بعد الاشتباكات المسلحة أمس.. الصراع بين أرمينيا وأذربيجان إلى أين؟
شهدت الحدود الأرمينية الأذربيجانية، صباح أمس الأربعاء، اشتباكات مسلحة بين قوات الطرفين، وأعلنت أرمينيا مقتل 3 وإصابة 4 من قواتها، بينما قالت أذربيجان أن الحادث أدى إلى إصابة 2 من قواتها، وتعد الاشتباكات الأخيرة اختراقا لهدنة عقدت بين الطرفين بوساطة روسية والجدير بالذكر أن الحرب بين أرمينيا وأذربيجان تدور حول إقليم “ناغورنو كاراباخ”.
وقالت وزارة الخارجية الأرمينية، إن أرمينيا هي التي تعرقل التنفيذ الكامل للبيانات الصادرة عن الاتفاق الثلاثي مع رئيس روسيا لوقف إطلاق النار، مضيفة أنه بعد شهر من توقيع البيان انتهكت القوات المسلحة الأذربيجانية أحكامه الأولى التي بموجبها يجب أن تبقى الأطراف في مواقعها وشنت هجوماً على قريتي هين تاغير وختسابيرد في منطقة هادروت نتيجة لذلك وتم احتلال هذه المناطق وقتل وأسر الجنود الأرمن
وتابعت: لم تلتزم أذربيجان بالبند الثامن من بيان 9 نوفمبر، الذي يكرس تبادل أسرى الحرب والرهائن وغيرهم من المعتقلين، فيما تتم محاكمة أسرى الحرب الأرمن وهو ما يعد أيضاً انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي.
وأوضحت الوزارة، أن القوات الأذربيجانية تسللت إلى أرمينيا من الأراضي التي سيطرت عليها أذربيجان بعد تنفيذ بيان 9 نوفمبر، مشيرة إلى أن أذربيجان أصدرت تصريحات تنكر فيها أن ناغورنو كاراباغ كيان إقليمي وهو ما ينتهك بدوره البند 7 من البيان، حيث اتفقت الأطراف، بما في ذلك أذربيجان، على مصطلح “ناجورنو كاراباغ” والمناطق المجاورة.
وكانت قد اندلعت اشتباكات بين أذربيجان وأرمينيا في 27 سبتمبر الماضي وتوقفت في 10 نوفمبر برعاية روسيا.
إقليم ناغورنو كاراباخ
كلمة “ناغورنو” باللغة الروسية تعني مرتفعات، بينما تعني” كراباخ “الحديقة السوداء باللغة الآذرية، ويفضل أبناء عرقية الأرمن استخدام الاسم الأرميني القديم للمنطقة “أرتساخ”،
تقع منطقة ناغورنو كاراباخ داخل الأراضي الأذربيجانية وتسكنها أغلبية أرمينية، وفي عام 1988 وقرب نهاية الحكم السوفيتي دخلت القوات الأذربيجانية والانفصاليون الأرمن في حرب دموية انتهت بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار وهدنة عام 1994، غير أن المفاوضات فشلت في أن تقود للتوصل إلى معاهدة سلام دائم حتى هذه اللحظة، وتعود جذور الصراع إلى أكثر من قرن مضى، حين كانت المنطقة مسرحاً للتنافس على النفوذ بين الأرمن والترك والفرس.
وسكن المنطقة لقرون مسيحيون أرمن وأذريون ترك، وأصبحت جزءاً من الإمبراطورية الروسية في القرن 19، وعاش سكانها في سلام نسبي، على الرغم من أن بعض أعمال العنف الوحشية التي ارتكبتها عناصر من الجانبين في أوائل القرن العشرين ما تزال عالقة في ذاكرة أبنائها.
مع تراجع القبضة السوفيتية في أواخر ثمانينات القرن الماضي، تطورت الخلافات بين الأرمن والأذريين إلى أعمال عنف بعد تصويت برلمان المنطقة لصالح الانضمام لأرمينيا، وتشير التقديرات إلى أن الصراع أسفر عن مقتل ما بين 20 ألفاً إلى 30 ألف شخص، ونزوح نحو مليون شخص.
ومع انهيار الاتحاد السوفيتي أواخر عام 1991، أعلنت كراباخ نفسها جمهورية مستقلة، مما أدى إلى تصاعد الصراع وتحوله إلى حرب شاملة، ولم يتم الاعتراف بدولة “الأمر الواقع” من الخارج، حتى من جانب أرمينيا ذاتها.
وعلى الرغم من أن أرمينيا لم تعترف رسمياً باستقلال المنطقة، فقد ظلت الداعم المالي والعسكري الرئيسي لها
وتم التوقيع على وقف لإطلاق النار بوساطة روسية عام 1994، لتصبح كاراباخ ومساحات من الأراضي الأذرية في هذا الجيب تحت السيطرة الأرمينية.
ومنذ التوصل للهدنة، تسير الأمور في طريق مسدود ما بين الأذريين الذين يشعرون بالمرارة لخسارتهم أرضاً يرونها حقاً لهم، والأرمن الذين لا يبدون أي استعداد للتخلي عنها.
وتتولى روسيا وفرنسا والولايات المتحدة رئاسة ما يعرف بمجموعة مينسك -ضمن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا- والتي تبذل مساعي للتوسط من أجل وضع حد للنزاع.
وخلال الاستفتاء الذي أجراه الإقليم في ديسمبر 2006 واعتبرته أذربيجان غير شرعي، أقرت المنطقة دستوراً جديداً.
وكانت بعض بوادر التقدم تظهر من حين لآخر خلال لقاءات متقطعة بين رئيسي أذربيجان وأرمينيا.
فقد أُحرز تقدم ملحوظ قد خلال المحادثات بين الزعيمين عام 2009، إلا أنه لم يستمر، ووقعت منذ ذلك الحين انتهاكات عدة خطيرة للهدنة، كان من أبرزها مقتل عشرات الجنود من الجانبين في أعمال عدائية متبادلة في إبريل2016.
الصراع التركي الروسي في كاراباخ
تزايد الصراع تعقيداً، إذ إن تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي “الناتو” كانت أول دولة تعترف باستقلال أذربيجان عام 1991. وقد سبق ووصف رئيس أذربيجان السابق” حيدر علييف” البلدين تركيا وأذربيجان بأنهما ” بلد واحد في دولتين”. وتجمع البلدين صلات ثقافية واجتماعية، كما تعهد الرئيس “رجب طيب إردوغان” بدعم بلاده بأذربيجان، كما أن تركيا ليست لديها علاقات رسمية بأرمينيا، وقد أغلقت حدودها معها عام 1993 دعماً لأذربيجان خلال الحرب بشأن ناغورنو كاراباخ.
في حين تحتفظ أرمينيا بعلاقات جيدة مع روسيا. وتوجد فيها قاعدة روسية، والبلدان عضوان في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، أو ما يعرف بحلف طشقند الذي يضم عدد من الدول المستقلة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي/ وفي الوقت نفسه، يتمتع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعلاقات جيدة مع أذربيجان. وقد دعت موسكو إلى هدنة بين الجانبين.