ الراهنة، التي يواجهُها إقليمُ كردستان العراق، مثلما تواجهُها باقي أنحاءِ بلادِنا، من الممكنِ حلّها عبرَ روحِ التسامي، والعملِ على تغليبِ مصلحةِ شعبِنا، فالحوارُ الذي ندعو لهُ دائما هو السبيلُ نحوَ استدامةِ الاستقرارِ الذي نريدهُ للإقليمِ والذي ينعكسُ بالضرورةِ على استقرارِ العراق.

نحن اليوم، بفضلٍ من اللهِ سبحانَه، وبفضلِ تضحياتِ شهداءِ العراق، وبفضلِ حكمةِ رجالٍ ذوي رؤيةٍ عابرةٍ على المصالحِ الضيقة، ننعمُ باستقلاليةِ القرارِ الوطني، ووحدةِ صفوفِ شعبِنا، الأمرُ الذي مكّننَا من هزيمةِ الإرهاب، وحمايةِ أرضِنا، وقادرون، بكلِّ تأكيد، على فرضِ إرادةِ الدستور، وحمايةِ الترابِ العراقيِّ من كلِّ إساءة، وصيانةِ سيادته، التزاماً وطنياً مسؤولاً لا نَحيدُ عنه، في الوقتِ الذي نرفضُ فيه كذلك، المساسَ بسيادةِ الدولِ الأخرى أو الاعتداءِ عليها، انطلاقاً من أراضينا، نجددُ التأكيدَ على مدِّ اليدِ لجميعِ الأشقاءِ والأصدقاءِ لإقامةِ أفضلِ العلاقات، فإننا في هذهِ الحكومة، التي تقتربُ من إكمالِ عامِها الأول، نؤمنُ بعلاقاتٍ خارجيةٍ مبنيةٍ على التواصلِ مع الأمم، باختلافِ آفاقِها، انطلاقاً من مصالحِنا الوطنيةِ العليا، وهذهِ الرؤيةُ تتكاملُ مع خططِنا المدروسةِ التي ترتكزُ على أولوياتٍ رسمناها ووضعناها انسجاماً مع تطلعاتِ شعبِنا الذي يستحقُّ العملَ ليلَ نهار، من أجلِ أنْ يتلمّسَ التغييرَ الذي ينشدهُ في ميادينِ الخدماتِ والإصلاحِ الاقتصادي ومكافحةِ الفساد.

ولا يقتصرُ اعتزازُنا اليوم، بذكرى الراحلِ الكبير، على سيرتهِ ومحطاتِ حياتهِ النضالية الثرية، بل يتعدّاهُ إلى ما تركهُ من إرثٍ فاعل، المتمثلِ بالاتحادِ الوطني الكردستاني، الذي يواصلُ العملَ والعطاء؛ لأجلِ الحفاظِ على المكتسباتِ الوطنيةِ والدستوريةِ التي تحققت، ونستثمرُ هذا الجمعَ لتقديمِ التهنئةِ إلى السيد بافل طالباني بمناسبةِ انتخابهِ رئيساً للاتحاد، وكذلك التهنئةُ لكلِّ قيادتهِ وأعضائهِ ومحبيه، ونأملُ لهمُ الاستمرارَ بالعملِ الوطني بذاتِ الروحيةِ والمنطلقاتِ التي أسسَ لها صاحبُ الذكرى.

الرحمةُ والمغفرةُ للفقيدِ الكبير، والمجدُ والرفعةُ لشهداءِ الاتحادِ الوطني الكردستاني، وكلِّ شهداءِ الحركةِ الوطنيةِ الكردية، ولجميعِ شهداءِ العراقِ العزيزِ الواحد.