الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يشتعل.. حماس تضرب بقوة ونتنياهو يتوعد بالرد
اشتعل "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، بعدما شنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، صباح السبت 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، هجومًا قويًا غير مسبوق على إسرائيل جوًا وبحرًا وبرًا، أسفر عن مقتل 900 قتيل و2500 جريح إسرائيلي.
وبدأ هجوم "حماس" القوي، نحو الساعة السادسة والنصف صباح السبت (التوقيت المحلي)، بإطلاق عدد كبير من الصواريخ على جنوب إسرائيل تسبب في دوي صفارات الإنذار، وأشارت حماس إلى أنها أطلقت نحو خمسة آلاف صاروخ، في حين قالت مصادر إسرائيلية إن العدد لا يتجاوز 2500 صاروخ، ولم يكن الهدف الرئيس من الهجوم الصاروخي للحركة، كما بدا لاحقًا، إلا التغطية على هجوم أوسع وأكثر تعقيدًا، نجح من خلاله نحو ألف مقاتل من مقاتلي حركة حماس، وحركات أخرى متحالفة معها، في اجتياز الحواجز الأمنية إلى داخل الأراضي والمستوطنات الإسرائيلية عبر الجو والبحر والبر، في فشل أمني واستخباراتي واسع لم تشهده إسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973.
وخلال الساعات الأولى للهجوم سيطر مقاتلو حماس سيطرة كاملة على بلدات ومستوطنات إسرائيلية، كما تمكنوا من اقتحام معبر "إيرتز" شمال غزة، وقتل وأسر عدد كبير من الجنود الإسرائيليين.
تصريحات نتنياهو
وردًا على هجوم حماس، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مقطع مصور، أن "إسرائيل في حالة حرب"، وأن "حماس شنت هجوما قاتلا مفاجئا على دولة إسرائيل ومواطنيها"، متوعدا ما سماه "العدو" بـ "دفع ثمن باهظ غير مسبوق".
وشنت القوات الإسرائيلية غارات جوية وهجمات بالصواريخ على مناطق متفرقة داخل قطاع غزة، في عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "السيوف الحديدية"، ردا على عملية "طوفان الأقصى"، التي شنتها حماس.
وأسفر القصف الإسرائيلي المتواصل عن مقتل قراية 500 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، فضلا عن إصابة نحو 2750 آخرين، طبقا للمصادر الطبية الفلسطينية.
ويخشى الفلسطينيون أن يحاول نتنياهو تعويض خسائره العسكرية من خلال استهداف عشوائي لقطاع غزة، يتسبب في سقوط آلاف القتلى المدنيين.
وفي تسجيل صوتي صدر بالتزامن مع بدء الهجوم العسكري، قال قائد كتائب القسام، محمد الضيف، إن هجوم حماس جاء ردا على "الاعتداءات اليومية على المسجد الأقصى" من قبل الإسرائيليين، مردفا أنهم "تجرأوا على سب نبينا داخل باحات المسجد الأقصى ومزقوا المصاحف ودخلوا بالكلاب إلى المساجد".
وأشار الضيف إلى ما وصفه بـ "الاعتداءات المتواصلة التي تمارسها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في ظل عربدته وتنكره للقوانين والقرارات الدولية وفي ظل الدعم الأمريكي والغربي والصمت الدولي، قررنا وضع حد لكل ذلك بعون الله ليفهم العدو أنه قد انتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسب".
وفي كلمة مصورة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، عقب الهجوم، قال هنية: "حذرناهم وحذرنا كل العالم بأننا لن نسكت عما يجري في القدس والمسجد الأقصى حتى لو صمت الجميع".
وأضاف هنية: "أكثر من 6 آلاف من أسرانا يقبعون في سجون الاحتلال تحت التعذيب والتنكيل".
كما خاطب هنية الدول التي تطبع مع إسرائيل قائلا: "انظروا إلى هذا الكيان، إنه عاجز عن حماية نفسه، فكيف يحميكم".
ويرى الفلسطينيون أن هجوم "طوفان الأقصى" وضع قواعد جديدة لشكل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وخلق ما يسميه قادة حماس "توازن الرعب" بين الطرفين.
الهجوم الفلسطيني المباغت والواسع وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وحكومته في مأزق كبير أمام الرأي العام الإسرائيلي والعالم.
فلم يسبق أن تعرضت إسرائيل إلى هجوم بهذا الشكل وبهذه الكيفية، فكل الحروب التي خاضتها الجيوش العربية ضد إسرائيل جرت على أراضٍ عربية. أما هذه المرة فهاجمت حماس البلدات والمستوطنات الإسرائيلية، أي أراضٍ إسرائيلية، طبقا لـ "التعريف والمفهوم الإسرائيلي".
كذلك لم يسبق لأي فصيل فلسطيني منذ إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 وحتى صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن نجح في تنفيذ هجوم منظم بهذه الكيفية، وقتل هذا العدد من الجنود الإسرائيليين وأخذ أسرى عسكريين بهذا العدد.
وطاف مقاتلو حماس داخل قطاع غزة بعربات عسكرية إسرائيلية حصلوا عليها خلال الهجوم.
وطالما قدم نتنياهو حكومته، أكثر حكومة يمينية في تاريخ إسرائيل، على أنها الحكومة القادرة على توفير الأمن للإسرائيليين وقمع حركات المقاومة الفلسطينية.
"المواقف الدولية والعربية"
وأثار هجوم حماس ردود فعل دولية وإقليمية، واتسمت غالبية الردود الغربية بدعم واضح لإسرائيل.
ففي تعليقه على الهجوم، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدان، إنه "ليس هناك أي مبرر على الإطلاق للأعمال الإرهابية". وأضاف أن "دعم الولايات المتحدة لأمن إسرائيل قوي للغاية ولا يتزعزع". وأن "من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها وعن شعبها".
في المقابل، دعت وزارة الخارجية الصينية جميع الأطراف المعنيين إلى التزام الهدوء وممارسة ضبط النفس ووقف إطلاق النار فورا، وحماية المدنيين ومنع تدهور الوضع أكثر.
وأضافت بكين أن الاشتباكات المتكررة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تظهر أن "الركود طويل الأمد في عملية السلام غير قابل للاستمرار"، وأن "الطريق الأساسي للخروج من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يكمن في تنفيذ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة".
كذلك دعت القاهرة إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب تعريض المدنيين للمزيد من المخاطر، محذرةً من تداعيات خطيرة نتيجة تصاعد حدة العنف، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلبا على مستقبل جهود التهدئة".
كما حثت الخارجية المصرية إسرائيل على "وقف الاعتداءات والأعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطيني، والالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بمسئوليات الدولة القائمة بالاحتلال".
وفي السياق ذاته، دعت وزارة الخارجية السعودية إلى "الوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين، وحماية المدنيين، وضبط النفس". وذكًّرت الخارجية السعودية، في بيان، بـ "مخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته" .
أما إيران، فأكدت دعهما للهجوم الذي شنته حركة حماس. وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، أن "عملية طوفان الأقصى فتحت صفحة جديدة في المقاومة والعمليات المسلحة ضد المحتلين في الأراضي المحتلة".
كما وصف حزب الله اللبناني هجوم حماس بـ "العملية البطولية واسعة النطاق".
وأضاف الحزب، في بيان، أن "العملية تأكيد جديد على أن إرادة الشعب الفلسطيني، وبندقية المقاومة هي الخيار الوحيد في مواجهة العدوان والاحتلال".
وشهدت مدينة إسطنبول التركية مظاهرات شارك في الآلاف حملوا خلالها الأعلام الفلسطينية.
ويعيش الفلسطينيون في غزة أوضاعًا صعبة للغاية، في ظل حصار شبه كامل مفروض على القطاع مُنذ سنوات.